السيسي لـ"عكاظ": مكافحة الإرهاب لا تقتصر على الشق العسكري
ـ أمن "الخليج" خط أحمر.. ولا يتجزأ من الأمن القومي المصري
ـ الملك عبد الله بن عبد العزيز "حكيم العرب"
- لا بد من توافر الإرادة السياسية لدى "تركيا و"قطر" لإزالة التوتر.. وعدم الرد على الإساءات هو أبلغ رد
- المقاصد السياحية المصرية كانت آمنة تماما حتى في أصعب الأوقات
- "قناة السويس" و"المليون فدان" و"المثلث الذهبي" أهم المشروعات التي ستطرح بمؤتمر المانحين
أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن الجيش المصري بخير دائمًا وجاهز معنويًا وقتاليًا، ويتسلح بالمعلومات التي تحدث ساعة بساعة، وله عين يقظة وحركة نشطة وفعالية في أداء مهام حفظ أمن وأمان الوطن وحماية حدوده، وأن هذا ما يبدو بوضوح من مدى النجاحات التي يحققها.
وأضاف "السيسي" في الجزء الثاني من حواره مع صحيفة "عكاظ" السعودية، التي نشرته في عددها الصادر اليوم، أن يقظة الجيش ظهرت في المناورة بدر 2014" التي تعد الأضخم للذخيرة الحية في تاريخ القوات المسلحة وتتضمن توفير ظروف مشابهة للحرب الحقيقية، إلى جانب تحقيق السيطرة على القوات خلال كافة مراحل العملية، تحت تغطية كاملة من القوات البحرية، التي تنفذ أعمال العبور للموانع المائية واستخدام الذخيرة الحية، موضحًا "المناورة تضمنت فعاليات بالذخيرة الحية شهدتها أثناء متابعتي لمناورة ذات الصواري التي قامت بها القوات البحرية، وأجد الفرصة هنا سانحة لأعاود التأكيد على أن أمن منطقة الخليج العربي خط أحمر وجزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري".
وتابع "السيسي" أن الملك عبدالله بن عبد العزيز، خادم الحرمين الشريفين، هو "حكيم العرب"، مشددًا على اتفاقه معه في وصفه لمصطلح "الفوضى الخلاقة" بأنها "فوضى الضياع والمصير الغامض"، مستكملًا: "كل من له عينان تريان أو عقل يفكر يستطيع أن يحكم على نتائج ما يسمى بالفوضى الخلاقة في بعض دول المنطقة التي أثيرت فيها الفوضى بغية تفتيت المنطقة وإعادة ترتيبها وفقًا لمصالح أطراف لم تع ولم تقدر خطورة ما فعلت بل وتسدد الآن فاتورة ما شاركت في إحداثه من فوضى".[FirstQuote]
ووجَّه رئيس تحرير صحيفة "عكاظ" سؤالًا للسيسي، بأن دول العالم المحب للسلام يرى أن العالم كله مستفيد من استقرار الخليج ومصر وتأمين مصالحه معهم رغم سعي بعض الأطراف الإقليمية والدولية إلى دفع الأمور نحو الأسوأ، متسائلًا عما قاله "السيسي" في هذا الصدد لكل من رئيس الوزراء الروسي "بوتين" عند الزيارة الأولى لموسكو، وكذلك رؤساء الدول الأخرى الذين التقاهم الرئيس المصري في نيويورك، بمن فيهم الرئيس باراك أوباما، على هامش المشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
من جانبه، أوضح السيسي أن الأطراف التي ذُكرت، هي أطراف باحثة عن دور ما لها في المنطقة، وتحاول بطرق شتى أن توجد لنفسها موطئ قدم على خريطة القوى الفاعلة، فتلك الأطراف كانت تظن -خطأ- أن إنشاء نظام إقليمي جديد سيتيح لها الفرصة لممارسة دور رائد إقليميًا، وكانت النتيجة كما نرى جميعًا، حروبًا أهلية، نزاعات طائفية ومذهبية، مقدرات تضيع، وشعوبًا تدفع الثمن.[SecondQuote]
واستطرد: "انتقلنا إلى مرحلة اللا نظام، وظهرت هذه الأطراف على حقيقتها، فقدت احترامًا ومصداقية كان يمكن أن تتمتع بهما لو أنها انتهجت منحى مغايرًا، ولكن المقدمات الخاطئة تقود دومًا إلى نتائج خاطئة، وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح.
