لم تكن شهادة الصحفى ماجد عاطف وهو كان مراسلاً لصحيفة النيوزويك أثناء فض اعتصام رابعة، لمنظمة هيومان رايتس ووتش هى فقط التى تحتاج إلى تصحيح وتعديل، فقد اعترفت المنظمة بتحريف شهادة الصحفى وقررت حذف صفحتى ٢٦، ٢٧، بينما تم الإبقاء على التقرير كاملاً دون تغيير، بما فى ذلك الاستنتاج الرئيسى الذى وضع فى عنوان التقرير بأنه وفقاً للخطة تم ارتكاب مجزرة، أى أن الحكومة والشرطة قرروا ارتكاب جريمة القتل العمد، وشهادة هذا الصحفى تتناقض تماماً مع هذا الاستنتاج لا سيما أنه شاهد عيان كان فى موقع الأحداث، حيث أكد رؤيته لأول إطلاق رصاص وكان من جانب مسلحين ارتقوا أحد المبانى المحيطة بميدان رابعة العدوية وقرب المنصة، حيث توجه ضابط شرطة يحمل ميكروفوناً يعلن للمعتصمين صدور قرار من النيابة العامة بفض الاعتصام وتوفير الشرطة لممر آمن وتعهده بعدم التعرض للمعتصمين الذين يقررون ترك الاعتصام والخروج عبر الممرات الآمنة، ما كان من هؤلاء المسلحين إلا وهم يطلقون الرصاص على الضابط فيسقط قتيلاً هو وأربعة من رجال الأمن وتلا ذلك اشتباكات بين المسلحين والشرطة.
الجزء الآخر الذى أُهمل من الشهادة أيضاً يتعلق بوضع أنابيب بوتاجاز على الأسوار التى أحيطت بالاعتصام من خلال بلاط الأرصفة التى تم اقتلاعها وعمل حوائط لمنع اقتحام الاعتصام فيقول الشاهد إنه بمجرد دخول مركبات الشرطة انفجرت إحدى هذه الأنابيب.
إذن، هذه الشهادة تنفى بما لا يدع مجالاً للشك نظرية التخطيط لارتكاب مجزرة لا سيما أن البيان الأول للمنظمة كان يتحدث عن استخدام مفرط للقوة وعدم التناسب بين السلاح الذى استخدمه مسلحون داخل الاعتصام مع الأسلحة التى تملكها الشرطة، وفارق كبير بين رد فعل من الشرطة قد يوصف بأنه غير متناسب مع عنف المسلحين داخل الاعتصام وبين وصف ما حدث بأن هناك خطة من الدولة لارتكاب المجزرة وبالتالى وصفها بأنها جريمة ضد الإنسانية.
أيضاً نقد تقرير الووتش لتقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان كان يجب أن يحذف أيضاً، لأن المجلس اعتمد على هذه الشهادة التى قدمها أيضاً الصحفى ماجد للمجلس القومى فى تقريره والتى اعتمدها التقرير وأن الرصاصة الأولى كانت من جانب مسلحين كانوا داخل الاعتصام، الأمر الذى دعمه تقرير المجلس بفيديوهات من سكان منطقة رابعة العدوية للمسلحين وهم يتحركون داخل الاعتصام ويطلقون الرصاص على القوات من خلف متاريس تم إقامتها خصوصاً لاستخدامها لإطلاق الرصاص.
الحقيقة أن هذا التقرير أضر بسمعة منظمة حقوقية كان يجب أن تتحرى الدقة أكثر وأن تقيم وتحلل المعلومات التى لديها، دون الانزلاق فى تقرير يأخذ من مصداقيتها كمنظمة مستقلة محايدة، ويصف تقريرها بالانحياز لفريق سياسى معين، وانعدام المهنية ولافتقاد معايير إعداد التقارير وتشكيل لجان لتقصى الحقائق، لا سيما أنه انتهى بتوجيه الاتهامات وكأن التقرير صادر عن سلطة تحقيق قامت بتحقيق الأدلة الجنائية وفحصها والتثبت من أدلة الثبوت بعد تحقيقات مع كل الأطراف المعنية، بينما هناك أطراف مهمة لم يستمع إليها حيث لم يجرِ أى لقاء مع مسئولى وزارة الداخلية.
كما أن باحثى المنظمة ليسوا سلطة تحقيق قضائية، من اللحظة الأولى قلت إن أحداث رابعة وسقوط هذا العدد الكبير من الضحايا وأغلبهم من المصريين البسطاء يحتاج إلى تحقيق جدى، لذلك كانت خطوة تشكيل لجنة ٣٠ يونيو برئاسة الدكتور فؤاد رياض للتحقيق فى أحداث رابعة وما تلاها بقرار من رئيس الجمهورية خطوة مهمة على طريق معرفة الحقيقة ومحاسبة المسئول عنها، لذلك أعتقد أن على اللجنة أن تتناول تقرير «الووتش» وتحقق فيما جاء فيه.