سُجن في مصر.. «ابن تيمية» بين «شيخ الإسلام» و«مرجعية الإرهاب»
المفتي: اجتهاداته لها سياقها الزمني
ابن تيمية
أعادت تصريحات مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام، عن استغلال الجماعات الإرهابية لفكر ابن تيمية، واتخاذهم أفكاره ملاذا وفقها لهم، الجدل من جديد حول شخصية ابن تيمية الذي لقب بـ"شيخ الإسلام".
من هو ابن تيمية؟
وابن تيمية، بحسب المراجع التاريخية، اسمه الحقيقي تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَلِيمِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ النُّمَيْرِيُّ الْحَرَّانِيُّ، واشتهر باسم ابن تيميَّة، وهو من مواليد 1328م، بمدينة "حيران" في تركيا، ونشأ ابن تيميَّة حنبلي المذهب إلا أنه أخذ يفتي في العديد من المسائل على خلاف معتمد الحنابلة.
قصة حياة ابن تيمية
وانتقل مع اسرته إلى العاصمة السورية دمشق وهو ابن سبعة سنوات، بسبب غارات التتار، وكان والده يدرس في الجامع الأموي وفي "دار الحديث السُّكَّرية"، ويذكر المؤرخون أن "ابن تيمية" أخذ العلم من أزيد من مائتي شيخ في مختلف العلوم منها التفسير والحديث والفقه والعربية، وقد شرع في التأليف والتدريس في سن السابعة عشرة بعد وفاة والده حيث أخذ مكانه في التدريس في "دار الحديث السُّكَّرية"، بالإضافة إلى أنه كان لديه درس لتفسير القرآن الكريم في الجامع الأموي ودرس "بالمدرسة الحنبلية" في دمشق.
أفكار ابن تيمية تقوده للسجن
واجه ابن تيمية السجن والاعتقال عدة مرات، بتهمة تحريض العامة، منها في العاصمة المصرية "القاهرة"، حيث سُجن مع أخويه "شرف الدين عبد الله" و"زين الدين عبد الرحمن" مدة ثمانية عشر شهراً، بسبب مسألة العرش ومسألة الكلام ومسألة النزول، وشكوى من الصوفية، ومسألة الحلف بالطلاق، ومسألة زيارة القبور وشد الرحال لها.
وعاصر ابن تيمية غزوات المغول على الشام، واشترك ابن تيمية في "معركة شقحب" التي انتهت بانتصار المماليك على التتار، وقد أشيع في ذلك الوقت حكم قتال التتار حيث إنهم يظهرون الإسلام، فأفتى ابن تيمية بوجوب قتالهم، وأنهم من الطائفة الممتنعة عن شريعة من شرائع الإسلام.
وخرج ابن تيمية أيضاً مع نائب السلطنة في دمشق في سنة 699 هـ/1299م وفي سنة 704 هـ/1305م وفي سنة 705 هـ/1305م لقتال أهل "كسروان" و"بلاد الجرد" من الإسماعيلية والباطنية والحاكمية والنصيرية، وقد ذكر في رسالة للسُلطان أن سبب ذلك هو تعاونهم مع جيوش الصليبيين والتتار.
الإرهابيون وفكر ابن تيمية
ظهر أثر ابن تيمية في أماكن مختلفة من العالم الإسلامي، ويبرز استدلال السلفية الجهادية بكتب وفتاوى ابن تيمية في عدة مواقف، كما يظهر تأثر رموز هذا التيار به مثل محمد عبد السلام فرج وأسامة بن لادن وأبو مصعب الزرقاوي.
وكان القيادي الإخواني المنشق الدكتور ثروت الخرباوي، وصف ابن تيمية في مقال له بعنوان "ابن تيمية.. الأب الروحي لشياطين الإرهاب"، مشيرا إلى أنه يمثل مرجعية كبرى بالنسبة لعموم المتطرفين، وقد تتلمذ على كتبه وأفكاره سيد قطب وأسامة بن لادن وأيمن الظواهري وأبو مصعب الزرقاوى وقتلة الرئيس الراحل السادات.
وبحسب الخرباوي، فإن من فتاوى ابن تيمية، أنه من يصلي الجمعة فقط يُقتل، المعتقد بعدم وجوب الصلاة يُقتل، وإذا كنت في دولة لا تطبق شريعة من شرائع الإسلام وفقًا لمنظور ابن تيمية وفقهه فإنك يجب أن تُقاتل تلك الدولة.
وقال عدد من العلماء، إنه يجب إلى فتاوى ابن تيمية في السياق الذي نتجت فيه فهو منتج اجتهادي ظهر في سياق وظروف اجتماعية وسياسية منها قتال التتار في زمنه.
المفتي يفند فكر ابن تيمية
وقال مفتي الجمهورية، شوقي علام، إن نواتج فكر ابن تيمية، تم استغلالها من قِبل الجماعات الإرهابية ونزعها من سياقها التاريخي، مثل فكرة دار الإسلام ودار الحرب، والطائفة الممتنعة، واستغلت الأحكام التي أصدرها حيث وجدت فيه ملاذا وفقهًا يمكن أن ترتكن إليه.
ولم ينكر مفتي الجمهورية، أن ابن تيمية له اجتهادات، ولكن فكره واجتهاداته لها سياقها الزمني، ولا تصلح لأزمنة أخرى؛ لأنه يجب ربطها بواقعها، وأي شخص يأخذ عن فكره لا بد أن يربطه بواقعه وزمانه، ويحقق المصالح من وراء هذا المنهج، والدارسون لشخصية ابن تيمية يقولون هذا الأمر، ومن ثم الأخذ عنه بسلخ الأحكام الفقهية دون النظر إلى الزمان، أمر خاطئ.