ترددت الأنباء عن قرب إعلان نتائج التحقيقات الخاصة بقضية تأسيس الحركة «غير القانونية» المسماة «قضاة من أجل مصر»، وتعجّب البعض من السرعة التى يتعامل بها المجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل وقضاة التحقيق مع القضية، مقابل التباطؤ المتعمد الذى يتم التعامل به مع البلاغات المقدمة ضد المستشار «أحمد الزند»، رغم أن كلاً منهم خالف قانون السلطة القضائية الذى يحظر على القضاة العمل بالسياسة حظراً مطلقاً، كما أنهم خالفوا بظهورهم المتكرر بالفضائيات قرار مجلس القضاء الخاص بمنع ظهور القضاة على الفضائيات.
وأرى أن الفارق كبير بين «الزند» وبين هذه الحركة المكونة من مجموعة هزيلة لا تتخطى بضعة عشرات من القضاة، يتزعمهم قاضٍ كان ضابطاً بأمن الدولة! ويعلم الجميع أنها تعمل من أجل جماعة بعينها وليس من أجل مصر كما تدّعى، بينما جاهد «الزند»، خلال عام الاحتلال الإخوانى لمصر، من أجل استقلال سلطة القضاء ومنع هيمنة السلطة التنفيذية عليه.
كما أرى أن سرعة إعلان نتيجة التحقيقات الخاصة بالحركة ضرورة ملحة لاعتبارات عديدة، أهمها كشف الحجاب عن هذه الحركة، ونحن على مشارف الانتخابات الرئاسية، خاصة أنها لعبت دوراً لا يتفق ونزاهة القضاء خلال الانتخابات الرئاسية السابقة، عندما سُمح لهم بالانضمام للجهات الرقابية المتابعة لعملية الاقتراع ضماناً للشفافية والنزاهة، فما كان منهم إلا أن أعلنوا فوز «مرشحهم» مرسى قبيل إعلان النتيجة الرسمية، بل قبل انتهاء الفرز! ضاربين عرض الحائط بالقانون المنوط بهم تطبيقه كقضاة، والذى يُجرم إعلان أى جهة للنتيجة النهائية قبل اللجنة العليا، ويجعل عقوبة مخالفة ذلك الحبس من سنة لخمس سنوات والغرامة من عشرة آلاف جنيه إلى مائة ألف جنيه، وهى عقوبة يعلم أهل القانون أنها مُغلظة، ولا يغيب عن مقترفيها علة هذا التغليظ!
وقد أُقحم القضاء المصرى الرسمى الممثل فى القضاة الذين أشرفوا على العملية الانتخابية واللجنة العليا للانتخابات -13 ألف قاض- ظلماً فى هذه الواقعة، رغم حرصهم على الابتعاد عن الدور السياسى، والذى لم يمنعهم من أداء دورهم الوطنى بجدارة، من خلال أحكامهم التى فضحت النظام السابق وعجّلت بسقوطه.
هذا الحديث ليس تأييداً منى لاشتغال «الزند» أو غيره من القضاة بالعمل السياسى، ولكنه تأكيد على وجوب ابتعاد القضاة عن معترك العمل السياسى، واستقلالهم بعملهم بعيداً عن يد السلطة التنفيذية، مُحكمين بذلك العصابة على عينى العدالة، كى لا ترى إلا الحق.