الدكتور أندرية زكي لـ"الوطن": اعتماد المسيحيين على حماية الغرب وهم
الدكتور أندرية زكي لـ"الوطن": اعتماد المسيحيين على حماية الغرب وهم
تعددت مناصبه، وتشعبت مهامه، ما بين العمل الكنسي والعمل العام، ولكنه يفضل العمل في صمت، بدأب واجتهاد، إنه القس الدكتور أندرية زكي، نائب رئيس الكنيسة الإنجيلية ورئيس رابطة الكنائس الإنجيلية في الشرق الأوسط، ورئيس الهيئة القبطية الإنجيلية، وأقرب المرشحين لخلافة الدكتور صفوت البياضي، رئيس الكنيسة الإنجيلية، من خلال الانتخابات التي تجرى نهاية فبراير المقبل.
التقته "الوطن"، في حوار شامل، فأكد أن اعتماد المسيحيين العرب على حماية الغرب لهم وهم كبير، وأن ثورة الثلاثين من يونيو أحبطت المخطط الأمريكي في الشرق الأوسط وإفراغ المنطقة من مسيحيه، مشيرًا إلى أن عام حكم الإخوان لمصر كان عام الأسئلة الكبرى للأقباط، مختصًا "الوطن" بإعلان رغبته الترشح لرئاسة الكنيسة الإنجيلية.
وإلى نص الحوار..
كيف ترى الأوضاع حاليًا في مصر؟
مررنا بثورتين، كانتا من أجل تغير الأوضاع في مصر، ولكنها ارتبطت بتدهور اقتصادي وخلل أمني، وتوترات طائفية، وعدم قدرة على بناء علاقات قوية مع القوى الفاعلة إقليميا وعالميًا، فضلاً عن الاضطرابات الفئوية التي حدثت خلال السنوات الماضية، ولكن مع انطلاق ثورة 30 يونيو بدأت مسيرة الإصلاح، وهناك مؤشرات جيدة للوضع، مثل "الدستور، والانتخابات الرئاسية والتي راقبها العالم والمجتمع المدني، والإصلاحات الاقتصادية الجيدة التي تسير فيها، والنظرة العالمية التي تغيرت بعد تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي ولابد أن تبدأ الدولة في البناء.[SecondImage]
وأضاف قائلًا: "نحن لدينا واقع اقتصادي جديد ولحمة في العلاقات بين المسلمين والأقباط وهى ذات دلاله جيدة، فلا ينبغي أن يتم التعامل بنفس العقلية القديمة مع الأحداث التي تمس الأقباط والمسلمين، ومع رغبة عدد من الدول الكبرى الاستثمار في مصر، على الدولة التحرك السريع في إعادة المنظومة الامنية لإعادة الاستقرار، وطرح عدد من القوانين الفاعلة التي توجد بها تشريعات تساعد على استقرار المجتمع والاستثمار والتقدم الاقتصادي وإلا تكون الثورة قد فشلت".[FirstQuote]
بصفتك رئيس لرابطة الكنائس الإنجيلية في الشرق، كيف تقيم أحوال المسيحيين في الشرق الأوسط في ظل تنامي الإرهاب؟
الرابطة عقدت مؤتمر في القاهرة في سبتمبر الماضي، واخترنا القاهرة لأنها أكثر المدن في المنطقة أمنًا خلال الفترة الراهنة، وأكدت أن الأوضاع مقلقة للغاية، في ظل ما يحدث مع المسيحيين العرب بسبب الأحداث المتتابعة الآن، وأن الحماية الحقيقية لهم هي شراكة مع المسلمين المعتدلين وهم أغلبية في المنطقة، وما يحدث في العراق وسوريا خير دليل، لكن الوضع في مصر حيث أن ثورة 30 يونيو احبطت المخطط الأمريكي والغربي في المنطقة، ومخطط إخراج المسيحيين العرب من المنطقة، وتقسيم المنطقة، كما شاهدنا في العراق.
- هل ترى أن ثورات الربيع العربي تحولت إلى خريف بالنسبة للمسيحيين في البلاد العربية؟
جزئيًا هذا صحيح، فالمسيحيين شاركوا في ثورات الربيع العربي، ولكن لم يكن أحد متوقع الصعود السريع لتيار الإسلام السياسي للسلطة، ولم يتوقع أيضًا سقوطه السريع، فالبعض يرى أن الربيع العربي شتاء قارص والبعض الأخر يراه خريفًا، ولكن في اعتقادي اختلف مع هذا، لان 30 يونيو جزء من الربيع العربي وأراها ثورة تصحيح ولازال الربيع العربي يحمل الحلم في التغيير.[SecondQuote]
- كيف ترى رد الفعل العربي اتجاه ما فعله "داعش" بمسيحيي العراق؟
اعتقد أنه على المستوى الشعبي والكتاب والمفكرين كان هناك رد فعل مذهل، وإيجابي مهم، أما على مستوى الدول والحكومات، كان رد الفعل ضعيف ولم يكن على القدر الكامل والحازم، هل كنا ننتظر تدخل الغرب فب العراق حتى ندين ما يحدث، والدول كلها لم تتحرك بما فيها أمريكا والغرب نحو ما يحدث لمسيحيي العراق إلا بعد أن شعروا أن مصالحهم ستتعرض إلى مخاطر وليس حماية المسيحيين فتلك أكذوبة كبرى.
