نور عبدالمجيد في حوار لـ"الوطن": أخشى على رواياتي من الدراما
بأسلوب مشوق وممتع، وبناء روائي محكم خالي من الترهلات، استطاعت الكاتبة السعودية نور عبدالمجيد منذ الرواية الأولى، "الحرمان الكبير"، أن تسطر اسمها بوضوح في مجال الرواية، اقتحمت بقلمها أزمات الأسرة العربية، وطرحت مشاكلها الاجتماعية والنفسية بصورة جريئة ومباشرة، الأمر الذي رشح معظم روايتها للدراما.
نور تنتظر الآن مشاهدة مسلسل يجسد الشخصيات التي رسمتها بقلمها في رواية "رغم الفراق"، الذي سيقوم بإخراجه رامي إمام، وآخر يقدم رواية "أريد رجلًا"، الذي تخرجه بتول عرفة.
- وعن بداياتها الأدبية تقول نور عبدالمجيد:
- عملت كصحفية في جريدة "عكاظ" بالسعودية، ثم جئت لمصر وعملت كمدير تحرير لمجلة "مدى" السعودية، وكنت أكتب فيها مقال شهري، وتركتها بعد فترة، ثم فكرت في أن أجمع مقالاتي في كتاب، لكن للأسف لم يلقى نجاح كبير، كتبت بعدها أول رواية لي، وكتب لي مقدمتها الكاتب الكبير فاروق جويدة، ونجحت الرواية بشكل لم أتخيله.
[FirstQuote]
- اتسمت رواياتك بكثير من الجرأة في اختيار الموضوعات، أو في تصوير مشاهد الحب، ألم تتعرضي للانتقاد لهذا السبب؟
- بلى تعرضت، فرواية "أريد رجلًا" لم تدخل السعودية بسهولة بسبب عنوانها، وسمعت تعليقات كثيرة حول عنوان الرواية، بعضها من ابني وبعض الصديقات، قلن لي أنهم حين كانوا يقرأون الرواية في النادي أو في مكان عام، كن يخفين غلاف الكتاب خجلًا من العنوان، لكن هذه التعليقات لا تضايقني، فأنا مسؤولة عما أكتب، وطالما كانت الأفكار موضوعية ومعالجة بلغة راقية فأنا فخورة بها.
- هل تتفقي معي في أن الروائي يقدم أجزاء من سيرته الذاتيه من خلال أدبه؟
- هذا صحيح، فكتابتي هي جزء من روحي ولا يمكن فصلها، ولابد أن تتضمن أجزاء من أحاسيسي وتجاربي ومشاهداتي، بل إني أحيانًا أستعير جمل وأفكار وأسئلة طرحها أحد أولادي أو صديق لي.
- النهايات المفتوحة ميزت معظم رواياتك، ما السبب؟ وإذا كان هذا لا يصلح للدراما، ألا تخشين على مصير شخصياتك حين يضطر السيناريست لوضع نهايه من خياله؟
- أعلم أن البعض لا تعجبهم النهايات المفتوحة، ومن النقد الذي وجه لي، أني لا أستطيع أن أضع نهايات لرواياتي بعد أن أحكم العقدة، وردًا على هذا النقد، أنا لا أترك النهاية مفتوحة في المطلق، لكن أرسم طريقًا أو أكثر يمكن للقارىء أن يتخيل وصول الأحداث إليه، وهكذا أترك له فرصة الاشتراك معي لوضع مصير للشخصيات التي أحبها وأتفاعل معها.
أما في الدراما فالأمر يختلف، فيجب أن تحمل الحلقة الأخيرة نهاية منطقية "غالبًا سعيدة" للقصة، لكني حين أبيع الرواية لا يكون لي أي سلطان عليها، ويترك الأمر للسيناريست، وأعترف أني قلقة جدًا على الروايتين المباعتين، ولا أستطيع الانفصال عنهم نفسيًا، لذلك فلن أبيع أي روايات جديدة حتى أرى ماذا ستفعل الدراما بأعمالي.
- ما رأيك في ظهور بعض الألفاظ السوقية في الدراما عند تقديم نماذج من بيئات يغلب عليها الجهل أو الابتذال والجريمة؟
- بصراحة هذه الألفاظ تزعجني، ويمكن تقديم هذه البيئات بشكل أفضل، واستخدام أقل لهذه الألفاظ، لأن الدراما لابد أن تنتبه أنها موجهة للجميع، فما ذنب الناس لنجرحهم بهذه الكلمات، وما الفائدة من تقديمها وتعليمها لمن لا يعلم، وصناع الدراما عليهم أن يخرجوا من هذه الإشكالية.