وأردف أنه يعتقد أن هناك إدراكًا متزايدًا من مختلف القوى الدولية، ومن بينها القوى الكبرى، لحقيقة الأوضاع في المنطقة، ولقد بدأ هذا الإدراك يتبلور عمليًا من خلال الجهود الدولية التي تبذل من أجل مكافحة الإرهاب، فلقد بات العالم الآن أكثر وعيًا بأن الفوضى لا يمكن أن تنتج سوى المزيد من الفوضى وأنه لا يمكن الوقوف ضد إرادات الشعوب.
وعن زيارة موسكو ومقابلة بأوباما في نيويورك، وما تردد أن مصر أصبحت تملك خيارات عديدة للتوفيق بين ما تحتاجه، وبين ما تطلبه من "أمريكا وروسيا" وحرصها الشديد على استرداد دورها الطليعي في المنطقة أمام تنافس دول إقليمية عديدة على كرسي الزعامة، وبالأخص بين إيران وتركيا، قال الرئيس عبدالفتاح السيسي: "إن مصر ما بعد ثورة الثلاثين من يونيو تقيم علاقاتها الدولية على أسس من الندية والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتحرص على إقامة علاقات متوازنة وديمقراطية لا تميل إلى طرف على حساب آخر، ولا تعلي سوى مصلحة الوطن، وأن هذه الإجابة هي نص الجزء الخاص بالسياسة الخارجية المصرية في خطاب تكليفي للحكومة المصرية، أي أنها جزء من وثيقة رسمية على أعلى درجة من الأهمية، وليست مجرد كلام يقال، فزيارتي إلى موسكو جاءت استجابة لمصلحة الوطن، وليست خصمًا من علاقات مصر مع أي طرف، وكذا فإن لقاءاتي مع الرئيس الأمريكي أو المسؤولين الأمريكيين ليست خصمًا من علاقاتنا مع أي طرف آخر، إننا في مصر الجديدة نتحرك وفق مصالح الوطن والشعب، ونعتز بعلاقاتنا مع الدول الشقيقة والصديقة، التي نتبادل معها أدوار التأييد والمساندة وقت الأزمات".
وفيما يخص القضية الفلسطينية، قال السيسي: "هناك ضرورة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وهناك احتياج إسرائيلي للشعور بالأمن وتحقيقه، ومن ثم فإن التسوية السلمية للصراع الممتد لأكثر من ستة عقود تعد حقا أصيلًا للشعب الفلسطيني، وتصب في مصلحة الشعب الإسرائيلي، ولذا حرصت في مؤتمر إعادة إعمار غزة أن أدعو الشعب الإسرائيلي إلى تحقيق السلام، وحث قادته على المضي قدمًا في طريق السلام، إننا في مصر لا نلتفت كثيرًا إلى أي محاولات يائسة للتشويش على دورنا الإقليمي في المنطقة، ولاسيما في القضية الفلسطينية التي ستظل محتفظة بمكانتها التقليدية في صدارة اهتمامات السياسة الخارجية المصرية، وعلى الرغم من محاولات عرقلة وتعطيل الدور المصري التي جاءت من هنا أو هناك، فإننا توصلنا في النهاية إلى وقف لإطلاق النار وإقرار للهدنة، فضلًا عن تحقيق المصالحة الفلسطينية، وسنمضي في طريقنا إن شاء الله وصولًا لتحقيق السلام العادل والشامل، وفقًا لمبادرة السلام العربية التي سبق أن طرحها خادم الحرمين الشريفين في قمة بيروت عام 2002".
