في ذكرى ميلاد فيروز.. 53 صورة نادرة لشجرة الأرز اللبنانية
"طلعت يا محلى نورها شمس الشموسة، يلا بينا نملى ونحلب لبن الجاموسة"، صوت يشرق الصبح على أنغامه، ويظل عالقًا تدندنه الرأس وحدها، فيشاغلها اللسان "صباح ومسا، شي ما ينتسى"، بابتسامة للأخر، و"كيفك أنت" رافقتك فيروزة عذبة "بعدك على بالي"، "حبيتك بالصيف" و"تشتي الدني" عصفورة كل وقت وكل حالة.
74 عامًا، قدمت فيروز فيها صوتها هدية لمحبيها من صغار، ومراهقين، وكبار، مختلفي الأمزجة، وقلوب تشتت بين حب جارح، وسعادة محبوب، ذكريات، وآمال أطلال مضت وأحلام تبنى، جمعتهم ذات الرداء الفضفاض على مفرق صوتها.
وجه تغيرت ملامحه منذ طفولته، وحتى احتفاله بعيد ميلاد صاحبته التاسع والسبعين، احتفظ برونقه المميز بعظام بارزة، ونحافة تبدو وكأنها جرس يدق صوتها الرنان، وجسد نحيل لم يهزمه زمن، ولم ينهكه 4 أبناء كهرر شقية، بل استمد قوته ووقف عودًا صلبًا على خشبة مسرح، يتغذى من استمتاع جمهوره بنشوة إنشادها، وعين ناعسة تغمض أجفانها فتستمد قوتها، تتفتح لتواصل على ذكرى زوجها، وابنتها، وألحان ابنها، وحنو فتاتها المدللة، وابنها المقعد.
بين 55 صورة مختلفة وبعضها نادر، جمعت "الوطن" لجارة القمر، بعدما اكتمل بدره عامه الـ79.
تنظر لها تدركك عيناها أولا، لتأسرك معها داخل صورة من زمن وعالم أخر، لتعيش معها طفولتها، واكتظاظ وجهها في مراهقتها، ثم زواجها بعاصي الرحباني، وكيف وقفت بخجل وراء طرحتها البيضاء تنظر من خلفها على من غنت له كثيرا، احتضانها لصغارها، وتحول قديسة الغناء لطفلة صغيرة وسطهم.
صورا نادرة جمعتها بعمالقة مازالوا يتصدرون الصفوف الأولى في مسرح رحيلهم، أم كلثوم، وعبد الوهاب، وداليدا وغيرهم.
أوقفت الصور لحظات من الزمن معهم، حتى تخلدها لأجيال لم تذق معاصرتهم، فتركت لهم شاهدًا من ابتسامة صافية، وسلام على روح هادئة ترفع يدها لتخفي قهقهة ضحكتها خلفها، جبال من خلفها، وجمهور من أمامها، ومركزية مثلتها لعائلتها الفنية، فكانت السيمفونية، ومازالت تشدو ألحانها، وينتظرها جمهورًا لم يفرق بين أغانيها من نصف قرن مضى، وأغاني الأمس، وبنفس اللهفة يستقبلها ويشدو من خلفها.