«جرعة حياة» على باب «السوفالدى»

«جرعة حياة» على باب «السوفالدى»
أعلن الدكتور عادل العدوى، وزير الصحة والسكان، أمس، بدء تنفيذ الخطة القومية للعلاج والوقاية من مرض فيروس سى، مشيراً إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسى أوصى بوضع هذه الخطة وزيادة عدد المرضى الذين يتم علاجهم، واصفاً يوم أمس بأنه بداية حقيقية للقضاء على هذا الوباء اللعين بعد نجاح الوزارة ولجنة الكبد فى توفير عقار فيروس سى الجديد (السوفالدى).
وقال «عدوى»، خلال المؤتمر الصحفى الذى عقد بوزارة الصحة أمس، إن بدء العلاج بالسوفالدى يعد فتحاً جديداً ويضع مصر على الطريق السليم للتخلص من هذا الداء، مشيراً إلى أنه ليس هناك احتكار للدواء فى مصر وأن السوق مفتوحة أمام شركات الدواء المصرية لإنتاج عقارات فيروس «سى» المماثلة، فضلاً عن وجود أدوية جديدة فى طريقها للاعتماد من منظمة الأغذية والأدوية تحقق نسبة شفاء تصل لـ100% وتؤخذ منفردة أو مع عقار آخر.
وأضاف أن العلاج بالسوفالدى بدأ أمس بثلاثة مراكز للكبد هى معهد الكبد بقصر العينى، ومستشفى القاهرة الفاطمية، ومستشفى المنصورة الدولى، مشيراً إلى أنه بدءاً من الأحد المقبل سيكون العلاج متوافراً بباقى مراكز الكبد الـ8 التى سبق الإعلان عنها، وهى معهد الكبد بالقاهرة، ومستشفى القاهرة الفاطمية، ومستشفى القبارى بالإسكندرية، ومعهد الكبد بكفر الشيخ، ومستشفى المنصورة الدولى، ومستشفى سمالوط بالمنيا، ومستشفى بنى سويف العام، ومستشفى أسيوط العام.. وسوف يوزع على المرضى الذين تم اختيارهم وفق بروتوكول العلاج الذى سبق الإعلان عنه.
وأشار إلى أن الخطة الموضوعة للوقاية والعلاج من هذا المرض تعتمد على بناء قاعدة بيانات أساسية للمرضى لتحديد خطة العلاج، وتطبيق إجراءات مكافحة العدوى بكل المستشفيات والعيادات ومراكز صحة الأسرة، والأماكن الناقلة للفيروس كمحلات الحلاقة وبنوك الدم وأماكن الحقن، فضلاً عن تنظيم خطة توعية لرفع درجة الوعى لدى المواطنين، بالإضافة إلى دعم البحث العلمى الخاص بفيروس «سى».
ولفت إلى أن الكمية الأولى من السوفالدى الموجودة بمصر الآن والمقدرة بـ225 ألف جرعة هى أقصى كمية تم طرحها فى العالم، مشيراً إلى أن الكمية التى تم طرحها بأمريكا نفسها كانت 30 ألف جرعة فقط مما يشير إلى أن هناك اهتماماً أكبر بمصر، وأن هناك مجهوداً كبيراً يبذل من قبل الحكومة المصرية ولجنة الكبد لتوفير هذا العقار بهذه الكمية وبهذا السعر الذى لا يتجاوز 1% من سعر الدواء الفعلى.
ونفى «عدوى» تدخل الحكومة فى توزيع الدواء بالسوق المصرية قائلاً: الحكومة لا تدخل إطلاقاً فى توزيع الدواء وإنما الشركة المنتجة هى التى تختار الشركة الموزعة ونأمل أن تكون لدينا شركات مصرية منتجة وكذلك أن يتم التوزيع من خلال شركة مصرية.
من جانبه، قال الدكتور وحيد دوس، رئيس اللجنة القومية للفيروسات الكبدية، لـ«الوطن»، إن عدد المرضى الذين سيحصلون على السوفالدى فى اليوم الأول يصل لـ200 مريض، مشيراً إلى أن كل مريض سيحصل على الدواء وفق ظروفه، فمن لا يتمكن من دفع ثمن العلاج سيعالَج على نفقة الدولة ومَن لديه القدرة على تحمل العلاج سيعالج على نفقته، ومن يتبع للتأمين الصحى أو لأى جهة سيعالج على نفقتها.
