في مجتمعه الصعيدي المعروف بتقاليده وعاداته الخاصة نشأ عبد الكريم 8 سنوات في رحاب منزل ريفي في قرية «نجع هوارة» التابعة لمحافظة قنا وعلى جدرانه مجموعة من صور جده «الحاج زكي» وهو قابض على نَبّوته أثناء ممارسة لعبة التحطيب في الاحتفالات والموالد الشعبية بقرى المحافظة.
«الخزرانة» هو الاسم الذي أطلقه الحاج زكي على عصا أورثها لنجله ثم ورثها حفيده والتي كان يستخدمها في واحدة من أشهر الفنون الشعبية المصرية «التحطيب» ولأنها صنعت خصيصًا من الخيزران يقول حسن زكي الابن: «أبويا علمني الرقص بالعصايا كان بيقول عليها الخزرانة.. والتحطيب ودي لعبة احنا اتولدنا لقيناها من جدود الجدود وهي موجودة في عيلتنا ورثتها من أبويا وورثتها لولدي».
التحطيب لعبة متوارثة في عائلة الطبريات
لعبة التحطيب ليست مجرد مبارزة لكن المشهد المألوف لمختلف سكان محافظات الصعيد في الموالد والأفراح لرجلين يلوحان بحركات استعراضية، ممسكين بعصا غليظة يبدأ كل واحد منهما بإظهار مهابة للآخر وتقديم التحية والاحترام قبل ممارستها إذ يضيف حسن خلال حدثه لـ«الوطن» «أبويا علمنا قبل ما يتوفى أنا وأخوي أساس اللعبة وهي مبنية على الأدب والاحترام بالذات لما تكون بتلعب مع واحد أكبر منك في السن.. ليها قواعد وفنون».
لعبة ليست عنيفة
اللعبة القديمة التي لم تتخلَ عنها عائلة «الطبريات» التي ينتمي إليها الطفل ويمارسها وسط حشود مشجعة لا تحمل أي شكل من أشكال العنف إنما طابع تراثي لم يكن لديه مخاوف من تعليم أساليبه لنجله البالغ من العمر 8 سنوات: «التحطيب مفيهوش عنف..ولدي عبد الكريم اتعلم اللعبة صح وبيلعب مع شباب وعواجيز.. في ناس بتلعب معانا من زمان ومش بيلعبوا زي عبد الكريم والناس كلها بتستغرب من موهبته.. وهي لعبة آمنة وبتاعتنا مصرية فرعونية مرسومة على الجدار».
حفيد الحاج زكي نال شهرة واسعة
وسط عالم من التواشيح والابتهالات الدينية المصاحبة لها أصوات رخيمة من المنشدين أصبح الطفل الذي ورث عصا جده قادراً على خطف أنظار الحاضرين للموالد وفور علمهم بأنه حفيد «الحاج زكي» أحد أشهر ممارسي اللعبة القدامى في المدينة يصطفون من حوله ويشجعونه: «بيتنا معروفة من الجدود باللعبة وإتقانها.. وبعبد الكريم بمجرد ما يمسك العصاية الناس بتستغرب لكن أول ما بيعرفوا إنه حفيد الحاج زكي.. بيعرفوا إنه بيلعب صح وبيقفوا يتفرجوا».
اندثار اللعبة أكثر ما يقلق عبد الكريم
ويصف عبد الكريم عصا جده بأنها الرفيقة الأولى والوحيدة له منذ أن تسلمها من والده وأصبح أصغر لاعب تحطيب في مصر، موضحًا خلال حديثه لـ«الوطن» أن ما يتردد حول اندثار اللعبة يثير مخاوفه: «سمعت إن التحطيب ممكن يختفي.. بس ده فن ولازم نحافظ عليه.. ويا ريت يكون في مدرسة للعبة زي اللي موجودة في دندرة ودشنا وأسوان..إحنا ورثناها من الجدود».
تعليقات الفيسبوك