مصريات وأطفال عالقون بمعبر رفح يروون لحظات الرعب من غزة: الحياة على «كف عفريت»
بأجساد هزيلة تحاول جر حقائب السفر بالكاد، هم أطفال والحقائب أثقل من أوزانهم، وطولها يعلو طولهم، وجوههم شاحبة يبدو عليها الخوف والإرهاق، تستنكر ملامحهم البريئة الدمار الذى رأوه، ودماء أصحابهم من الأطفال الذين تحولوا لأشلاء دون ذنب، أمهاتهم يبكين حزناً على الأوضاع المأساوية التى وقعت هناك، تخيلن أنهن يرون أطفالهن مثل أطفال غزة.. حال المصريات العالقات عند معبر رفح.
بمجرد عبورها من كمين الجيش الذى يبعد عن بوابة معبر رفح بعدة أمتار، انهالت بكاء وصراخاً من هول ما رأته خلال الأيام الماضية، تقول سارة علاء الدين، عشرينية العمر، وهى مصرية ومتزوجة فى فلسطين وأم لطفلين، جاءت للقاهرة أملاً أن تنجو بأطفالها من وحشية القصف الإسرائيلى: «اتصلنا بالسفارة ردوا علينا: خلوا التليفزيون يعديكم»، مضيفة بنبرة صوت متقطعة من شدة البكاء، تتحدث بالكاد والحقائب تتساقط من يديها بين جملة وأخرى: «كنا عاوزين نخرج من غزة، القصف حوالينا فى كل مكان، الأطفال عايشين فى رعب، يقولولى: يا ماما إحنا هنموت زى أصحابنا، عايشين ومنتظرين الموت فى أى وقت، مش عارفين ننام، مفيش حياة أساساً».
4 مرات تأتى «سارة» وأولادها لمعبر رفح أملاً فى العبور من المنفذ، لكن دون جدوى، ببكاء وصراخ تقول: «كل شوية نتعرض للخطر، ونيجى المعبر 4 مرات ونرجع تانى، كنا بنتشاهد على روحنا، غلبنا من كتر الاتصالات بالسفارة المصرية، وفى الآخر يردوا علينا: خلوا التليفزيون يعديكم». بعدها بعدة دقائق تمر سيدة خمسينية العمر تدعى حسنية محمود، والحزن والوجوم يغطيان ملامحها، والعرق يتصبب على جبينها بسبب الشمس الحارقة أثناء وقوفها ساعات طويلة أمام المعبر قائلة: «كنت فى زيارة لابنتى المتزوجة فى غزة من 3 أشهر، وحاولت الرجوع من بداية القصف على غزة، بس كنا بنرجع بخيبة الأمل»، وتضيف: «3 مرات نيجى المعبر والفلسطينيون على المعبر يرجعونا ونلاقى المعبر مقفول، قائلين: المصريين مابيدخلوش حد».
بمجرد عبور زينب توفيق، خمسينية العمر، المعبر، على لسانها جملة لا تردد غيرها: «حسبى الله ونعم الوكيل فى الفلسطينيين وحماس!»، عند محاولة معرفة السبب ترد قائلة: «يقولولنا: هتموتوا هنا زى ما موتونا فى رابعة»، مضيفة: «يقولولنا: هما مش بيدخلوا المصريين ارجعوا تانى».
6 محاولات قامت بها السيدة الخمسينية للدخول من المعبر، لتنجح فى المرة الأخيرة، وتروى «زينب» الصعوبات التى واجهتها والخوف من استهداف أى سيارة تسير، بعينين تغمرهما الدموع، محاولة إمساك دموعها تقول: «كنت بموت ألف مرة فى الدقيقة، متوقعة أى صاروخ يضرب السيارة اللى راكباها، كنت باتنفس وباقول: يا ترى النفس ده هيخرج تانى ولا لأ. نكلم الجانب الفلسطينى نقول لهم إحنا داخلين بلدنا، دخلونا واحنا نتعامل مع أهلنا المصريين، برضه كانوا بيرفضوا».
أما لطفية عبدالله، صاحبة الأربعين عاماً، من بلبيس، تروى معاناتها باكية: «كنت بازور بنتى متجوزة فى رام الله، وابنى استُشهد فى حرب غزة اللى فاتت من غير أى ذنب، كان راكب سيارة واليهود استهدفوها بصاروخ»، وتضيف: «أنا سايبة بنتى هناك ممكن تموت كمان، خلاص أنا حاسة إنى هفقدها هى كمان فى الحرب دى». 4 محاولات لـ«لطفية» لدخول منفذ رفح، وكان رد المسئولين على معبر رفح من الجانب الفلسطينى، بنبرة حزن تغلب على صوتها تقول: «خلوا السيسى يدخلكوا، مش انتو برضه ماكنش عاجبكم مرسى؟».