إخفاقات وزارة الآثار.. "إهمال" يقتل حضارة الـ"7 آلاف سنة"
تحث وزارة الآثار المصريين على معرفة تاريخ بلادهم وزيارة المناطق الأثرية الفريدة، للتعرف على أسياد العالم القديم، والجدود الذين استطاعوا أن يكونوا سمعة عالمية لمصر، لا يزال صداها موجودًا حتى الوقت الحالي، ولعل تلك الآثار والمعابد والمسلات لا تزال من أكبر مصادر الدخل القومي لمصر، فهي التراث المادي والمعنوي الحقيقي، وعلى الرغم من ذلك، توجد إخفاقات للوزارة، ربما عن غير قصد ولكنها تسبب ضررًا كبيرًا للآثار المصرية.
تولى الدكتور ممدوح الدماطي، وزارة الآثار في حكومة محلب الحالية، وهو الحاصل على الليسانس والماجستير والدكتوراه في مجال الآثار المصرية القديمة، من جامعة القاهرة، وشغل عددًا من المناصب في ذات المجال، ما جعله مؤهلًا بشكل جيد ليكون وزيرًا للآثار، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فقد سجَّل الأثريون اعتراضهم على كثير من ممارسات الوزارة التي تضر بالآثار.
وكانت أول الانتقادات التي واجهها الدماطي، في الـ12 من أغسطس الحالي، حيث انعقد المجلس الأعلى للآثار، وقرر الموافقة على سفر مجموعة توت عنخ آمون برفقة بعض القطع الأثرية المنسوبة للدولة الحديثة، يبلغ عدد القطع مجمعة، 124 قطعة، إلى اليابان في معرض يمتد حتى أكتوبر من العام 2015، وكانت المحكمة الإدارية قد قررت في الأول من يوليو 2013، وقف عرض الآثار المصرية في الخارج، وهو ما علَّق عليه الدكتور عبدالحليم نورالدين، رئيس اتحاد الأثريين المصريين، قائلًا: "سفر القطع إلى اليابان يعد ابتزازًا، لأنها ستقرض مصر لإنشاء المتحف المصري الكبير"، وأضاف نورالدين في تصريحه لـ"الوطن": "تفريط من الحكومة في أعز ما نملك لأجل الأموال"، وذلك لأن عائد المعرض سيكون في حدود 10 ملايين دولار.
إعلان وزير الآثار وقف الإنشاءات في مشروع المتحف المصري الكبير، الذي كان مقررًا افتتاحه العام المقبل، يعد من الإخفاقات التي تعرضت لها وزارة الآثار، وعلل الوزير ذلك بعدم توفر تمويل مناسب أدى بدوره إلى تأجيل افتتاح المتحف 3 سنوات كاملة، ويأتي هذا التصريح لوزير الآثار في الـ14 من أغسطس الجاري، في حين قال ذات الوزير في الـ20 من يونيو إن الحكومة ملزمة بتوفير التمويل اللازم لإنهاء المرحلة الثالثة والأخيرة من المتحف الكبير، وتوقع أن يزوره 8 ملايين سائح سنويًا، ما يعد خطوة جيدة لإدخال عملة صعبة لمصر.
لم يكمل أبوالهول حتى الآن خمسين عامًا من وقت ترميم أنفه وقطع من ذقنه، وهي العملية التي نفذت عام 1970، حتى أعلن وزير الآثار ممدوح الدماطي، بدء عمليات ترميمه في الـ29 من أغسطس الحالي، ولمدة شهرين كاملين، "ليعود في أبهى صوره لاستقبال السياح"، وفق الوزير، وهو الأمر الذي علَّق عليه الدكتور بسام الشماع، الباحث في التاريخ الفرعوني، قائلًا: "ترميم الترميم عار" مستنكرًا خلال حديثه لـ"الوطن"، الترميم الذي لم يصمد لمدة نصف قرن من الزمان، في حين أن التمثال باقٍ منذ آلاف السنين، وطالب الشماع الحكومة بضرورة حماية التمثال من المياه الجوفية التي تفتك به من الداخل، وتزويده بذبذبات لحمايته من الطيور، وأخيرًا حاجز شفاف لحمايته من الرياح.
الانتقاد الأخير الذي كان من نصيب وزارة الآثار، تمثَّل في إسناده مشروع ترميم هرم سقارة إلى إحدى الشركات التي سبق لها ترميمه، منذ 8 سنوات، وفشلت في ذلك وتم منعها من إكمال عمليات الترميم، بحسبما ذكر الأثري أمير جمال، منسق حركة "سرقات لا تنقطع"، وأكد أن تلك الشركة ليست مختصة بترميم الآثار ولكنها شركة مقاولات، قامت سابقًا، بمحاولات لترميم عامود السواري بالإسكندرية ولكنها باءت كذلك بالفشل، وفيما يتعلَّق بسقارة فقد أكد جمال لـ"الوطن"، أن الشركة تسببت منذ عام 2006، في انهيار أجزاء منه ولم تحاول منع المياه المحيطة بأحجار الهرم من الوصول إليه، ما أدى إلى توقف إكمال الشركة لعمليات الترميم عام 2011، ليأتي الوزير الحالي، بمفاجأة أعادت إسناد عمليات الترميم لنفس الشركة، وهو ما يعرِّض الأثر لخطر كبير، بحسب وصفه، لوجود العديد من الفراغات والثغرات داخل الحجارة التي قد يتسبب الإهمال وعدم الدقة في الترميم في انهيارها.