- هل تعتقد أن ما يحدث من توترات في المنطقة مخطط دولي لتفتيت دولها؟
هذا الأمر لا تخطئه العين المجردة، وهناك عدة نظريات أولها تفتيتها على أساس أيديولوجي سنة وشيعة وعرقي كما يحدث في السودان واليمن وسوريا، وأيضًا سياسي، وهى نظريات تعمل في المنطقة ، ولكن 30 يونيو مش ثورة عادية بل هي أعادة رسم الخريطة العربية لأول مرة وفقًا لما يراه العرب وليس الخارج.
- كيف تقيم وضع الأقباط تحت حكم الإخوان ووضعهم الآن؟
الإخوان أجروا بعض المحاولات من أجل تطمين الأقباط، ولكن لم تجد أرضية حقيقية لها في ذلك الوقت، وكانت علاقة مقاومة تحولت إلى مشاركة فعالة في ثورة 30 يونيو، ولكن الآن اصبحنا شركاء ثورة، والعلاقة بين الأقباط ونظام الحكم الآن أكثر إيجابية وتطورت وخاصة بعد المواقف الوطنية للكنائس بعد 30 يونيو و أحداث 14 أغسطس، وعلى الدولة العمل على البناء فوق تلك الأرضية وإطلاق المبادرات لزيادة روح الود.
- من وجهة نظرك ما هي مشاكل الأقباط في مصر؟
الأقباط ليس لديهم مشاكل خاصة، فمعانتهم مشتركة مع المسلمين، ولا توجد سوى مشكلتين للأقباط والدستور كفيل بحلهما وهما بناء الكنائس المكفول بنص الدستور الجديد، وقانون الأحوال الشخصية للمسيحين وأرى أنه أتى الوقت لخروج قانون عام 1998.[ThirdQuote]
بذكر الدستور، هل ما زلت عند رأيك أن الدستور الجديد بها مواد طائفية؟
بالتأكيد ما زلت على موقفي لأني لا استريح إلى كل المواد الطائفية في الدستور، ونحن جميعًا وبدون مزايدة حيث كان لدينا قبول بنص المادة الثانية في الدستور احترامًا لرغبة الأغلبية، وأن المبادئ العامة للشريعة في إطارها الأوسع كانت أفضل للجميع، ولكن اتمنى أن يخلو الدستور القادم من كل المواد الطائفية.
واتوقع أن يوضع دستور جديد للبلاد، بدلا من دستور 2013 الذي يعتبر أنه دستور مرحلي.
- كيف تطالب بإعلاء قيم الحرية وأنت جزء من المنظومة الكنسية الإنجيلية التي رفضت موافقة الكنيسة الأمريكية على زواج المثليين ؟
الموضوع ليس مرتبط بالحريات ولكن يرتبط بالعقيدة اللاهوتية والكتابية، فنحن نؤمن بأن الزواج بين رجل وامرأة وهذه سُنة الخليقة والطبيعة ترتبط بذلك، والذي ينتج النسل الذى تستمر به البشرية وبعكسه، ونحن لا نتدخل في شؤون الغير ولا ندين الغير، والكنيسة الأمريكية من حقها أن تؤمن بما تشاء ولكن نحن من حقنا أن نحافظ على اعتقادنا، وبسبب هذا الأمر يحدث انشقاقات داخل الكنيسة المشيخية في أمريكا، فهو موضوع خلاف ونحن بيئة محافظة، وهذا لا يعني أننا ضد حقوق الإنسان، ولكن تلك النقطة تستغلها الجماعات الإرهابية، ولا يمكن عندما نأتي لموضوع عقائدي أن نتحدث عن حقوق الإنسان فذلك لا يصح.
- كيف ترى الخطاب الديني في مصر؟
الخطاب الديني متراجع وبعيد عن الواقع ويحتاج إلى الكثير من التجديد.
