البنوك تراهن على التجزئة والمشروعات الصغيرة
توقع خبراء ومصرفيون اتجاه البنوك لتدعيم خدماتها المصرفية خلال المرحلة المقبلة بعدد جديد من المنتجات، خاصة فيما يتعلق بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة التى تساهم بقوة فى دفع معدلات النمو الاقتصادى للبلاد، بالإضافة إلى الدفع الإلكترونى والتوسع فى إصدار بطاقات الائتمان وإجراء المعاملات المالية عبر قنوات الدفع الإلكترونية، لا سيما أن التعاملات المحلية بتلك الطريقة لا تزال متواضعة، مقارنة بالدول الأوروبية أو بعض دول المنطقة المتقدمة، وذلك على الرغم من النمو الكبير الذى شهدته خلال الأعوام الثلاثة الماضية فى السوق المحلية.
وقالت مصادر: إن البنوك ستتجه خلال الفترة المقبلة لزيادة تعاملاتها مع الأفراد فى تمويل المنتجات الاستهلاكية والمعمرة، وستراهن على تمويل الإسكان لشريحتى متوسطى ومحدودى الدخل، بدعم من البنك المركزى المصرى الذى أطلق مبادرة لتوفير السكن الملائم لهاتين الشريحتين من المواطنين بحد أقصى 400 ألف جنيه، ومن المرتقب رفع قيمة الوحدات إلى 500 ألف جنيه لتواكب تطورات أسعار الإسكان فى السوق المحلية، وذلك بفائدة قدرها 8% و7% على الترتيب، وهو ما يوازى أقل من نصف الفائدة المعمول بها فى السوق. وفى تقديرات الخبراء، فإن البنوك ستتجه أيضاً، خلال المرحلة المقبلة، لزيادة قروض السيارات، خاصة مع ارتفاع أسعارها، واستمرار إقبال المواطنين على شرائها. وقالت مصادر مصرفية: إن الحالة الاقتصادية الصعبة التى مرت بها البلاد خلال الآونة الأخيرة لم تمنع المواطنين من الاقتراض من البنوك، بل على العكس فقد تنامت توجهاتهم الائتمانية فى ظل ارتفاع أسعار الخدمات والمنتجات الاستهلاكية والمعمرة.
وقال محمد صلاح، مسئول ائتمانى عن قروض السيارات فى أحد البنوك: إنه لا يزال هناك إقبال متزايد على شراء السيارات، وهو ما دفع القروض الموجهة لتمويل العملاء لشرائها إلى تزايد مستمر، موضحاً أن عام 2014 شهد ارتفاعاً فى مبيعات السيارات رغم زيادة أسعارها على الفترات الماضية. وأضاف أن الوضع الاقتصادى المصرى لم يؤثر بالسلب على قطاع الخدمات المصرفية للأفراد، بل زاد من رواجها؛ بدليل لجوء العديد من البنوك لدخول هذا المجال، وآخرها بنك قناة السويس لما له من مزايا عديدة، أهمها: انخفاض معدل المخاطر فيها مقارنة بباقى التعاملات البنكية.
وأوضح «صلاح» أن مستوى دخل الأفراد يؤثر بالطبع على حجم القرض ونوعيته، سواء قرض سيارة أو شخصى أو تمويل عقارى، مشيراً إلى أنه مع ارتفاع معدلات النمو الاقتصادى خلال المرحلة المقبلة فإنه من المرتقب أن تتزايد عمليات التمويل الموجهة للأفراد وفى مقدمتها السيارات، لافتاً إلى أن قروض السيارات كانت من بين المنتجات الأكثر تعثرا فى وقت سابق، إلا أنها تراجعت إلى مستويات آمنة خلال الآونة الأخيرة، متوقعاً حدوث طفرة قوية فى قروض السيارات الجديدة خلال العام المقبل. وأشار إلى أن البنوك الأجنبية كانت تلعب دوراً هو الأبرز فى سوق تمويل الخدمات المصرفية للأفراد، خاصة تمويل السيارات وإصدار بطاقات الائتمان، إلا أن ذلك الحال سرعان ما تبدل مع دخول البنوك العامة المنافسة على تلك الشريحة المهمة من العملاء وبدأت فى التوسع فى تقديم تلك المنتجات حتى وصلت إلى صدارة السوق ككل فى وقت قياسى. [FirstQuote]
وأرجع قوة البنوك الحكومية فى مجال تمويل الأفراد إلى تزايد ثقة المواطنين فيها لأنها بنوك وطنية، بالإضافة إلى انتشارها الجغرافى الواسع على مستوى الجمهورية، التى تتجاوز نحو ألف فرع تقريباً، علاوة على تقديم تلك الخدمات بسعر فائدة منافس جداً، استناداً إلى انخفاض تكلفة الأموال لديها مقارنة بالبنوك الخاصة والأجنبية.
من جانبه، قال مصدر مسئول فى قطاع التجزئة المصرفية بالبنك الأهلى المصرى: إن البنوك العاملة فى السوق المحلية تستهدف التوسع فى تمويل الأفراد بشكل أكبر فى عام 2015، وذلك فى إطار توقعات تزايد معدلات النمو، لافتاً إلى أن هناك تركيزاً قوياً على التوسع فى التمويل العقارى، خاصة لشريحتى متوسطى ومحدودى الدخل.