ورد "السيسي" على سؤال رئيس تحرير الصحيفة، وما يثار بأن مصر ليست متحمسة للمشاركة في التحالف الدولي ضد "داعش"، قائلا: "مصر كانت من أوائل الدول التي حذرت من مخاطر انتشار الإرهاب ومحاولات بعض الأطراف الدولية لإيجاد جماعات متطرفة تساندها في مواجهة أطراف دولية أخرى في المنطقة إلى أن آلت الأوضاع إلى ما نحن فيه الآن، وعلى الرغم من ذلك ولكون مصر قد اكتوت بنار الإرهاب، فإننا منخرطون بالفعل في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، وليس أدل على ذلك من مشاركة مصر في الاجتماع الذي عقد مؤخرًا في واشنطن في هذا الصدد، والذي ضم رؤساء أركان حرب القوات المسلحة في عدد من الدول، وذلك في الوقت الذي رفضت فيه أطراف إقليمية أخرى المشاركة، وأود أن أوضح أن مصر تؤكد على أهمية أن تتم مكافحة الإرهاب من منظور شامل، لا يقتصر فقط على الشق العسكري، وإنما يمتد ليشمل الأبعاد التنموية بشقيها الاقتصادي والاجتماعي، الرؤية يجب أن تكون واضحة بما يضمن عدم تكرار ظهور وانتشار هذه الجماعات المتطرفة التي تستهدف مقدرات الدول وتسيء إلى الإسلام".[ThirdQuote]
وواصل السيسي حديثه عن دور مصر الخارجي، بقوله: "إن مصر لها فلسفتها الخاصة إزاء التعاطي مع كافة هذه القضايا المهمة والحيوية في المنطقة وهي فلسفة قائمة على حماية الدول ذاتها وصون حقوق شعوبها دون محاباة لنظام أو معاداة لأتباع مذهب أو عرق أو طائفة بعينها في أي من الشعوب العربية، فمصر أبعد نظرًا وأكبر قدرًا من أن تقع في شرك كهذا، لا طائل من ورائه سوى تأجيج الصراعات وتكون الشعوب هي الخاسر الأكبر، ويمنح هذا الموقف لمصر مصداقية أكبر وقبولًا أعلى من أي أطراف أخرى ترتبط بمصالح ضيقة من نظام حاكم أو أتباع مذهب أو عرق بعينه في أي شعب عربي، وأؤكد لك أن موقف مصر إزاء سوريا والعراق واليمن، موقف واضح يستهدف الحفاظ على السلامة الإقليمية لهذه الدول ووحدة شعوبها وصون مقدراتها، والعمل على إيجاد حلول سياسية لتلك الأزمات".
وفيما يخص توتر العلاقات المصرية التركية والمصرية القطرية، وتوفر جهود أو مساعٍ من داخل المنطقة أو خارجها تقود إلى مصالحة من نوع أو آخر في المدى القريب، قال السيسي: "هناك خطوة يتعين توافرها أولًا قبل الحديث عن جهود أو مساع لتقريب وجهات النظر، ألا وهي توافر الإرادة السياسية لدى الأطراف التي تحدثت عنها لإزالة التوتر وإعادة العلاقات مع مصر إلى طبيعتها.. هل تتوافر تلك الإرادة أولا؟ وإذا قيل إنها متوافرة، فهل هناك خطوات عملية وكافية تدلل على توافرها وصدقها؟.. دعنا نطرح هذا السؤال ونترك الحكم للقراء، إن عدم رد مصر على الإساءات التي توجه إليها يُعد أبلغ رد في حد ذاته".
وعن الإعداد لاجتماع الدول المانحة لدعم بمصر: قال الرئيس: "مرة أخرى أوجه الشكر مجددًا لخادم الحرمين الشريفين على دعوته الكريمة لعقد هذا المؤتمر، فجلالته كما عهدناه دوما سباقًا إلى التفكير والانشغال بقضايا المنطقة وبأحوال دولها، وأشير إلى أن التنسيق يتم بشكل كامل بين مصر والمملكة من أجل تنظيم المؤتمر وإنجاحه، إن شاء الله، أما بالنسبة للمشروعات التي سيطرحها المؤتمر فهي عديدة ومتنوعة، ومن أبرزها مشروع تنمية محور قناة السويس، وهو مشروع مختلف عن حفر قناة السويس الجديدة، إذ يرتبط في المقام الأول بالعديد من الاستثمارات الخاصة بالتصنيع وأعمال الشحن والتفريغ وإنشاء مصانع وورش لإصلاح السفن والحاويات فضلًا عن إنشاء مدينة عالمية للسياحة والتسوق في خليج السويس، بالإضافة إلى مشروعات التنمية الزراعية التي طرحتها مصر في إطار خطة استصلاح المليون فدان، وكذا المشروعات التي يمكن إقامتها في منطقة المثلث الذهبي (سفاجا –القصير – قنا ) ومنها مشروع إقامة 4 مناطق صناعية تعدينية في غرب سفاجا لصناعة الزجاج والكوارتز وجنوب طريق (قنا – سفاجا) لصناعة الفوسفات والكبريت، وشمال مرسى علم لصناعة تكرير الذهب، بالإضافة إلى تطوير مدينتي سفاجا وقنا الجديدة لتلعبا دورًا رئيسيًا وتعملا على تشجيع إقامة مجتمعات عمرانية في هذه المناطق".
