"فوبيا 28" تصيب الداخلية.. مش كل الدعوات تبقى "جمعة غضب"
"عقارب الساعة تشير إلى السادسة مساءً، شوارع تخلو من عابريها، إلا من أصحاب البدل المموهة ومدرعاتهم، محال تغلق أبوابها ومواطنون يستبدلون أبواب بناياتهم الزجاجية بأخرى حديدية"، مشهد ظل عالقًا بذاكرة أغلب المصريين، ليوم سقطت فيه "القبضة الحديدية".
28 يناير 2011، اليوم الذي شهد اقتحام العديد من السجون الكبرى في مصر ومراكز الشرطة في المدن، وهو ما أثر بشكل كبير على جهاز "الداخلية" بالكامل، تبعه نظام الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك بعد حكم تشبث بالكرسي لمدة 30 عامًا.
ظلت أحداث "جمعة الغضب" كابوسا يؤرِّق وزارة الداخلية، وهو ما تجلى في التصريح المتكرر لمسؤوليها عقب كل دعوة للتظاهر "لن نسمح بتكرار سيناريو 28 يناير"، وقد تردد بقوة الأيام القليلة الماضية، إثر إطلاق الجبهة السلفية دعوة بعنوان "انتفاضة الشباب المسلم"، تهدف إلى تنظيم مظاهرات حاشدة يوم 28 نوفمبر الجاري، قبل النطق بالحكم على الرئيس الأسبق حسني مبارك في القضية المعروفة بـ"قضية القرن"، وهو ما قابله اللواء سيد شفيق، مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام، بالتشديد على عدم سماح "الداخلية" بتكرار أحداث "جمعة الغضب".
التصريح الأخير لمساعد وزير الداخلية، أدلى به من قبل عدد من المسؤولين قبل أحداث عنف كان متوقع حدوثها، من أبرزها الدعوة إلى الاحتشاد اعتراضًا على الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس المعزول محمد مرسي في 22 نوفمبر 2012، كما سبقت أحداث 30 يونيو التي دعت إليها حركة "تمرد"، عقب جمعها توقيعات تستهدف عزل الرئيس المنتمي لجماعة الإخوان من الحكم.
وبالتزامن مع تهديدات أنصار جماعة الإخوان باقتحام سجن برج العرب المحتجز فيه الرئيس المعزول محمد مرسي، في نوفمبر من العام الماضي، قال اللواء أشرف عبدالله، مساعد وزير الداخلية للأمن المركزي، في مداخلة تليفونية عبر أحد البرامج التليفزيونية: "لن نسمح بتكرار ما حدث في 28 يناير بالقضاء على الشرطة".
تكرار التصريح، اعتبره سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، نوعًا من أنواع "الفوبيا"، أصابت المسؤولين الأمنيين بسبب أحداث "جمعة الغضب" وما تبعها من فوضى ضربت البلاد، ويقول: "الداخلية تصدر هذا النوع من التصريحات بالتزامن مع الدعوات إلى الحشد والتظاهر بغرض تخويف المواطنين ودفعهم إلى الإحجام عن المشاركة في هذه الفعاليات"، مضيفًا أن مدى تأثير هذه التصريحات على حجم المشاركة والحشد يتوقف على المناسبة التي انطلقت فيها هذه الدعوات ومدى تقبل القوى السياسية والإعلامية والمجتمعية لها.
وأوضح أستاذ الاجتماع السياسي، أن تصريح وزارة الداخلية الأخير، جاء متوافقًا مع الاتجاه العام، خصوصًا أن دعوات الحشد في 28 نوفمبر الجاري تعد دعوة لثورة حزبية وانتفاضة مسلحة، بخلاف ما حدث في ثورة 25 يناير من تلاحم كل فئات المجتمع وفصائله في مظاهرات سلمية انتهت بإسقاط النظام.