بالفيديو| «الوطن» تكشف: خزانات مياه الشرب بالغردقة مأوى لـ«الفئران والصراصير والطيور النافقة»

بالفيديو| «الوطن» تكشف: خزانات مياه الشرب بالغردقة مأوى لـ«الفئران والصراصير والطيور النافقة»
يفتح المصريون صنابير المياه فى منازلهم، وهم يضعون أيديهم على قلوبهم، خوفاً مما تحمله لهم المياه من أمراض خطيرة ومجهولة، تدمر صحتهم وتصيبهم بأمراض فتاكة.
لا يتوقف ذلك على المناطق النائية فى الوجه البحرى والصعيد، بل يمتد أيضاً للمحافظات السياحية، مثل الغردقة. «الوطن» كشفت عن فضيحة جديدة تتعلق بمياه الشرب فى مدينة الغردقة، وتبين أن الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى، تنقل للمواطنين مياهاً ملوثة، تجرى داخل خزانات قذرة فى باطن الأرض، تعيش فيها فئران وصراصير وطيور نافقة، وتتجمع على سطحها أنواع عديدة من الطحالب، وملوثة بالميكروبات، والبلهارسيا، ويشربها الأهالى، دون دراية بتلك المخاطر، لأنها تصلهم عبر مواسير مياه الشرب، وسيارات نقل المياه التابعة للشركة، التى تنقل الأمراض هى الأخرى، من خلال خزاناتها التى يملأها الصدأ، والميكروبات، وهو ما كان سبباً مباشراً فى تفشى الأمراض بين أهالى المدينة، خصوصاً الفشل الكلوى.
«الوطن» اخترقت خزان مياه الشرب الرئيسى بالغردقة، الذى يغذى المدينة بالكامل ويصل إلى كل بيوتها، وسجلت بالصوت والصورة فضائح وكوارث تصل إلى حد الجريمة فى حق المواطنين، وحصلت على اعترافات خطيرة لعمال بالشركة، وسائقين، يؤكدون فيها أن المياه التى يشربها الأهالى غير صالحة للاستهلاك الآدمى بسبب حجم التلوث الهائل داخل خزانات المياه.[ThirdQuote]
«خزان مياه الشرب» رغم أنه يغذى مدينة الغردقة، التى تحظى بمكانة سياحية كبيرة، فإن الطريق إليه يمر بأسوأ المناطق العشوائية، وتحيط به من جميع الاتجاهات بيوت قديمة متلاصقة عبارة عن طابقين، يقع الخزان فى منتصف هذه المنطقة، يحيط به سور لا يتجاوز ارتفاعه متراً ونصف المتر. أكوام القمامة ترتفع بمحاذاة أسوار المكان، فالسكان يلقون أكياس القمامة من شرفات منازلهم داخل مبنى الخزان. وتمر سيارات نقل مياه الشرب وسط البيوت حتى تصل إلى بوابة حديدية ضخمة تؤدى إلى داخل مبنى الخزان. وعلى البوابة يقف حراس الشركة، الذين كان من الضرورى الاستعانة بهم لدخول المكان. الطرق الداخلية المؤدية إلى موقع الخزان الرئيسى، غير ممهدة ويغطيها الطين، فيما تقف سيارات متهالكة تحمل خزانات فوق ظهرها معدة لتعبئة المياه يغطيها الصدأ من كل مكان، وينتهى الطريق إلى عشرات المواسير الضخمة المعلقة فى الهواء. كل ماسورة فى نهايتها صنبور ضخم لضخ المياه داخل خزانات السيارات.[FirstQuote]
فى المكان نفسه، كان هناك خزان للمياه فى الأسفل عبارة عن غرفة كبيرة، عميقة ومستطيلة الشكل ومكشوفة بلا أى غطاء، وقال المشرف على عمليات تعبئة المياه داخل السيارات، ويدعى «قرشى»، وهو يشير إلى الغرفة «هنا يتم تخزين مياه الشرب التى تغذى الغردقة بالكامل، التى يشرب منها الأهالى»، موضحاً أنها مكشوفة تماماً، ويسقط فيها الفئران والصراصير وكل أنواع الحشرات والطيور النافقة، وتحوى أنواعاً عديدة من الطحالب، مؤكدا أن أهالى المدينة يشربون من هذا الخزان الذى تملأه الميكروبات، والقاذورات، وأن المياه لا تمر على أى فلاتر قبل تعبئتها فى السيارات، أو ضخها فى المواسير الرئيسية التى تغذى المدينة. وأن الشركة القابضة تبيع هذه المياه على أساس أنها مياه صالحة للشرب، رغم خطورتها على حياة الناس. واتهم «قرشى» المسئولين بإهدار كميات كبيرة