بنجاح منقطع النظير، انتهى الاستحقاق الثانى من خارطة الطريق بعد ثورة 30 يونيو بفوز المشير عبدالفتاح السيسى برئاسة الجمهورية بعد مباراة من طرف واحد كان شعارها النزاهة والشرف، وكسبت جموع المصريين رهانها الصائب على المشير السيسى، فالشعب دائماً هو القائد والمعلم، وقد استفاد الشعب من تجارب الماضى القريب وخبرة السنين، واختار القوى الأمين الذى سبق أن قدم البراهين على نُبل أهدافه، وصدق مشاعره، وقوة حدسه، ودقة بصيرته، كذلك كسب المشير عبدالفتاح السيسى الرهان على الثقة فى قدرة المصريين على الفرز الدقيق فى أوقات الخطر، ومن جديد استطاع الشعب المصرى أن يبهر العالم ويجعل من أحداث الانتخابات مظاهرة للفرح واستعادة الابتسامة والثقة فى مستقبل واعد بإذن الله. انتهت الانتخابات بفوز كاسح وغير مسبوق للمشير عبدالفتاح السيسى بما يعكس الثقة الكاملة فى قدرات المشير على الخروج بنا من النفق المظلم وحالة الإحباط والعشوائية التى سادت المجتمع المصرى طوال السنوات الثلاث السابقة، وهو ما يفرض على المشير مسئوليات هائلة وجهود فائقة لتلبية الطموح الجانح للمصريين، وأرى أنه أهل لتلك الثقة بشرط الالتفاف حوله والاستجابة لمتطلبات التغيير من خلال التفانى فى العمل والإتقان فى الأداء، ودائماً يثبت الإنسان المصرى قدرات عالية عند مواجهة التحديات، ولا توجد تحديات أكبر مما نعانيه الآن. تمت عملية الانتخابات فى مناخ رائع من الأمن والأمان بفضل جهود القوات المسلحة والشرطة فى بث الطمأنينة، واستطاع الناخبون الإدلاء بأصواتهم فى حرية كاملة وإرادة مستقلة ونزاهة فائقة. تمت العملية الانتخابية فى سلاسة تامة من خلال 14 ألف لجنة فرعية، وبمتابعة أكثر من ثلاثين منظمة ومركزاً حقوقياً مصرياً وعربياً ودولياً، ووجود أكثر من 1500 مراقب تابعوا عمليتى الاقتراع والفرز بشفافية كاملة. ولم يشُب العملية الانتخابية سوى ثلاثة مظاهر سلبية أولها ارتباك الحكومة وتعجل اتخاذ قرار بمنح العاملين إجازة فى اليوم الثانى للاقتراع بما يوحى بضعف المشاركة على خلاف الواقع، وثانيها افتقاد اللجنة العليا للانتخابات للحس السياسى بتأكيد ما أعلنته الحكومة من يوم الإجازة بقرار اللجنة المفاجئ بفرض غرامة 500 جنيه على الناخب الذى يتخلف عن الإدلاء بصوته وذلك فى منتصف اليوم الثانى للاقتراع، ثم الإعلان بعد ذلك بساعات عن مد الاقتراع ليوم ثالث لم نكن فى حاجة إليه، مما أثار وسائل الإعلام الأجنبية الكارهة لنا والمؤيدين للجماعة الإرهابية بزعم قلة الإقبال على التصويت على خلاف الحقيقة، وكان المظهر السلبى الثالث بمثابة الطامة الكبرى التى روجتها معظم الفضائيات الخاصة فى حالة هستيرية من الحفز السلبى للناخبين باستخدام التطاول بالسب والقذف، والتركيز على تصوير بعض اللجان التى تبدو خالية من الناخبين فى منتصف كل يوم وهو الوقت الذى يقل فيه أعداد الناخبين بسبب ارتفاع درجة الحرارة، مع التغافل عن مئات اللجان التى شهدت معدلات مرتفعة من التصويت بدليل الأرقام الفعلية للتصويت، وقد أثار ذلك حالة من البلبلة والإحباط لدى المشاهدين كان لها دلالتها السلبية على الحكومة واللجنة العليا للانتخابات. وهكذا يثبت الإعلام الخاص -فى معظمه- افتقاده للمهنية، وضعف الأداء، واستخدام الصراخ والعويل لإثبات الولاء والدعم للمشير السيسى، وحسناً فعل السيد الرئيس السيسى حين أعلن بوضوح أنه ليس مطالباً بسداد فواتير لأحد وأن ولاءه الوحيد للمواطن المصرى البسيط الذى استدعاه واستغاث به فلبى النداء. وفى المقابل كان الإعلام الرسمى المصرى فى غاية الالتزام بالمعايير المهنية، واستطاع استعادة مصداقيته لدى المشاهدين، ويبدو أنه فى سبيله لاستعادة دوره التنويرى والتنموى لخدمة قضايا الوطن والمواطنين، ولذا أرجو من السيد الرئيس أن يجعل إعادة تنظيم الإعلام ضمن أولوياته العاجلة من خلال سرعة تفعيل المواد الخاصة بالإعلام فى الدستور الجديد حتى يكون الإعلام وسيلة لاستعادة الوعى بدلاً من كونه وسيلة لتغييب الوعى.