كيف يمكن مواجهة الإرهاب وتناميه في المنطقة، من وجهة نظركم؟
المواجهة الأمنية مهمة وليست الوحيدة ويجب معها المواجهة الأيديولوجية عبر تجديد الخطاب الديني وبناء إدراكي جديد وكذلك اقتصادية، فليس كل الإرهابيين من طبقات فقيرة ولكن الكثير من الدراسات العامل الاقتصادي من العوامل المهمة للجنوح اتجاه التطرف.
هل ستترشح في انتخابات الكنيسة الإنجيلية على منصب الرئيس؟
لازلت أصلى وأفكر في هذا الأمر وسأعلن عن موقفي الرسمي في وقته، لكن توجهي العام الآن اتجه لترشيح نفسى.
ما رأيك فيما أثير حول طلب تعديل لائحة المجلس الملي الإنجيلي؟
أرى أن اللائحة ليست شيء مقدس، ولكن تعديلها يحتاج إلى إجراءات، وهناك من يعتقد أننا يمكنا تعديل اللائحة دون الرجوع إلى أحد، وكأنه لا يوجد دولة ولا نظام استنادًا إلى المادة الثالثة بنص الدستور، واللائحة لا تتحدث في مدد ولكنها تتحدث عن سلطات وتمثيل وعلاقات، والكنيسة المشيخية لها حقوق تاريخية، والخمس مذاهب الممثلة في المجلس الملي، دائمًا ما يعلنوا أن تمثيلهم غير مناسب، وأيضًا هناك 12 مذهب غير ممثل في المجلس، ولا يمكن بعد ثورتين في مصر أن تغلق على نفسك الباب وتعدل على المزاج، فلأبد للتعديل أن يرتبط بالحقوق التاريخية لـ"السنودس"، والمذاهب الممثلة والغير ممثلة، فكيف تستطيع أن تكتب لائحة تعبر عن الإنجيليين ككل وتعطى كل ذي حقا حقه، وتكون مناسبه للعصر وتكون قادرة على دفع الانجيليين للأمام، فالتعديل يحتاج إلى دراسة داخلية ومشاورات عديدة وحوار حقيقي.
- هل ترى أن التعديل مقصود به استبعادك من الترشح؟
لا اعتقد هذا، لأن اللائحة والكلام الذى يساق حول تعديلها ينصب حول المدد وتوسيع قاعدة الناخبين، وتعديل اللائحة لا يضرني ولا يغير من وجهة نظري شيئا، وأنا لما أقرر الترشح للانتخابات من عدمه، ولا يستطيع أحد أن يضع سبب في اللائحة لاستبعاد شخص، إلا إذا كان لديه جريمة أو من خارج الكنيسة أو مزدوج الجنسية.
الوحدة بين الكنائس حلم الأقباط، ماذا سيفعل الدكتور أندرية لتحقيق هذا الحلم إذا اصبح رئيس الكنيسة الانجيلية؟
إذا أصبحت رئيسًا سأسعى إلى الوحدة المسيحية الحقيقة، والتي ستكون بناءً على الاحترام بين أبناء الكنيسة،
المقصود بالوحدة أن لا يهاجم بعضنا البعض.
وأوضح قائلًا: "نحن لا نتحدث عن وحدة إدارية ولا إدماج الكنائس مع بعضها فهذا لا يصلح بسبب الخلافات العقائدية التي نحترمها، ولكن بأن لا نهاجم بعضنا ونحترم".
هل ستستمر في توليك رئاسة الهيئة إذا أصبحت رئيسًا للكنيسة؟
رئاسة الهيئة عمل تطوعي ولا يتعارض إطلاقًا مع رئاسة الكنيسة وهناك نماذج كثيرة جمعت بين الوظيفتين من بينهم القس إبراهيم سعيد حيث عمل رئيسًا للهيئة، وراعيًا لكنيسة قصر الدوبارة أيضًا، ثم القس الياس مقار، راعي الكنيسة الإنجيلية في مصر الجديدة ولم يترك كنيسته وغيرهما.
هل سيكون للهيئة الإنجيلية دور في انتخابات البرلمان المقبل؟
الهيئة مؤسسة مجتمع مدني لا تعمل في السياسة، ولكنها تهتم بالشأن العام، فمشاركتنا تكون من خلال مراقبة الانتخابات وتوعية الناخبين.
الهيئة الإنجيلية متهمة بتلقي تمويلات من الخارج والبعض يتهمها بإنها ستار للتبشير في مصر من خلال مساعدة الفقراء وأطفال الشوارع؟
جميع الأموال التي تحصل عليها الهيئة تكون بموافقة وزارة التضامن الاجتماعي، وأكثر من 50% من أموالها مصري، متابعًا "الهيئة لها تاريخ طويل يقترب من 70 عامًا، ولم يتهمها أحد بالتبشير أبدًا، لأنها واضحة في أجندتها ونظيفة في مواقفها، مضيفًا "لم يحصل أن اتهمت الهيئة في أس شيء خلال عمرها، سواء في التبشير أو ما يتعلق بتلقي تمويل من الخارج، ويأتي ذلك 90% من شركائنا بالهيئة من المسلمين.
