«رجب»: بنشتغل عشان الناس تعيِّد ونصيب أبنائى إنهم اتولدوا وجدونى سواق
بينما تعلو تكبيرات العيد داخل المساجد، فى مثل هذا اليوم من كل عام، يخرج من منزله قاصداً العمل الذى لا يحتمل الغياب أو التأخير، فالانضباط هو أساس مهنته كسائق مترو أنفاق فى الخط الأول، عبدالفتاح على عبدالفتاح، الرجل الأربعينى الذى ينتقل يومياً من قرية تابعة لمدينة بنها فى محافظة القليوبية حتى يتسلم مهمته فى قيادة المترو.
26 سنة كاملة هى مدة عمل «عبدالفتاح» فى مترو الأنفاق، لم يقض خلالها يوماً فى العيد مع أبنائه الثلاثة، يخرج فى الصباح المبكر بعد أن يصلى الفجر قاصداً «كابينة» القيادة.
«أنا مبرتحش إلا وأنا شغال وقاعد فى الكابينة» بهذه الكلمات بدأ سائق المترو «عبدالفتاح» الذى يبلغ من العمر 47 سنة، حديثه، وأضاف: «لأنى عارف إن مهنتى مسئولية كبيرة وتخدم ملايين الناس لازم ألتزم بالمواعيد فى الحضور والانصراف وأكون قدها».
لا يحصل الرجل على إجازات فى العطلات الرسمية، فقط له يوم إجازة واحد أسبوعياً، ويقول: «فى رمضان لم أفطر مع أبنائى وكل الأيام كنت بفطر فى الكابينة لوحدى خلال رحلة القيادة من خط المرج وحلوان، أنا مش معترض على كدا، لأنى عارف أهمية عملى وخطورته».
داخل وحدة التحكم فى قطار المترو يجلس «عبدالفتاح» يراقب الطريق والإشارات ويقود القطار فى حرص شديد، فالآلة التى تلازمه منذ 26 عاماً أصبح يعرف عنها أكثر من أى شىء آخر، فالوقت الذى يقضيه جالساً على كرسى القيادة يصل إلى 8 ساعات كاملة، يجرى فيها 4 رحلات يمر فى كل رحلة على 35 محطة.
حصل «عبدالفتاح» على شهادة دبلوم فى عام 1987 أهلته ليلتحق باختبارات القبول فى السكة الحديد ليعمل سائقاً بعد أن خضع للتدريب، ويقول: «أنا تدربت عاماً ونصف حتى أدخل إلى كابينة القيادة بالمترو، وعندما دخلت كنت أعمل مساعداً للسائق حتى تمت ترقيتى لسائق مترو».
يرى الرجل الأربعينى أن مترو الأنفاق فى مصر هو الهرم الرابع، فهو يعتز به بشدة، ويفتخر بأنه يعمل سائقاً بهذا الهرم الرابع، يقول: «أنا كل يوم بشارك فى نقل ملايين من الناس، ومن غير المترو كانت مصر هتبقى خراب والناس هتتنقل داخل القاهرة بالأيام».
لا يتخطى «عبدالفتاح» سائق المترو سرعة الـ80 كيلومتراً فى الساعة، فقواعد القيادة تلزمه بتخفيض السرعة، على الرغم أن مؤشر السرعات يشير إلى أنه يمكن أن يصل إلى 120 كيلومتراً فى الساعة، إلا أنه يلتزم بسرعة محدودة: «أنا لو رفعت السرعة جداً القطار هيفرمل لوحده، وأنا بيكون ليا تقييم من خلال الأوامر إللى بتخرج منى للآلة لأنها بتتسجل فيها، ويتم معاقبتى بهذه المخالفات». لا ينتظر «عبدالفتاح» زيادة فى راتبه، أو له مطلب فئوى، فهو يعلم أن مصر فى وضع اقتصادى صعب، يقول: «الحمد لله إحنا راضيين بالمقسوم بس البلد حالها يتصلح».