من "هولاكو" حتى "البغدادي".. الإرهاب في رسالة عمرها 7 قرون
ما بين دولة "التتار" و"داعش"، كانت رسالة إرهابية، اختلفت باختلاف الزمن، فبين رسول يبعث به "هولاكو" لمصر، ووسيط إلكتروني يبعث البغدادي من خلاله برسالته، يمضي الإرهاب قدما نحو مصر، بحرب نفسية أولا، اختلف مضمونها في رسالة مكتوبة على جلد الماعز، ورسالة صوتية عبر الإنترنت، اختلف الزمان والوسيط والأشخاص، ولكن لم يختلف "الفكر".
لم تشفع كلمات "هولاكو" العدواينة للمصريين من أجل الاستسلام، وتسليم الأرض، رغم شدة لهجتها: "مِن ملك الملوك شرقاً وغرباً، الخان الأعظم، باسمك اللهم باسط الأرض ورافع السماء.. يعلم الملك المظفر قطز وسائر أمراء دولته أنا نحن جند الله في أرضه، خلقنا من سخطه وسلّطناً على من حل به غضبه، فلكم بجميع البلاد معتَبَر، وعن عزمنا مزدجر، فاتعظوا بغيركم، وأسلموا إلينا أمركم قبل أن ينكشف الغطاء فتندموا ويعود عليكم الخطأ.. وقد سمعتم أننا قد فتحنا البلاد وطهرنا الأرض من الفساد وقتلنا معظم العباد، فعليكم بالهرب وعلينا الطلب. فأي أرض تأويكم؟ وأي طريق تنجيكم؟ وأي بلاد تحميكم؟ فما لكم من سيوفنا خلاص، ولا من مهابتنا مناص، فخيولنا سوابق، وسهامنا خوارق، وسيوفنا صواعق، وقلوبنا كالجبال، وعددنا كالرمال، فالحصون لدينا لا تمنع، والعساكر لقتالنا لا تنفع، ودعاؤكم علينا لا يُسمع.. فمن طلب حربنا ندم، ومن قصد أماننا سلم، فإن أنتم لشرطنا ولأمرنا أطعتم، فلكم ما لنا وعليكم ما علينا، وإن خالفتم هلكتم. فلا تهلكوا نفوسكم بأيديكم، فقد حذر من أنذر.. فلا تطيلوا الخطاب، وأسرعوا برد الجواب قبل أن تضرب الحرب نارها، وترمي نحوكم شرارها، فلا تجدون منا جاهاً ولا عزاً ولا كافياً ولا حرزاً، وتدهون منا بأعظم داهية، وتصبح بلادكم منكم خالية، فقد أنصفناكم إذ راسلناكم، وأيقظناكم إذ حذّرناكم، فما بقي لنا مقصد سواكم"، ولكنها قوبلت بتمزيقها بسيف بتار، وتعليق رسلهم على الأبواب، وأعقبها عزيمة رجال أشداء، قضت على التتار، وكتبت نهايتهم لأبد الآبدين.
يأتي "البغدادي" زعيم التنظيم الإرهابي، بعد أكثر من 7 قرون، ويعيد التهديد، في رسالة صوتية: "نعلن تمدد الدولة الإسلامية إلى بلدان جديدة بلاد الحرمين واليمن ومصر وليبيا والجزائر، ونعلن قبول بيعة من بايعنا من إخواننا في تلك البلدان، وإلغاء اسم الجماعات فيها، وإعلانها ولايات جديدة للدولة الإسلامية وتعيين ولاة عليها، وكما نعلن قبول من بايعنا من الجماعات والأفراد في تلك البلدان وغيرها، ونطلب من كل فرد منها السمع والطاعة لواليها المكلف من قبلنا".
المصريون هذه المرة قابلوا حرب البغدادي النفسية، بأسلحتهم الجديدة، التي تناسب حجمه ورؤيتهم له "كوميك الفيس، وهشاتاجات تويتر، وتدوينات ساخرة"، فاختلف الأمر عند الشعب، الذي قرر تفويض جيشه لحرب الإرهاب، وأوضحت الردود ثقة المصريين غير النهائية في جيشهم، ووصف إعلان أمير داعش لتمدد دولته إلى مصر، بأنه أشبه بافتتاح فرع لـ"كارفور" في مصر، وآخر: "روح شوفلك شغلانة يا عم الحج".