«الغيبوبة عرَض وليست مرضاً.. يفقد خلالها الشخص الوعى بما يدور حوله»، بهذا التوصيف بدأ الدكتور أحمد كامل، أستاذ مساعد جراحة المخ والأعصاب فى كلية طب قصر العينى بجامعة القاهرة، حديثه لتعريف الغيبوبة، موضحاً أنها خلل فى درجة الوعى، الذى يُعد إحدى وظائف المخ، فالشخص فى حالته الطبيعية يكون على استيعاب لما يدور حوله من زمان ومكان وأشخاص، ويتم قياس درجة الوعى بمقياس من 15 درجة يسمى مقياس «جلاسجو» للغيبوبة.
ويبدأ مقياس الوعى لدى الشخص من 3 إلى 15 درجة، وهو المعدل الطبيعى للإنسان، ويقيس الطبيب درجات الوعى من خلال عدة عوامل منها فتح العين، والاستجابة الحركية، والقدرة على الكلام بطريقة صحيحة، ومدى تعثر الشخص فى الحديث أو التحدث بكلمات غير مفهومة أو مترابطة، أو إصدار بعض الأصوات.
وقال «كامل» لـ«الوطن» إنه عند بلوغ الشخص درجة وعى أقل من 8 درجات لا بد من تركيب أنبوبة حنجرية ووضعه على جهاز تنفس صناعى لأنه فى هذه الحالة لا يستطيع حماية الممرات التنفسية ويكون معرضاً للاختناق فى أى لحظة.
وقسّم «كامل» الغيبوبة إلى مجموعتين، أولاهما متعلقة ببعض الأمراض التى تصيب الإنسان، فربما يدخل الشخص فى غيبوبة كبدية أو غيبوبة السكر أو غيبوبة الكلى أو غيبوبة تنفسية، وإذ كان متعاطياً للمواد المخدرة أو أدوية معينة أو مسكرات فربما يتعرض للغيبوبة، أو عند الاختناق أو الغرق.
أستاذ جراحة مخ وأعصاب: تبدأ من دقائق وتمتد إلى ما لا نهاية.. وتأثيرها قد يصل إلى فقدان الذاكرة والشلل النصفى وتحتاج إلى علاج طبيعى
السبب الآخر للغيبوبة يتعلق بالمخ نفسه إذا تعرّض لإصابة مباشرة مثلما يحدث إذا تعرّض الشخص لحادث سيارة وإصابة بالرأس أدت إلى الإصابة بالارتجاج أو النزيف بأنواعه أو الارتشاح أو التهتك أو الكدمات بالمخ، أو الإصابة بنزيف فى المخ نتيجة لارتفاع الضغط أو زيادة السيولة أو وجود تشوهات وريدية شريانية أو تمدد شريانى أو وجود ورم فى المخ بأنواعه، فكلها أسباب ربما تؤدى لدخول الشخص فى غيبوبة.
وأكد أستاذ المخ والأعصاب أنه لا توجد مدة محددة لبقاء الشخص فى الغيبوبة، فهى قد تبدأ من بضع دقائق وتصل إلى ما لا نهاية، ويرجع ذلك إلى سبب الإصابة الأولية والمصاحبة وطبيعة المرض المصاب به الشخص، وكلما توافرت السرعة فى العلاج كانت النتيجة أفضل فى إيقاظ الشخص، مشيراً إلى أنه لا يوجد حتى الآن ما يجزم عن مدى شعور الشخص بما حوله خلال الغيبوبة، كل حالة تختلف عن الأخرى بحسب نوع الإصابة أو درجة الغيبوبة، ربما يوجد من يستمع ويشعر بما يدور حوله ولا يستطيع التعبير والتفاعل، وهناك حالات أخرى يفقد خلالها الشخص الشعور والتجاوب مع مَن حوله، وفى كل الحالات يجب التعامل مع المريض وقت الغيبوبة، كأنه شخص واعٍ، فلا بد من الحديث معه باستمرار عن تطورات الحياة من حوله، مضيفاً: «نتكلم معاه ومانفقدش الأمل.. ممكن يبقى سامعنا وحاسس بينا».
ونصح «كامل» بضرورة الاهتمام بجسد المريض والعناية به من تقليم الأظافر وغسيل الأسنان والجسد، بالإضافة إلى العلاج الطبيعى وتقليب الجسد منعاً للإصابة بقرح الفراش، وقال: «جسمه أمانة فى إيدينا.. نحافظ عليه ونعتنى بيه زى ما كان بيعمل وهو واعى».
وأوضح أن إيقاظ الشخص من الغيبوبة يأتى تدريجياً، وكلما قصرت مدة الغيبوبة قل تأثيرها على الشخص المصاب، ويكون ذلك من خلال تحسن درجات الوعى واستجابة الشخص لما حوله والحديث بشكل صحيح، وفى أحيان أخرى تلاحق بعض التأثيرات الشخص بعد مدة طويلة من اليقظة، ربما يحدث ضرر دائم فى المخ، وربما يصاب الشخص بفقدان الذاكرة أو الإصابة بالشلل النصفى، وفى هذه الحالة يكون الأمر متعلقاً بالحدث الرئيسى المسبب للغيبوبة، أو الإصابة الأولية، لكن يمكن أن تُحدث الغيبوبة ذات الفترات الطويلة ضعف العضلات وتليف الأوتار، وهذا يحتاج لعلاج طبيعى مكثف بعدها.
تعليقات الفيسبوك