السودان وقطر.. الشراكة الخطرة
تمثل السودان أهمية رئيسية للأمن القومي المصري، فهي البوابة الجنوبية التي يبلغ طولها 1273 كم، تغطيها صحاري شاسعة مترامية الأطرف، وتشوبها توترات سياسية تعلو وتيرتها بين البلدين بين الحين والآخر، بداية من مثلث حلايب وشلاتين، المتنازع عليه بين البدين، مرورًا بمنطقة النوبة المليئة بالتوترات القبيلة التي ظهرت على سطح الأحداث مؤخرًا، ثم أقصى الغرب حيث الحدود الموازية لليبيا التي تعاني من حرب أهلية وانفلات أمني.
وبدأت قطر فتح قنوات للتواصل مع حكومة الخرطوم منذ أكثر من 10 سنوات لتنافس مصر في دورها الإقيلمي والريادي في السودان، وتعظم دورها ونفوذها الإقليمي في المنقطة مستغلة غياب الدبلوماسية المصرية عن المشهد الأفريقي منذ سنوات طويلة، فأصحبت راعيًا أساسيًا لطاولة المفاوضات بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة في درافور.
حكومة "الدوحة" هي الداعم الأكبر في المنطقة لنظام الرئيس السوداني، عمر البشير، ليتفادي الانهيار الاقتصادي للبلاد بعد انفصال جنوب السودان، واضطراب السوق المحلي وسط ضغوطات سياسية وعسكرية من المعارضة السودانية لإسقاط النظام، بالإضافة إلى الدعم الإعلامي الكبيرة من قناة "الجزيرة" لنظام البشير لتثبيت أركان حكمه وتجاهل الحراك الثوري الذي انتفض أكثر من مرة طيلة الأعوام الثلاثة وأجهض من قبل الأمن.
ويري أزهري أبو اليسر، نائب رئيس الجبهة الوطنية العريضة لإسقاط النظام السوداني، أن العلاقات القطريةـ السودانية تشكل خطرًا كبيرًا على الأمن القومي المصري، فالسودان يضم 4 معسكرات لعناصر الإخوان المسلمين في مناطق حيوية في الخرطوم تدعمها الحكومة القطرية بالمال والسلاح.
وأضاف، في تصريحات لـ"الوطن" أن الدوحة أعطت لعدد كبير من قيادات الإخوان جنسيات قطرية حتى يمتكنوا من دخول السودان دون تأشيرات وفقًا لاتفاقية موقعة بين البلدين، وفي أول يوم لتوقيع هذه الاتفاقية هبطت الأجواء السودانية طارئرة قطرية خاصة تحمل على متنها 30 أسرة إخوانية، جيمعهم يحظون بحرية التنقل والحركة في الخرطوم.
وأشار "أبو اليسر" إلى أن المعارضة السودانية حذرت الحكومة المصرية من فتح المعبر البري مع السودان لضرورات الأمن القومي، حيث سيساهم المعبر في تهريب مزيد من العناصر الإرهابية والسلاح إلى الداخل المصري.
وقالت الدكتورة أماني الطويل، مديرة وحدة الدراسات الأفريقية بمركز الأهرام، إن العلاقات السودانيةـ القطرية شهدت ازدرهارًا كبيرًا منذ أكثر من 10 أعوام ارتكزت في الأساس على مصالح اقتصادية ورغبة من الدوحة في أن تكون دولة مؤثرة في الحراك الإقليمي بالمنقطة، وبالتالي فإن قطر لديها تأثير كبير على صنع القرار السياسي في السودان.
وأشارت في تصريحات لـ"الوطن" إلى أن القاهرة ستضغط على الخرطوم لتسيلم أي عناصر إخوانية لديها ممن لهم سوابق إجرامية، مضيفة أن حكومة البشير ستكون أكثر حكمة في التعامل مع قطر حتى لا تخسر العنصر المصري المدعم بالنفوذ الخليجي.
وعلى صعيد آخر، يري طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن الضغط الأمريكي على قطر حتى تضمن مشاركة مصر في التحالف الدولي ضد الإرهاب ساهم بشكل أو بآخر في إبداء الحكومة القطرية نوعا من المرونة تجاه القاهرة، بالإضافة إلى الضغط السعودي الخليجي الذي ازداد في الفترة الأخيرة حتى تتوقف الدوحة عن دعم الجماعات الإرهابية التي تهدد الأمن القومي المصري.
وأضاف "فهمي" في تصريحات لـ"الوطن" أن هناك محاولات للوساطة بين القاهرة والدوحة قادتها البحرين منذ فترة، ستحتاج إلى مزيد من الوقت للتأكد من جدية الخطوة القطرية، خاصة أن معظم القيادات التي طردتها الدوحة قيادات إعلامية غير مؤثرة في التنظيم بشكل كبير.