من المياه، التى تسقط من مواسير الضخ بسبب عدم صيانتها، فيما بدا لون المياه داخل الخزان داكناً، وتنبعث منها رائحة كريهة لا يتحملها بشر، فضلاً عن الحجارة التى تستقر فى قاع الخزان، ويمكن لأى شخص مشاهدتها بوضوح. اصطحبنا سائق يتحصل يومياً على حصة من مياه الشرب عن طريق الشركة القابضة، يدعى «ياسر الأخرس» إلى مكان خزان آخر يرتفع عن سطح الأرض نحو 5 أمتار، صعدنا إليه عبر أحد السلالم، وهو خزان خرسانى كبير دائرى الشكل مملوء بمياه الشرب، التى تصب من ماسورة ضخمة، تأتى من خط مياه الكريمات الرئيسى، وكان مكشوفاً أيضاً، وفى داخله قمامة، وحجارة، وأسياخ حديد، وأكياس بلاستيك، وتطفو على صفحة الماء طفيليات يميل لونها إلى اللون الأزرق الداكن. وقال السائق إن هذا الخزان تمرح فيه الحيوانات والحشرات، كونه مكشوفاً فى الهواء الطلق، وتعبئ منه السيارات مياه الشرب مباشرة دون المرور على فلاتر، كما لا يخضع للإشراف أو أى درجة من درجات النظافة، ويتم بيع المياه الملوثة للناس على أساس أنها مياه صالحة للشرب. وأوضح «الأخرس» أن شركة المياه تخلط مياه البحر بمياه خط الكريمات التى تصب داخل الخزان مباشرة، وهو ما يؤدى إلى إصابة المواطنين بأمراض خطيرة مثل الفشل الكلوى، الذى ينتشر بين سكان الغردقة، مشيراً إلى أن المياه كانت نظيفة عندما كانت تخضع ﻹشراف مجلس مدينة الغردقة، قبل أن تنتقل تبعيتها إلى الشركة القابضة لمياه الشرب، التى تصدر الأمراض والأوبئة عبر المياه، التى يشرب منها الناس الغلابة، الذين يعجزون عن شراء المياه المعدنية، بعد أن وصل سعر الزجاجة الصغيرة إلى جنيهين، مؤكداً أنه قدم عشرات الشكاوى إلى مديرية الصحة ضد الشركة، لكن أحد المسئولين نهره بشدة، ولم يتم التحقيق فى الشكاوى التى قدمها لوزارة الصحة.[SecondImage]
سائق آخر قال لـ «الوطن»، إن مياه الخزان الرئيسى، ملوثة ولا تصلح للشرب، وإنه يشترى طن المياه من الشركة بمبلغ 5 جنيهات ويبيعه بـ 35 جنيهاً، نظراً لارتفاع سعر السولار وصيانة السيارة، التى ينقل بداخلها المياه، التى يشتريها سكان الغردقة، وأشار سائق آخر إلى أن مياه الشرب إلى وقت قريب كانت مخلوطة بمياه الصرف الصحى، بعد كسر ماسورة للصرف الصحى بالغردقة، مما أدى إلى اختلاطها بمياه الشرب.
وتحدث موظف بخزان المياه، طلب عدم كشف اسمه لـ «الوطن»، عن ما يحدث من مخالفات وفضائح صارخة فى تخزين المياه داخل خزانات الشركة القابضة، وقال إنها غير مطابقة للمواصفات الصحية التى تضمن سلامة المياه، ونظافتها، ومشيدة من خرسانة أسمنت لا تغطيها أى طبقة عازلة، وهى ببساطة عبارة عن خزان دائرى ضخم يستقبل المياه مباشرة من ماسورة، تأتى من خط مياه الكريمات القادم من مياه النيل، ويصب داخل هذا الخزان الدائرى، ويتم تجميع المياه فى خزان آخر عبارة عن غرفة مستطيلة تحت باطن الأرض مكشوفة، أيضاً، موضحاً أن كلا الخزانين يسقط فيه يومياً جميع أنواع الحشرات، والحيوانات النافقة، التى يتم العثور عليها داخل الخزان، ويتم انتشالها من داخل الخزان بمعرفة العمال، مضيفاً أن الخزانات لا تخضع لأى عمليات نظافة من قبل الشركة، والمكان مهجور تسكنه الكلاب الضالة، بسبب عدم وجود أسوار مرتفعة، وأن هذه الكلاب تسقط بصفة مستمرة داخل الخزانات، وتشرب منها، وتنقل لها الأمراض، بخلاف الطيور التى تشرب أيضاً من المياه، موضحاً أن مواسير ضخ المياه إلى الخزانات والسيارات، يعلوها الصدأ، ومنذ عشرات السنين لم تخضع للصيانة والنظافة، وأشار إلى خطورة السيارات التى تنقل المياه إلى المنازل، والتى