وعن رؤية "السيسي" في مستقبل العلاقات بين مصر والسعودية على كافة الأصعدة، قال: "إن مستقبل العلاقات بين البلدين واعد ومزدهر، ومليء بالفرص الاقتصادية والتنموية التي يعززها التوافق السياسي، وكما تقول الحكمة العربية (رُب ضارة نافعة) فعلى قدر صعوبة المحنة التي مرت بها مصر خلال الفترة الماضية، على قدر ما أثبتت مواقف المملكة العربية السعودية تحت قيادة جلالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز أصالة مواقفها إزاء مصر وشعبها، وهي المواقف التي سيظل يحفظها الشعب المصري للمملكة الغالية وشعبها الشقيق، وسيحفرها التاريخ بأحرف من نور في سجل المواقف الأخوية الحقيقية بين البلدين، فإن وقوف المملكة إلى جوار مصر لم تكن له فقط معانٍ نبيلة على مستوى العلاقات الأخوية بين البلدين، ولكنه صان العديد من دول المنطقة ومقدراتها وكان نتاجًا لإدراك صائب بخطورة الأوضاع والمخططات التي كانت تصاغ لها، ويقع على عاتق الدول العربية أن تتضامن وأن تساهم بفاعلية في تحقيق استقرار وأمن المنطقة أخذًا في الاعتبار حيوية المنطقة للعالم بأسره، سواء من حيث كونها مصدرًا ثريًا لمصادر الطاقة أو معبرًا لحركة التجارة العالمية".
وعن دور "السيسي" لاستعادة مكانة مصر السياحية عند شعوب المنطقة وسواها، قال: "إن المشكلة التي عانت منها السياحة المصرية على مدار السنوات الثلاث الماضية لم تكن تتعلق بأي قصور في قطاع السياحة المصرية أو بتنافسيتها سواء على مستوى المضمون أو الأسعار، فقطاع السياحة المصرية كان وسيستمر بإذن الله أحد أهم مصادر الدخل القومي المصري، ولكن التطورات السياسية التي مرت بها البلاد وما أفرزته من بعض الاضطرابات الأمنية فضلا عن المبالغات الإعلامية أعطت السياح في مختلف دول العالم انطباعًا بأن هذه الحالة من عدم الاستقرار منتشرة في كافة ربوع مصر وهو انطباع خاطئ تمامًا ومجافٍ للواقع، فالمقاصد السياحية المصرية كانت آمنة تمامًا حتى في أصعب الأوقات التي شهدت فيها العاصمة بعض الاشتباكات أو الاضطرابات والتظاهرات، بل إن عددًا كبيرًا من أحياء القاهرة ذاتها كان آمنًا تمامًا طالما لم يكن قريبًا من أماكن وقوع تلك التظاهرات، والآن لقد زالت كافة هذه الأسباب الأمنية، ورفعت الدول الأوروبية حظر السفر الذي كانت قد فرضته في السابق على المقاصد السياحية المصرية وعلى الرحلات النيلية بين الأقصر وأسوان، ويستمتع السياح حاليًا من مختلف دول العالم بالمقاصد السياحية في البحر الأحمر، ويبذل رجال القوات المسلحة والشرطة من الجهد والتضحيات في سبيل أمن واستقرار مصر ما يستحق التقدير والإشادة، اعقدوا فقط العزم على السياحة في مصر وستقضون بإذن الله أوقاتًا طيبة في بلدكم الثاني مصر".