م الآخر| الفتوة.. من الشهامة للبلطجة
"الفتوة"، هو الشخص الذي يتحلى بالشجاعة والرجولة والنبل والقوة، تلك الصفات التي جعلت من هذا الشخص فتوة الحي أو المنطقة التي يعيش فيها.
قدمته السير الشعبية أحيانًا كنموذج للحاكم الفرد "المستبد العادل" الذي يسعى لتطبيق قانون القوة حسب معادلاتة الخاصة، وبما يتوافق مع طبيعة أهل الحارة التي يحكمها، فهو حاكم شعبي سواء اختاره الناس أو فرض نفسة عليهم بالقوة، ولكي يستمر في موقعة عليه أن يضيف إلى قوته مايجعل الناس تحبه، كأن ينصر الفقراء، ويقيم العدل، ويرتب الحياه في الحارة التي يحكمها بحيث يظل الجميع مدينين له بالحماية، ولكن هل في عصرنا الآن يوجد نموذج الفتوة أم انتهى؟ الآن أعرض لكم المراحل التي مرّ بها الفتوة من الشهامة إلى البلطجة.
المرحلة الأولى: في نهاية الـ30 عام الأخيرة من عصر السلاطين المماليك (بين نهاية القرن 15 وبداية القرن 16)، لم تعد هناك دولة، وظهرت تشكيلات عصابية كبيرة تضم 300 أو 400 رجل ينهبون الأسواق، فبدأ الفتوات يكونون فرق للدفاع عن أحيائهم، بالإضافة للدور المنوط بهم من البداية، وكان إغلاق البوابات في المساء وإنارة المصابيح، والتفتيش عن الأغراب، وشيئًا فشيئًا أصبح لكل حي أو مدينة فتوة أو فتوات يحموا أهلها.
المرحلة الثانية: مع بداية الاحتلال الإنجليزي، ترك المحتل الفتوات في حالهم، حتى بدأ الإنجليز في تكوين "البوليس" في مصر، فبدأ النزاع بين الجانبين، وكلما قويَّ البوليس؛ ضعف أمر الفتوات حتى ثورة 1919، بعدها انضم الفتوات إلى (حزب الوفد)، ومع قدوم الحملة الفرنسية، اشتدت مقاومة الفتوات لها؛ فبدأ جنود الحملة في هدم أبواب الحارات، وفتح القاهرة على بعضها لإضعاف سلطات الفتوات، حتى جاءت ثورة 1952، واستقرت الأحوال الأمنية في الشوارع، وزادت قوة البوليس؛ فانتهى عصر الفتوات.
أما الآن، وفي عصرنا هذا ارتبط اسم الفتوة بأعمال "البلطجي"، التي تحول فيها الفتوة من حماية الناس ومساعداتهم إلى بلطجي يرهب الناس ويقتلهم.