دينا عبدالفتاح تكتب: منظومة التعليم الجديدة.. وأعداء التجربة!
دينا عبدالفتاح
«الحاجة أم الاختراع».. هذا هو المبدأ الذى دائماً ما يصنع الفارق ويضع أمامنا جميعاً مساراً واحداً للابتكار والاختراع والتغلب على كل التحديات.. فعندما نكون فى حاجة حقيقية لشىء معين نُتقن كل الأعمال.. نبذل كل الجهود.. نسلك كل الطرق.. من أجل قضاء هذه الحاجة وتوفير السلعة أو الخدمة التى تقوم بإشباعها.
وجميعنا لاحظ خلال فترة كورونا أنه كانت هناك حاجة حقيقية لاستخدام أو ابتكار وسائل دفع، أو تأدية الخدمات المالية دون تواصل مباشر بين مؤدى الخدمة والمستفيد منها.. لذا تضاعفت بشكل كبير مؤشرات وأرقام استخدام الخدمات المالية الإلكترونية غير القائمة على التواصل المباشر بين العملاء والمصرفيين.
ونحن الآن أمام اختبار جديد وهو تعزيز وفتح قنوات للتعليم الإلكترونى، لتخفيف التواصل بين مقدّمى الخدمات التعليمية والمستفيدين منها، وهم أبناؤنا الطلاب فى المراحل التعليمية المختلفة.
ولاحظت على مدار الفترة الماضية أن أولياء الأمور يتعاملون مع ظاهرة التعليم الذكى وتقنيات التعليم عن بُعد التى وفّرتها وزارتا التربية والتعليم والتعليم العالى باعتبارها أمراً واقعاً لا بد من التعامل معه لفترة مؤقتة ثم سينصلح الحال «على حد تعبيرهم»، وتعود الأمور إلى طبيعتها وتختفى كورونا التى ألغت أو حجّمت التجمّعات ويعود الطلاب إلى فصولهم ليتلقوا المواد العلمية بأسلوب «التلقين» الذى عفا عليه الزمن، والذى لم يخرج لنا سوى خريجين مظلومين غير قادرين على التعامل مع وسائل التكنولوجيا الحديثة وأفكارهم تدور فى أفق ضيق غير متأقلم مع تقنيات ومفاتيح الابتكار التى تقوم عليها عملية التعليم فى العالم المتقدم ككل.
وهنا علينا تصحيح المفاهيم، ابتداءً من أولياء الأمور، مروراً بالمعلمين أنفسهم والقائمين على العملية التعليمية، وصولاً إلى أبنائنا الطلاب.. بحيث يعى الجميع أن تقنيات التعليم الذكى ووسائل التعليم عن بُعد التى أتاحتها الحكومة الآن هى المستقبل الذى سيستمر، بغض النظر عن استمرار جائحة كورونا من عدمه!.. بمعنى أن الحكومة استغلت الأزمة الحالية المتعلقة بجائحة كورونا فى تنفيذ ما تأخرنا فى تنفيذه لسنوات طويلة مضت.. وهذا هو الواقع الذى لا بد أن يستمر.. وينبغى أن يختفى أسلوب «المواساة» الذى يقوم به أولياء الأمور مع أبنائهم الطلاب فى «تصبيرهم» على عدم قدرتهم على التعامل مع تقنيات التعليم الحديث، وذلك من خلال عبارات «بكرة ترجعوا مدارسكم.. الأسلوب ده مش هيستمر.. هترجعوا تمتحنوا فى الفصول قريب.. لما كورونا تنتهى هتنتهى إجراءات التعليم الإلكترونى الحالية».
وأعتقد أن هذه العبارات تمثل خطأً كبيراً يرتكبه أولياء الأمور بحق أبنائهم الطلاب، لأنهم بذلك يبطلون الدافع لدى الطلاب فى التأقلم مع أسلوب التعليم الذى يتبعه العالم المتقدم حالياً.. ويدفعونهم إلى التشبث بأسلوب التعليم التقليدى الذى لن ينتج لنا إلا خريجاً تقليدياً.
وبالتالى علينا جميعاً دعم فكرة التعليم الإلكترونى لتكون تجربة نجاح جديدة تحقّقها الدولة المصرية على طريق التقدّم والتنمية، وأن نستخدم وسائل التواصل الاجتماعى فى دعم التجربة ودعم القائمين عليها.. لا فى هدمها.
ولا بد أن نعلم جميعاً أن التعليم الإلكترونى بوسائله الجديدة التى تم توفيرها فى جميع المدارس الحكومية والخاصة تحارب بشكل مباشر أباطرة الدروس الخصوصية.. مصاصى دماء الغلابة.. لذا ستجد هذه التجربة من يهاجمها ويستهدف إفشالها من داخل المنظومة التعليمية نفسها.. من خلال إثارة الطلاب وأولياء الأمور ضد النظام المقام للتعليم حالياً.. وإقناع الطلاب وأولياء أمورهم بأن المعلمين أنفسهم غير قادرين على التأقلم مع تقنيات التعليم الحديثة، فكيف للطالب أو التلميذ الذى يبلغ عمره عدة سنوات أن يتأقلم معها؟!
وللأسف تجد هذه الأطروحات من يصدقها من أولياء الأمور ويتفاعل معها ويخرج على التواصل الاجتماعى لينتقد ويهاجم القائمين على منظومة التعليم الجديدة بدلاً من شكرهم.. لذا شكراً للقائمين على المنظومة، وكل من يعاونهم من أجل مستقبل أفضل لأبنائنا ولبلدنا مصر.. كل الشكر.