يملأها الصدأ بسبب عدم الرقابة عليها، من الشركة أو مديرية الصحة، مضيفاً أن مياه الشركة تتعرض للسرقة، فهناك العشرات من اﻷهالى يدخلون يومياً إلى الخزانات لتعبئة زجاجات المياه دون أن يتصدى لهم أحد، وكميات كبيرة أخرى تهدر على الأرض بسبب إهمال العمال الذين يتركون صنابير المياه مفتوحة بعد تعبئة السيارات، والعمال والسائقون، يستخدمون مياه الخزان فى الاستحمام، مشيراً إلى أن الشركة تحقق أرباحاً بالملايين، وعلى الرغم من ذلك، لا تجرى أى عمليات صيانة أو تطوير.[ThirdImage]
سائق آخر يدعى «ياسر الفار»، يملك سيارة مقطورة لنقل المياه، ومتعاقد مع «الشركة القابضة» يقول إنه كان يحصل على طن المياه بـ 55 قرشاً عندما كانت الشركة تحت إشراف مجلس مدينة الغردقة، ثم انتقلت إلى «القابضة لمياه الشرب»، التى ظلت ترفع الأسعار تدريجياً حتى وصلت فى الوقت الحالى إلى 5 جنيهات للطن الواحد، على الرغم من أنها تحمل داخلها ميكروبات. وكشف لنا عن أنه ذات مرة صب بعض المياه داخل زجاجة فوجد لونها أصفر، وكان واضحاً أنها مخلوطة بمياه الصرف الصحى، مؤكداً أن هذا الأمر تكرر كثيراً مع بعض زملائه السائقين، وقدموا شكاوى إلى المسئولين عن الشركة، وقدموا لهم عينات من المياه. وأوضح أن الشركة تلزم السائقين ببيع الطن بمبلغ «10» جنيهات، ولا تراعى طول المسافة التى تبعد عن الغردقة وتقدر بـ 65 كيلومتراً.[SecondQuote]
واشتكى سائق آخر، من قلة الكمية التى يحصل عليها السائقون من مياه الشرب، وقال إن الفنادق تعانى من عجز شديد فى المياه، لكن الشركة تتعمد تضييق الخناق على الفنادق، والمواطنين، على الرغم من توافر المياه، وهو ما يدفع البعض إلى بيع المياه فى السوق السوداء، خاصة فى فصل الصيف، ملمحاً أنه يشم رائحة كريهة عندما يقوم بتعبئة المياه داخل سيارته. وقال مصدر داخل الشركة القابضة لمياه الشرب، بالبحر الأحمر، إن محطة تحلية المياه، التى تملكها الشركة، تنقل السموم للأهالى، وهى تنتج يومياً 1000 طن، تأتيها المياه عن طريق خط الكريمات، وخط آخر عن طريق البحر، وتغذى مدينة الغردقة، موضحاً أن المياه التى تنتجها المحطة، تفتقر لعناصر السلامة والأمان باعتبارها سلعة تباع للناس، ولكن ما يحدث على أرض الواقع أن المياه لا تحفظ داخل خزانات نظيفة، وجميع المواسير التى تمر بها غير معقمة، ولا تخضع للتنظيف الدورى كل 6 أشهر طبقاً لمعايير السلامة، ملمحاً أن عملية تنظيف المواسير التى تنقل المياه للمواطنين، لا بد أن تمر عبر إجراء عملية ضغط الهواء بداخلها، ولابد من تدفق 10 آلاف طن على الأقل بداخلها لغسيل المواسير بمواد مقاومة للصدأ والبكتيريا، مضيفاً أن الشركة تلقى الفائض من عمليات التحلية على شاطئ البحر بالغردقة، وتلوثه بمواد خطيرة للغاية، لأن عملية المياه الناتجة عن التحلية، لها طريقة علمية لا بد من اتباعها أثناء التخلص منها، ولا بد أن تفصل فى البداية داخل أحواض وتجفف بها، وهذا لا يحدث، والشركة تتخلص منها فى البحر مباشرة.
موظف آخر، تحفظ على ذكر اسمه، كشف لـ «الوطن» أن محطات المياه التابعة للشركة، ليست سوى بؤر تنقل كل أنواع الأمراض الخطيرة للناس، ومياه الشرب التى يستخدمها أهالى الغردقة، تعد أخطر وأسوأ مياه فى مصر، ﻷنها لا تخضع لأى معايير فنية، وجميع العاملين بالمحطات، غير متخصصين، موضحاً أن رئيس الشركة بالبحر الأحمر، على علم ويقين بما تحمله المياه من تلوث وميكروبات تضر الناس الغلابة، هو نفسه يعترف بذلك، ولا يتحرك من أجل تطهير الخزانات ومحطات المياه، لأنها عملية مكلفة للغاية.