وأضاف أن مبادرة البنك المركزى المصرى لتوفير الإسكان المناسب لشريحتى محدودى ومتوسطى الدخل بسعر يصل إلى 400 ألف جنيه، ومن المنتظر أن يرتفع إلى 500 ألف جنيه بفائدة تصل إلى 8% وأقساط لمدة 20 عاماً، ستسهم فى تحسين مستوى معيشة المواطن، خاصة فى تلك الشريحتين اللتين عانتا لفترات طويلة من الإهمال وعدم الاهتمام.
وقال: إن تلك المبادرة ستدفع البنوك للمنافسة على التمويل العقارى لهاتين الشريحتين خلال العام المقبل، متوقعاً أن تشهد السوق عمليات تمويل كبيرة فى حالة توفير الوحدات السكنية المناسبة من قِبل الشركات، سواء الخاصة أو الحكومية، بأسعار تتوافق مع المبادرة. ولفت إلى أنه من المرتقب أن تشهد سوق التجزئة المصرفية نمواً متزايداً خلال العام المقبل، خاصة فى منتجات تمويل السيارات والدفع الإلكترونى وإصدار بطاقات الائتمان وتحويل الأموال وسداد الفواتير عبر الموبايل والإنترنت.
وأرجع ارتفاع قروض السيارات لتزايد الإقبال عليها فى ظل ارتفاع أسعارها، مشيراً إلى أن اتجاه الأفراد للاقتراض يرجع لتحسين المعيشة؛ لذا فمن المتوقع أن تزيد البنوك من محفظتها الائتمانية لخدمات التجزئة المصرفية بل ومنافسة العديد من البنوك فى تقديم خدمات ومنتجات جديدة للسوق المصرفية.
وأكد أن ارتفاع معدلات الاستهلاك دفع بعض البنوك العاملة فى السوق المحلية لزيادة محفظتها الائتمانية، خاصة فيما يتعلق بتمويل الأفراد بنسب كبيرة، متوقعاً دخول بنوك جديدة للمنافسة فى مجال القروض المصرفية، وتحقيق القطاع معدلات نمو تتراوح بين 20% و25%. وأوضح أن البنوك الأجنبية والخاصة كانت من أفضل البنوك التى تقدم الخدمات المصرفية إلى أن تقدمت البنوك العامة وأصبحت فى الصفوف الأولى فى السوق المصرفية، لافتاً إلى أنه ليس جميعها يقدم قروض السيارات أو التمويل العقارى، مشيراً إلى أن توسع البنوك فى تلك الخدمات يساعد فى تنمية المجتمع وثقافتة البنكية.
فيما قال شريف على، مدير الائتمان بأحد البنوك الخاصة: إن هناك طلباً متزايداً على القروض الشخصية لأغراض مختلفة، متوقعاً أن يشهد عام 2015 زيادة فى تلك التمويلات، إلى جانب قروض السيارات والتمويل العقارى. وأضاف أن البنوك أصبحت أكثر جرأة واسرع فى تمويل الأشخاص بما يتوافق مع ضوابط منح الائتمان، مؤكداً أن قرارات منح التمويل تتم فى خلال 48 ساعة، وأحياناً أقل فى بعض البنوك بعد قيام العميل بتوفير جميع المستندات وإجراء الاستعلام الائتمانى والميدانى عليه.
وأوضح أن ضوابط التمويل بالبنوك تتضمن منح التمويل للأشخاص، على ألا يتجاوز قيمة القسط الشهرى مستوى الـ40% من دخل العميل، ونحو 90% من قيمة الشهادات أو الودائع المربوطة لصالح العميل لدى البنك، مشيراً إلى أن زيادة عمليات تمويل الأفراد لشراء سيارات ترجع إلى سرعة إهلاك السيارات بسبب الطرق والحوادث، إضافة إلى زيادة الطلبات الجديدة على شراء السيارات فى السوق المحلية وارتفاع الأسعار، لافتاً إلى أنه كلما ارتفع سعر السيارة فإن رغبة المواطنين فى الاقتراض تتزايد. وأكد أن البنوك الخاصة والأجنبية من أسهل البنوك فى تقديم الخدمات المصرفية بمصر مقارنة بالبنوك العامة؛ نظراً لمرونتها وأنها لا تشترط ضمانات كبيرة فى تقديم التسهيلات.
بينما عارضت الخبيرة الاقتصادية بسنت فهمى، بشكل قاطع، تمويل بعض البنوك للسيارات، وطالبت البنك المركزى بإصدار قرار بوقف ذلك النوع من التمويل على وجه السرعة، وتوجيه البنوك لتمويل مشروعات قومية مثل السكك الحديد والمترو والصناعة والزراعة، مشيرةً إلى أن مصر لم يعد فيها مكان للسير على الأقدام، إضافة إلى أن البلاد تعانى أزمة وقود طاحنة، والمزيد من السيارات سيسهم فى إشعال أزمتى الوقود والمرور.