وأضاف قائلًا "نحن هيئة وطنية 100% والتمويل الأجنبي لا يؤثر على عملنا ولا يملى علينا توجهاتنا، وأي تمويلات لا نرغب فيها نرفضها، ولدينا شفافية كاملة ونعرض ميزانيتنا وأموالنا على الدولة ولا يدخل مليم للهيئة إلا بمعرفة الدولة، ومصادر التمويل الخارجي، وقد تم عرض تمويلات مشبوه علينا منذ فترة طويلة ورفضناها، فنحن لا نقبل أي تمويلات إلا من الهيئات التي لنا علاقة بها."
- طبقًا لبيانات وزارة التضامن الاجتماعي فان الهيئة القبطية الإنجيلية من أعلى الجمعيات الأهلية في مصر التي تلقت أموال وتبرعات من الخارج منذ ثورة 25 يناير وحتى أغسطس الماضي، فماهي أنشطة الهيئة وفيما تنفق كل تلك الأموال؟
90% من التمويلات التي تلقيناها تستخدم في النشاطات التنموية، فمثلًا اخذنا من هيئة المعونة الأمريكية 25 مليون جنيه، جزء كبير منه ذهب إلى القروض الصغيرة والمشاريع الصغيرة، ومساعدة ذوي الإعاقة والفقراء، خصوصًا أن عدد المستفيدين من أنشطة الهيئة 2 مليون فقير سنويًا، كما أننا لدينا شراكة حقيقية مع كل الجمعيات الأهلية في مصر، و90% من الجمعيات التي تعمل معنا إسلامية معتدلة لا علاقة لها بالإخوان أو السلفيين.
ما الدور الذى لعبته الهيئة في الترويج لثورة 30 يونيو وتصحيح المفاهيم المغلوطة عنها للغرب؟
قمنا بعقد عدة ندوات ولقاءات دولية مع العديد من المسؤولين وقادة المجتمع المدني، وسعينا إلى تغيير الصورة التي رسمها الإعلام الأوروبي عن ما حدث في مصر والذي كان يسبب صدمة للمسؤولين في الغرب، كما قام وفد من 11 شخصية مصرية من المجتمع المدني وبهم ممثلين لوزارة الأوقاف والكنيسة الأرثوذكسية ووزراء وإعلاميون، بالسفر الى أمريكا، للقاء مسؤولي الخارجية الأمريكية والبيت الابيض وبعض قيادات المجتمع المدني هناك بهدف حوار مجتمعي عن العلاقات المصرية الأمريكية كصوت مستقل عن الحكومات.
وتابع قائلًا: "نجهز لمبادرة أخرى في النصف الثاني من الشهر الحالي، حيث سيسافر 20 شخصية مصرية وعربية إلى بروكسل للقاء عدد من الشخصيات الأوروبية لإجراء حوار عن الانتقال إلى الديمقراطية ما بعد ثورات الربيع العربي وما يمكن أن يكون فيه علاقة بين أوروبا والعرب".
ماهي مساهمات الهيئة في المشروعات الكبرى التي يتبناها الرئيس؟
منظمات المجتمع المدني لا يمكن أن تساهم في المشروعات التي دعا لها الرئيس عبد الفتاح السيسي لما عليها من ضوابط وقوانين، لكننا حاولنا المساهمة في دفع عجلة التقدم في مصر من خلال حث المواطنين على المشاركة، وكذلك شراء شهادات الاستثمار.
أين مشاركة الهيئة الإنجيلية في مشروع إعادة إعمار الكنائس التي دمرها الاخوان؟
الهيئة الإنجيلية يتركز دورها في العمل التنموي والثقافي والحواري، ولكننا سعينا للمشاركة من خلال تسهيل زيارة الغرب للأماكن المنكوبة.
ماهي الرسالة التي تود توجهها للمصريين؟
الرسالة الوحيدة هي أننا دفعنا ثمن كبير في الثورة، وحان وقت البناء ونحتاج إلى استثمار ما سبق من لحمة وطنية والتأييد الشعبي للدولة، وأن نعد بشكل جيد للمؤتمر الاقتصادي لدعم مصر في فبراير المقبل، واتمنى أن يستكمل الرئيس رؤيته للعلاقات الدولية والاستفادة من نتائج زيارته إلى نيويورك.