هل ساعدت محتاجاً أو فقيراً؟ لا، هل تحب لغيرك ما تحب لنفسك؟ لا، هل فكرت أن تجرى هذه المكالمة السريعة ولو مرة فى العمر: السلام عليكم، أنا فلان وأحب أقولك بالنسبة لعيدية الأولاد وفلوس العيد: ولا تشغل نفسك، بكرة هبعتلك الفلوس؟ أنا مش عارف أشكرك ازاى على الجميل ده، يا عمى لا جميل ولا حاجة، ربنا هو اللى بيبعت مش إحنا. هل أيها الطبيب تهتم بالمريض فى المستشفى كما فى عيادتك؟ لا، هل أيها المدرس تجتهد فى الفصل كما فى الدروس الخصوصية؟ لا، هل تلتزم بالمواعيد؟ لا، هل تنشغل بعيوب نفسك عن عيوب غيرك؟ لا، هل تخالق الناس بخلق حسن؟ لا، هل تعامل زوجتك بالرحمة؟ لا، هل ما زلت تتذكر حبيباً توفى منذ سنوات بالدعوات بالرحمة والمغفرة؟ لا، عندما سمعت أن صديقاً رزقه الله منصباً أو مالاً أو أى نعمة هل فرحت وقلت: ما شاء الله.. اللهم زده وبارك؟ لا، هل جلست فى خلوة منفرداً تراجع نفسك؟ لا، هل تحس بأصحاب المظالم؟ لا، هل تحب الوطن؟ لا، هل تكذب؟ نعم، هل تكره وتلعن وتسب من يختلف معك؟ نعم، هل قطعت طريقاً وحرضت على تخريب ودعوت إلى العنف؟ نعم، هل ظلمت؟ نعم، هل تورط لسانك فى هتك عرض؟ نعم، هل تنافق لمصلحة لك؟ نعم، هل تساعد بتصرفاتك وأفعالك فى تشويه الدين؟ نعم، هل تنشر الشائعات؟ نعم، هل تكره المصارحة؟ نعم، هل يفحش لسانك؟ نعم، هل تجامل على حساب الحق؟ نعم، هل تحب الوصول على أكتاف غيرك؟ نعم، هل تلعن المجتمع وتكفره وتراه فاسقاً مبتدعاً وأنت فقط من تعرف الله؟ نعم، هل تغش؟ نعم، هل تشهد الزور؟ نعم، هل تتعالى على الناس؟ نعم.
بعد كل هذا، هل صليت على النبى؟ نعم، لا.. أنت بهذا لم تصلِّ عليه مع فضل ذلك فى حد ذاته، أنت وأنا جرت ألسنتنا بألفاظ الصلاة عليه، دونما حركة للقلب، الصلاة عليه معناها وحقيقتها أن نحول أنا وأنت الإجابات التى كانت بـ«نعم» إلى «لا»، والإجابات التى كانت بـ«لا» إلى «نعم»، بذلك نكون صلينا على رسول الله صلاة لها أثر فى حياتنا وتصرفاتنا، وتليق بمقامه الشريف، ويتنزل نورها فى قلوبنا، فتبرز تقرباً إلى الله فى السر والعلن، وصدقاً فى القول، وحسناً فى الخلق، ومحبة للخلق، وحفظاً للسان، وقبولاً للآخر، وتنتشر آثار شرفها فى كل حياتنا، وبهذا لا يخفت أثرها ويبهت مع مرور الوقت.. لقد خفت الملصق وبهت أثره لأنه لم يربط الناس بالأسئلة السابقة، ولأنه كان للعناد، فأخطأ من لصقه عناداً، وأخطأ أكثر من حذفه عناداً؛ فذلك لا يليق بمقام نبى برز فى خلعة الكمال، وأقبل بحق الربوبية فى مواطن الخدمة لله، نريدها صلاة وليس ملصقاً يتصل بها روح المصلى عليه به، فينبسط فى قلبه نور سر تعلقه به، فيتعلق القلب بالدرة المكنونة، والجوهرة المصونة، ثم لا تنفك الصلاة عليه عن الصلاة على آل بيته الأطهار، الذين ارتقوا صهوة المجد بقربه، وتفيأوا ظلال الشرف الأصلى بوده وحبه.
يا ربنا ويسر المرغوبا.. يا ربنا وعسر المرهوبا
يا ربنا وارحم أمة المختارِ.. فى كل عصر وبكل دارِ
واحرسهم من سلطة الأغيارِ.. فى سائر البلاد والأقطارِ
حسّن به يا رب أخلاقنا.. وَبَدِّلَنْ بالحسن سيئاتنا
صَلِّ عليه يا إلهى عدداً.. ليس يُحد أزلاً وأبداً
والآل والصحبِ نجومِ الاهتدا.. لمن بهم من أمة الهادى اقتدى
وارضَ إلهى عن تمام العَشَرةْ.. وكلِّ بدرىٍّ وأهلِ الشجرةْ
والحمد لله فقد تم الخبرْ.. عن «ملصقٍ» للمختار سيد البشرْ.