[SecondQuote]
- البعض شبه أسلوبك في الكتابة بالجزائرية أحلام مستغانمي؟ فهل إبداع المرأة له سمات مميزه؟
- لا أرى أي وجه للشبه، فأحلام لا تكتب رواية بالمعني التقليدي، لكن لديها قدرة غير مسبوقة في توظيف العبارات وصياغة جمل قوية جدًا، تسبب متعة للقارىء في حد ذاتها، بعيدًا عن أحداث الرواية، كما أنها موهوبة جدًا في سبر أغوار المرأة والتعبير عن أدق أحاسيسها، وأنا أحبها كثيرًا.
أما عن الحديث عن إبداع المرأة، فلا أظن أنه يوجد أدب نسوي متخصص، فإحسان عبدالقدوس كان أفضل من كتب عن مشاعر الأنثى ومشاكلها ونفسيتها وتفاصيل ملابسها وكلماتها، كذلك نزار قباني، فروح المرأة كانت دائمًا موجودة في أعماله، لكن إذا اعتبرت كتاباتي صوت للمرأة وآلامها وتعبيرًا عن همها واهتماماتها، الأمر الذي أهمله الأدباء الرجال، فأنا فخورة بذلك، فجمهور النساء ليس بالقليل، وهو جمهور ناقد وواعي.
- يتجنب الأدباء الاشتباك مع بعض الموضوعات، مثل الدين والجنس والسياسة إيثارًا للسلامة، فهل لديك الجرأة على طرح هذه الموضوعات، أم تفضلين الإشارة لها بشكل ضمني، خصوصًا أن السياسة مثلًا غائبة تمامًا في رواياتك؟[ThirdQuote]
- لدي الجرأة على اقتحام أي موضوع وتقديمه طالما كنت مؤمنة به، ولدي من الخبرة والمعلومات ما يمكننى من الكتابة فيه، أما السياسة فأنا غير معنية بها، وأجد أن مشاكل الناس وآلامهم هي انعكاس مباشر للظروف السياسية والاقتصادية، ولمعتقداتهم وثقافتهم، ربما كانت رواية "أحلام ممنوعة" بها قدر من الخوض في السياسة، لكني أعترف أني لا أحب السياسة، ورأيي فيها دائمًا سلبي، ولا أعتقد أيضًا أني مهتمة بمقارنة الأديان أو الخوض في مثل هذه الأمور، أما الجنس فالحديث عنه بشكل فج يفقد الموضوع قيمته، وأنا غير ممتنعة عن الكتابة عنه، لكن بشكل راقي وموضوعي.
ـ جنسيتك السعودية، ألم تسبب لك حرجًا أو انتقادًا عندما تكتبين عن مشكلات مصرية؟
- أنا سعودية من أصول مصرية، ولدت في مصر، وعندما كنت صغيرة كنت لا أعرف هويتي، كنت أتعجب عندما يقولون عني في مدرستي بالسعودية أني مصرية، وعندما كنا نأتي لمصر كنت لا أفهم حارس العمارة عندما يقول عن أسرتي "الجماعة السعوديين وصلوا"، وعمومًا فأنا أعيش الآن في مصر التي أصبحت بلدي لأنها بلد أولادي، وأكتب عن مشاكل الناس التي تتشابة في معظم البلاد العربية.
- أخيرًا، ما هي رؤيتك للمشهد السياسي المصري والعربي؟ وكيف عشت عام حكم الإخوان؟
- أشعر بتقارب بين الدول العربية هذه الأيام، ربما كان سببه الشعور بنفس الخطر، لكن أيًا كان السبب فأنا سعيدة بهذه الروح التي افتقدناها كثيرًا، في مصر يوجد انقسام لا يمكن إنكاره، جانب متفائل وله أسبابه، وجانب معترض وله أيضًا أسبابه، لكني أجد أن ما نمر به الآن يعد بداية جيدة على طريق أفضل، ونحتاج لأن نصبر ونعمل، أما عن حكم "الإخوان" ففي البداية شعرت بتفاؤل بالانتخابات، واختيار رئيس بشكل ديمقراطي، ثم بدأت أتوجس من بعض تصرفاتهم، بعد فترة أصبحت مذهولة ثم مرعوبة من مصير مصر والمنطقة كلها، وعندما انتفض الشعب في 30 يونيو تنفست، لكني لاأزال قلقة من تتابع الأحداث، وأتمنى أن نستطيع العبور بسلام إلى الأمام.