"الفرنسية": السيسي "جنرال عنيد" اختاره المصريون بحثا عن الاستقرار

كتب: أ ف ب

 "الفرنسية": السيسي "جنرال عنيد" اختاره المصريون بحثا عن الاستقرار

"الفرنسية": السيسي "جنرال عنيد" اختاره المصريون بحثا عن الاستقرار

يبعث الرئيس الجديد عبدالفتاح السيسي، الذي أدى اليمين الدستورية اليوم، الأمل في قلوب ملايين المصريين بتحقيق الاستقرار والأمن بعد ثلاث سنوات من الاضطرابات، لكن حملة قمع معارضيه تثير القلق من العودة للتضييق على الحريات. وهذه الرغبة في الاستقرار كانت وراء الفوز الكاسح الذي حققه وزير الدفاع السابق (59 عامًا) في الانتخابات الرئاسية التي جرت في مايو الماضي، وشارك فيها 47.45% من الناخبين، حيث حصد السيسي 96.9% من الأصوات الصحيحة، مقابل 3% تقريبًا لمنافسه الوحيد القيادي اليساري حمدين صباحي. وخلف هدوئه الدائم الذي رأى فيه المصريون دليلًا على الثقة بالنفس، تختبئ شخصية ضابط عنيد خاض بثبات مواجهة دامية مع جماعة الإخوان، الحركة السياسية التي ظلت لعقود طويلة الأكثر تنظيمًا في البلاد. وكان قرار السيسي الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، السبب الرئيسي في شعبية المشير، إذ رأى فيه كثير من المصريين "المنقذ" و"المخلّص" الذي أنهى حكم جماعة الإخوان التي سعت إلى الهيمنة على مفاصل الدولة وعلى مؤسساتها وفشلت في إدارة اقتصاد البلاد. ومع صوره التي تزين كل الشوارع والمتاجر تقريبًا منذ 11 شهرًا، يحظى السيسي بشعبية واسعة لا ينازعه فيها أي سياسي آخر منذ ثورة العام 2011 التي أطاحت بحسني مبارك. وعندما أعلن السيسي، في الثالث من يوليو 2013، عزل مرسي، قال إنه يلبي "إرادة الشعب" بعد أن نزل ملايين المصريين إلى الشوارع يطالبونه بالتدخل لإنهاء حكم الإخوان. وخلافًا للزعامات التقليدية، لم يكتسب السيسي شعبيته من خلال خطب رنانة أو لهجة حماسية، بل على العكس فهو يتحدث دومًا بصوت خفيض هادئ وبأسلوب عاطفي، ويفضّل العامية على الفصحى مع التركيز في خطابه السياسي على مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن. لكن الجنرال الذي تقاعد واستبدل بالبزة المدنية الأنيقة زيه العسكري عشية ترشحه للرئاسة، يثير المخاوف لدى الكثير من الحركات الشبابية، التي شاركت في الثورة على مبارك، من عودة الأجهزة الأمنية إلى سابق عهدها في انتهاك حقوق الإنسان واللجوء إلى القمع. وتزايدت هذه المخاوف مع امتداد حملة القمع لتشمل ناشطين غير إسلاميين، إذ تم حظر حركة 6 أبريل التي شاركت في إطلاق الدعوة للثورة على مبارك، وحكم بالسجن لثلاث سنوات على اثنين من قادتها، كما أُحيل عشرات الناشطين الآخرين للمحاكمة بعد اتهامهم بخرق قانون مثير للجدل يحظر التظاهر دون ترخيص. ولم تسهم مقابلات السيسي التليفزيونية الطويلة أثناء الحملة الانتخابية، في تبديد هذه المخاوف، فهو لم يخف قناعته بأن مصر تحتاج الى ما بين 20 إلى 25 عامًا لبلوغ "الديموقراطية الحقيقية". وفي لقاء مع رؤساء تحرير صحف مصرية، تساءل السيسي: "أنتم تكتبون في الصحف أن لا صوت يعلو فوق صوت حرية التعبير. ما هذا؟"، وأضاف مستنكرًا: "من السائح الذي سيأتي لنا ونحن نتظاهر كل يوم بهذا الشكل، هل نسيتم أن هناك ملايين من البشر والأسر غير قادرة على كسب قوت يومها بسبب توقف السياحة؟". لكن الرئيس الجديد حاول تهدئة تلك المخاوف بقوله في لقاء مع مثقفين قبل انتخابه، إن "مستقبل الحريات والديمقراطية سيكون مصانًا بنصوص الدستور والقانون". وقال السيسي، في أول خطاب له بعد انتخابه، إن "المستقبل صفحة بيضاء، وفي أيدينا أن نملأها بما شئنا عيشًا وحرية وكرامة إنسانية وعدالة اجتماعية"، متبنيًا بذلك شعارات ثورة 2011 التي أسقطت حسني مبارك. ورغم أن الرجل أمضى القسم الأكبر من سنين عمره الـ59 داخل ثكنات الجيش المصري، إلا أنه لم يكن في السنوات الأخيرة بعيدًا تمامًا عن السياسة. فعندما كان رئيسًا للاستخبارات العسكرية في عهد مبارك، وضع السيسي ما بات يعرف بـ"الخطة الاستراتيجية" لتحرك محتمل لمواجهة "توريث الحكم" في حال ترشح جمال مبارك للرئاسة، كما قال لوكالة فرانس برس، عسكري مقرب منه طلب عدم الكشف عن هويته. وبعد قيام ثورة يناير التي قطعت الطريق على فكرة "التوريث"، كان السيسي مسؤولًا عن الحوار مع القوى السياسية، بما في ذلك جماعة الإخوان، فتعرف على كل القيادات السياسية الموجودة على الساحة. وعندما عُيّن السيسي وزيرًا للدفاع منتصف 2012 سرت تكهنات أنه "إسلامي الهوى"، لم تتبدد إلا بعد عزل مرسي والحملة الأمنية التي استهدفت جماعة الإخوان. ويقول المقربون من السيسي إنه لم يكن في أي وقت يميل إلى الإسلاميين لكنه مسلم متدين يحرص مثل الكثير غيره من المصريين على أداء صلاة الفجر قبل أن يبدأ عمله في الصباح الباكر، كما أن زوجته مثل الغالبية العظمى من النساء المصريات ترتدي الحجاب. وتخرّج السيسي من الكلية الحربية المصرية في العام 1977 ودرس بعد ذلك في كلية القادة والأركان البريطانية عام 1992 وفي كلية الحرب العليا الأمريكية في العام 2006. وللفريق السيسي أربعة أبناء، ثلاثة شبان درسوا جميعهم في كليات عسكرية وانضموا إلى صفوف القوات المسلحة، أكبرهم متزوج من ابنة رئيس أركان الجيش الفريق محمود حجازي، وبنت واحدة تزوجت بعيدًا عن الأضواء قبل نحو شهرين.