م الآخر| كن مختلفا.. كن مجنونا.. كن أنت
خلق الله آدم عليه السلام، وعلمه الأسماء كلها، وأسكنه الجنة، ثم هبط به إلى الأرض، و أعطاه من المقومات ما يكفيه كبداية لكي يحافظ على حياته، وما يمكنه من الصراع لكي يكمل مهمته، والأمانة التي حملها، والتي هي عبادة الله وعمارة الأرض.
فالله خلق الإنسان لعبادته ولكي يعمر الأرض، فالمهمة واضحة وصريحة، ولكن لماذا انحرف الناس عن ذلك المسار، هل أساء العقل البشري الفهم، أم هو الكسل والتخاذل.
فللأسف اقتصر الناس هذه المهمة العظيمة، والأمانة التي أبت الجبال والسماوات أن يحملنها في عبادة الله والإنجاب، ويقولون يكفينا أن ننجب أولادًا يعبدون الله، دون النظر في القيمة أو النتاج الحضاري الذي يقدمونه، أو يضيفه أبناؤهم في المستقبل، فانتهى نتاجنا الثقافي والمادي أو كاد.
فنحن دول مستهلكة، تستنفد ثرواتها وإمكانياتها، وتعيش عالة على الدول المبدعة المنتجة، فهذا هو وضعنا الحالي الذي يجب أن نقرّه و نعترف به، فالاعتراف بالحق فضيلة، والوقوف على المشكلات أول طريق لحلها.
فيجب أن نعرف أن دور الإنسان أكبر من الحفاظ على جنسه من الإنقراض، وأكبر من السير بجوار الحائط ليتقي بطش الشمس، ودوره أعظم من أن يعيش كالنملة لكي يأكل السكر.
فالإنسان خُلق نحلة، يفيد ويستفيد، يستخدم عقله لكي يصنع المستحيل، و يجدد، ويطوّر، ويحول الطالح إلى الصالح، لكي يعمر الأرض ويرضي ربه.
وإني لأتعجب كل العجب من أولئك الذين يحبطون من حولهم، ومن هم تحت ولايتهم، ويثنونهم عن مجابهة التحديات، ومحاولة التغلب على الصعوبات، وتغيير الظروف المحيطة، بدافع الخوف، بدافع اليأس، بدافع الكسل، بدافع الأنانية، لأنهم في وجهة نظرهم لا يمكن أن يعيش الإنسان للناس ولنفسه، ولا يمكن أن يعدل أحوال الكون وأحواله معًا في نفس ذات الوقت.
ولذلك فعليه أن ينجو بنفسه من براثن الصعوبات، بدلا من محاولات تذليلها لنفسه والقادمين.
فلنفس الإنسان واجب عليه، لا شك في ذلك، ولكن عليه أن يدرك أنه جزء من كل، فمن الواجب أن يدرك ما يحيط به وبأسرته على مقياس أو من منظور أكثر شمولية ظروف مجتمعه ككل، ويعدد المميزات، ويقف على النقائص، التي تتسم بالكثرة، و يعدلها، حيث قال رسول الله "ص" في ما معناه: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان".
فإذا وضعنا في اعتبارنا مشاكل مجتمعنا، وكيفية إصلاحها، لتطوير المجتمع، وراعى كل منا ضميره ومصلحة بلده أثناء عمله، وإذا سعى كل منّا لدفع الظلم والشر، وتحقيق العدل و المساواة، ووضعنا نصب أعيننا مصلحة بلدنا، وخير ورفاهية البشرية، فنكون قد حققنا هدف وجودنا فوق سطح تلك البسيطة، وهو عبادة الله وعمارة الأرض على أكمل وجه.
و اقتبس بعض الكلمات من إعلان لشركة Apple:
"هذه كلمة احترام للمجانين ، للغير اعتيادين، للثوار، لمسببي المشاكل ، للمربعات الذين يعيشون في مربعات دائرية، للذين يرون الأشياء بمنظور مختلف، هؤلاء تستطيع أن تتفق وتختلف معهم، تستطيع أن تطلب ودهم أو عداوتهم، لكن الشيء الوحيد الذي لا تستطيع فعله هو ألا تنتبه لوجودهم، وذلك لأنهم يغيرون الأحوال، ويدفعون الجنس البشري بأكمله نحو الأمام، وفي حين أن البعض يراهم مجانين، نحن نراهم عباقرة، فالذين بلغ بهم الجنون للاعتقاد أن بمقدورهم تغيير العالم هم من فعلوا ذلك".
كن حساسًا..
كن مختلفًا..
كن مسئولًا..
كن ثائرًا..
كن أنت..
أدِ واجبك..
ووصِل رسالتك..
وعمِر الأرض..