وقدم «دوس» أول مريض حصل على السوفالدى، ويدعى الدكتور هانى توفيق حاصل على دكتوراه فى الاقتصاد وكان أول من سجل على موقع اللجنة، ومن أول من أجروا الكشف الطبى والفحوصات اللازمة وتبين انطباق الشروط عليه، وبالتالى كان أول من حصل على جرعة السوفالدى.
وأشار «دوس» إلى أن علبة السوفالدى تكون بحوزة المريض ومدوناً عليها اسمه ورقمه القومى وتاريخ أول جرعة وكود خاص بها، وأن كل مريض سيفتح العلبة ويحصل على أول جرعة أمام أطباء الكبد، ثم يعود بعد شهر وبحوزته العلبة الفارغة للحصول على العلبة الثانية، مشيراً إلى أن هذه الإجراءات جاءت بناءً على طلب الشركة المنتجة للعقار حفاظاً عليه من التهريب وللتأكد من أن كل الجرعات ستكون من نصيب المرضى الأكثر حاجة الذين حصلوا عليه وفق إجراءات وزارة الصحة.
وخلال انعقاد المؤتمر، وقف عدد من مرضى الكبد تعلو وجوههم ابتسامة ظفر وتفاؤل، يحمل كل منهم بين يديه علبة السوفالدى التى حصل عليها بحرص شديد وكأنها تحمل بداخلها الحياة بالنسبة له، بعد رحلة طويلة مع المرض استمرت سنوات كثيرة حتى ظن كل منهم أنه لا أمل فى الشفاء.
تقول جمالات محمد حنفى (61 سنة): بقالى 10 سنين بتعالج من فيروس سى، وجربت كل الأدوية والحقن بهدلت جلدى، لغاية ما افتكرت إن خلاص ما فيش أمل وبدأت أتعامل على إن ده ابتلاء من ربنا ما فيش منه شفا لغاية ما سمعت عن الدواء الجديد، تابعت أخباره أول بأول لغاية ما وزير الصحة أعلن بدء التسجيل بالموقع الإلكترونى، خليت ابنى سجل لى وتابعنا لغاية ما عرفنا موعد الكشف وعملنا فحوصات كتيرة لغاية ما تعبنا والحمد لله ربنا كرمنا والنهاردة أخدت الدواء، وإن شاء الله هبقى كويسة وهخف.
وقالت خيرية محمود (60 سنة): أنا بقالى كتير مريضة بفيروس سى لدرجة إنى مش فاكرة عدد سنين إصابتى بالمرض، وكنت كل ما أسمع عن دواء أروح وأتعالج لكن ما كنتش بخف لغاية ما سمعت عن السوفالدى، قعدت أتابع أخباره لغاية ما الوزير قال إن التسجيل على النت بدأ خليت أولادى سجلوا لى والحمد لله ربنا كرمنى وأخدت العلبة الأولى ولسه باقى علبتين، والدكاترة قالوا لى إنى هبقى كويسة بعد ما أخلص كورس العلاج وأنا حاسة إنى بجد ربنا كرمنى وإنى إن شاء الله هخف.
وردت الحاجة خيرية على السؤال الخاص بإجراءات الشركة لمنع تهريب الدواء وما فرضته على المرضى من ضرورة إحضار العلبة الفارغة قبل استلام الجرعة الجديدة قائلة: من غير إجراءات يا بنتى حد يبيع شفاه، ده لو بكنوز الدنيا ما أفرطش فى العلبة، والإجراءات مش مضايقانى، أنا كده كده هحافظ على العلبة وهعمل اللى الدكاترة يقولوا عليه والشفا على ربنا.
وأعربت صباح سعد على (56 سنة) عن سعادتها بحصولها على العلبة الأولى من السوفالدى وخرجت تحملها بين يديها وعلى وجهها ابتسامة ظفر وأمل وقالت: الحمد لله ربنا كرمنا أنا من ساعة ما عرفت بالدواء ده وأنا قاعدة أمام التليفزيون مستنية أخباره نفسى أخف وأبقى كويسة بقالى 15 سنة بتعالج من فيروس سى وما فيش فايدة، وأول ما عرفت إن التسجيل بدأ على النت زوجى سجل لى على طول، لكن سعادتى كانت لا توصف لما إدارة معهد الكبد كلمونى وقالوا لى آجى النهارده آخد الدواء، حسيت إن ربنا تقبل دعايا وكتب لى الشفا، ربنا يشفى كل مريض لأن المرض وحش وخاصة لما يكون مالهوش علاج.
