ذات يوم ذهب رجل إلى الإمام على بن أبي طالب، رضي الله عنه، وسأله: أريد أن أعرف، هل أنا من أهل الدنيا أم من أهل الآخرة؟
فرد الإمام علي كرم الله وجهه، حسبما جاء في كتاب قصص الصحابة والصالحين، للشيخ محمد متولى الشعراوى، قائلًا: "الجواب عندك أنت، لا عندي، انظر إذا دخل عليك من يعطيك، ودخل عليك من يطلب منك، أيهما ترحب به وتقابله ببشاشة، أيهما تحب؟
إن كنت تحب من يأخذ منك فأنت من أهل الآخرة، وإن كنت تحب من يعطيك فأنت من أهل الدنيا، لأن من يأخذ منك يحمل حسناتك إلى الآخرة، وأما من يعطيك فيزيدك من الدنيا ولا يعطي آخرتك شيئًا.
ويلفتنا القرآن الكريم إلى المنظور، وإلى المدخور، فيقول الحق سبحانه: "المال والبنون زينةُ الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابًا وخير أملا".
ويقول سبحانه في آية أخرى: "والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابًا وخير مردا".
ويلفتنا الحق سبحانه إلى هذا في أكثر من موضع من القرآن الكريم فيقول تعالى: "والآخرة خير وأبقى".
ويقول سبحانه: "خُذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها"، وهنا يشير الشيخ محمد متولى الشعراوي، رحمه الله، في كتابه، إلى أنه لا بد أن تنظر إلى الباقيات في الأشياء، لأنها هي التي يُعوّل عليها، وإياك أن تنظر إلى الذاهب ولكن انظر إلى الباقى.
ويضيف الشعراوي: "الله سبحانه وتعالى هو صاحب المال، وهو يأتي بالمال، بالأسباب التي جعلها للبشر في حركة الحياة، وأمنّهم على عَرقهم، وأمنهم على ما يملكون، حتى لا يزهد أحد في الحركة، فلو أخذ كل واحد من حركته على قدر نفسه ولم يتملك المال، لظن الناسب بالحركة، وإذا ظن الناس بالحركة فلن يستفيد غير القادرين على الحركة، فأراد الله سبحانه وتعالى أن يجعل ما يزيد على حاجات الناس مِلكا لهم، لأن النفس تحب أن تتملك.
ويتابع، أن التملك أمر غريزي في النفس، بدليل أن الله سبحانه هو الذي طلب أن يؤخذ من الأموال، وأوضح أنه يضاعفها له، ومعنى أنه يضاعفها عنده أنه يُنمى في غريزة التملك، وقول سبحانه وتعالى :"تطهرهم وتزكيهم".
تعليقات الفيسبوك