بروفايل| محمد حسنين هيكل.. كَبِيرُهُمْ الذى...
الصحفى الذى آمن طوال عمره بأن هناك «خيطاً رفيعاً يفصل بين الصحافة والسياسة»، لم يتخل عن مكانه فى مراقبة السياسيين والاقتراب منهم هو نفسه الذى عاصر ملكين و7 رؤساء جمهورية
فى عام 1995 أثناء أزمة قانون الصحافة الشهير أرسل الكاتب والصحفى الأشهر محمد حسنين هيكل رسالة لمجلس نقابة الصحفيين ينتقد فيها القانون بقوله «إن القانون تعبير عن أزمة سلطة شاخت فوق مقاعدها»، قانون رآه هيكل معيباً، على الأقل لأنه صادر عن سلطة كانت وقتها لم تتجاوز عامها الخامس عشر فى الحكم، ورغم ذلك رآها هيكل «شاخت فوق مقاعدها»، كان هيكل عندئذ قد تجاوز السبعين من عمره، يصدر الكتب الشهيرة بالاتفاق مع دار نشر أجنبية، وفى الوقت نفسه يكتب مقالات فى الصحف العربية والأجنبية دون انتظام».
الصحفى الذى آمن طوال عمره بأن هناك «خيطاً رفيعاً يفصل بين الصحافة والسياسة»، لم يتخل عن مكانه فى مراقبة السياسيين، والاقتراب منهم، هو نفسه الذى عاصر ملكين و7 رؤساء جمهورية، وباستثناء الملك فؤاد الذى وُلد هيكل فى عهده، فإنه كتب عن كل الحكام الآخرين، واقترب منهم جميعاً، وفيما عدا الملك فاروق، ارتبط هيكل بعلاقات صداقة مع رؤساء مصر منذ ثورة يوليو 1952 حتى الآن، أرّخها كلها فى يومياته التى كان يدوّنها بشكل منتظم، بالإضافة إلى تأريخ من نوع آخر تمثل فى مئات الآلاف من الوثائق والمستندات، التى كان هيكل يطلع عليها بحكم اقترابه من السلطة منذ خمسينات القرن الماضى وما قبلها، الأمر الذى مكّنه من أن يصبح محللاً سياسياً من طراز رفيع، يقبل بعض الناس على تحليلاته، فيما يعطيه البعض الآخر ظهره، مبدياً دهشته من الرجل الذى جاوز التسعين عاماً، ومع ذلك لا يزال يحتفظ بذهنه حاضراً. ورغم أن الكاتب المولود فى القاهرة عام 1923، سبق أن استأذن فى الانصراف فى عام 2003، من جماهيره العريضة فى مصر والعالمين العربى والخارجى، فإن الناس فوجئوا به يطل عليهم من قناة الجزيرة الفضائية ضيفاً دائماً لبرنامج أسبوعى يستعرض فيه تاريخه ويحلل الأحداث الجارية، ومن الجزيرة إلى شاشات الفضائيات المصرية التى هبط إليها بعد ثورة 25 يناير، مواصلاً تحليلاته وحديثه عن ذكرياته، دون أن يكترث بما يدور فى أذهان الناس عنه، وعن مبرر بقائه حتى هذه اللحظة، ورغم أنه صرح مؤخراً «على العواجيز أن يمتنعوا عن المشهد وأنا أولهم»، فإنه استدرك بسرعة «كل من جاوز السبعين يجب أن يصبح له دور استشارى».
أكثر من سبعين عاماً قضاها هيكل صحفياً، يطارد الأخبار ويعد التحقيقات ويكتب المقالات، حتى رأس تحرير جريدة الأهرام العريقة لما يقرب من 17 عاماً، اقترب خلالها من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، فصاغ له جميع خطاباته بما فيها خطاب التنحى، ويتفرغ عقب رحيل عبدالناصر للأهرام، ويواصل العمل مع الرئيس الجديد أنور السادات، فيحرر له خطاباته، ويكتب بنفسه التوجيه العسكرى لحرب أكتوبر، قبل أن يختلف معه فيخرجه الرئيس من الأهرام، ثم يزج به فى السجن فيما عُرف باعتقالات سبتمبر عام 1981. بعد اغتيال السادات يروى هيكل أن الرئيس الجديد مبارك أرسل إليه دعوة للإفطار معه، وكان رأيه حينها أنه لا يريد علاقة وثيقة مع رئيس آخر فى مصر وأنه فقط يريد الاحتفاظ بحقه فى إبداء الرأى لا أكثر ولا أقل، ولكنه حضر هذا اللقاء وعدة لقاءات أخرى قال إنها «محدودة» على مدار فترة حكم مبارك.
ملف خاص
أبناء متمردون وآباء حائرون
مطاردة على «فيس بوك»: «معركة أجيال» لا تنتهى