وقال هانى توفيق، أول مريض يحصل على السوفالدى: أنا كنت أول من سجل على موقع لجنة الكبد، وكنت أول من وقع الكشف الطبى والحمد لله انطبقت علىّ برتوكولات العلاج وكنت أول من حصل على جرعة السوفالدى، لكن ظروفى ميسرة وتسمح بعلاجى على نفقتى وعشان كده بلغتهم فى معهد الكبد إنى ممكن أتعالج على نفقتى وبالفعل هدفع تكلفة العلاج واللى تقريباً هتكلفنى 10 آلاف جنيه.
وأضاف أنه يفكر مع مجموعة من مرضى الكبد عمل جمعية لعلاج مرضى الكبد وتحمل النفقات عنهم لمساعدة الدولة فى علاج حالات أكثر قائلاً: ما يحسش بالمرض غير اللى جربه وأنا زى ما أخذت الدواء وإن شاء الله هخف، نفسى الناس كلها تخف وتبقى كويسة وقريب جداً سنعلن عن الجمعية الجديدة اللى بنعملها لدعم مرضى فيروس «سى».
ويشكو مرضى الكبد الذين تحدثوا لـ«الوطن» من «ارتفاع أسعار التحاليل التى تطلبها اللجنة الطبية الأولية فى معهد الكبد، أحد منافذ صرف العقار الجديد التى حددتها وزارة الصحة». ويذكر المصرى أن «هناك حوالى 15 تحليلاً، كل واحد منها بحوالى 500 أو 600 جنيه، ولا تطلب اللجنة كل التحاليل من كل المرضى، ولكن كل على حسب حالته، لكن متوسط تكلفة التحاليل التى أجراها المرضى بلغ 2000 جنيه».
أمام لجنة طبية مؤلفة من ثلاثة أطباء، وقف خمسينى العمر سمير هلال ممسكاً بملفه للمرة الثالثة، ويقول نجله بولس: «طلبوا مننا تحليل (فيروسكان) وهو تحليل لا يتم إجراؤه إلا فى مستشفيين: قصر العينى، والقوات المسلحة. وإجراء التحليل لا يتم سوى بعد 5 أشهر على الأقل من تاريخ تقديم طلب إجرائه، لكننا بحثنا عن واسطة فى القوات المسلحة للتعجيل بالتحليل وجئنا به اليوم». ويردف بولس: «أدينا منتظرين نعرف هناخد العلاج النهاردة ولا لأ». بينما لم يحالف الحظ كثيرين ممن طُلب منهم إجراء تحاليل «الفيروسكان»، من بينهم أحمد أكرم، الذى أوضح أن «لجنة المعهد طلبت منّى تحليل الفيروسكان، ولما رحت قصر العينى حددوا لى موعد يوم 16 يونيو 2015 لإجرائه».
ويطالب «بولس» بـ«توفير العلاج فى منافذ مختلفة وفى الصيدليات تسهيلاً على المرضى واختصاراً للإجراءات وتوفيره لمن لديهم المقدرة المالية لشرائه».
تزداد معاناة عبدالمولى محمد، الوافد من بنى سويف، مع صعوبة حصوله على العلاج نظراً لتعثره مالياً وعدم مقدرته على دفع قيمة التحاليل المطلوبة من قبل اللجنة الطبية «مطلوب منى تحاليل بأكتر من 2000 جنيه، وحاولت أعملها على نفقة الدولة.. قالولى تعالى الخميس الجاى وآدى خميس بيجر خميس وبقالى شهر ونص مش عارف أعمل التحليل.. وأنا عامل وتعبى كمان خلّانى مقدرش أشتغل يومياً».
انتبه الموجودون إلى صرخات ودعوات سعيد محمد طلب، واحد ممن أخفقوا فى الحصول على العقار الجديد، على مسئولى وزارة الصحة «حسبى الله ونعم الوكيل فى الوزير.. كل مرة يطلبوا تحاليل بـ4000 جنيه.. طب نجيب منين.. ده الواحد عالمعاش وحتى المعاش مش عارفين نصرفه.. دول عاوزين يموتونا..».