نقلت الأخبار نبأ وقوع ضحية أخرى لقانون التظاهر من شباب الثورة الشعبية الأنقياء. حيث جرى إلقاء القبض على الناشطة السكندرية ماهينور المصرى مساء الجمعة، وإيداعها بقسم شرطة المنشية إيذاناً بعرضها على النيابة صباح السبت، وذلك بعد أن أصدرت محكمة حكماً غيابياً على ماهينور بالحبس لمدة عامين وغرامة 50 ألف جنيه بتهمة اختراق قانون التظاهر بسبب مشاركتها فى وقفة تضامنية سلمية مع أسرة الشهيد خالد سعيد. لاحظ إلقاء القبض على ماهينور يوم الجمعة فى غياب النيابة وحبسها على الرغم من وجود معارضة على الحكم وتحديد جلسة إعادة محاكمة فى مايو، بينما تظل كثرة من المجرمين فى حق الشعب والثورة أحراراً طلقاء، ولذلك أفرجت عنها النيابة من دون شروط.
وباستمرار الملاحقة الأمنية الباطشة لنشطاء الثورة الشعبية من الشباب وتصاعدها يتأكد أن الحكم المؤقت الراهن لا يختلف فى توظيف البطش الأمنى بقوى الثورة عن سابقَيه وبأن قانون التظاهر، سيئ السمعة، فى الداخل والخارج على حد سواء، سيبقى السقطة الأسوأ لحكومة عدلى منصور ووزارة حازم الببلاوى، وللرجل القوى وراءهما، فى مجال انتهاك الحقوق والحريات المدنية لشعب مصر.
وكأن ماهينور على موعد مع القهر وانتهاك حقوقها كل عام قبل عيد شم النسيم. أو أن هذا تذكير لنا جميعاً بأن القهر والبطش بالحقوق المدنية والسياسية الآن ليس بمختلف عما كان قبل الثورة الشعبية العظيمة أو إبان حكم اليمين المتأسلم الفاشى.
وكنت قد كتبت فى أبريل 2013 مقالاً بعنوان «من يحبس ماهينور المصرى»، بمناسبة القبض عليها حينئذ، ما زال مضمونه معاصراً أقتبس منه الفقرات التالية.
«شرُفت بمعرفة ماهينور منذ بضع سنوات عندما اتصل بى بعض من شباب الوطن الرائع للمشاركة فى مؤتمر لدعم أهالى أرض منطقة طوسون، التى كان نائبا الشعب والشورى عن المنطقة يسعيان لسرقة الأرض المقامة عليها مساكنهم للاتجار فيها، وكانوا يستعينون على طرد الأهالى من مساكنهم بشركة أمن خاصة، ويستقوون بالشرطة وبالمحافظ الأسبق، الذى رفض تنفيذ حكم قضائى واجب النفاذ بعودة الأهالى إلى مساكنهم. وهكذا كان النواب والشرطة والمحافظون فى ظل حكم الفساد والاستبداد الذى قامت الثورة الشعبية العظيمة للقضاء عليه ولم تنجح بعد.
وعندما وصلت لمقر المؤتمر قابلت ماهينور، شابة سكندرية رقيقة ولكن شعلة من الحيوية، تقطر عذوبة ودماثة، وتشع وطنية وصلابة فى الدفاع عن الحق.
هذه هى ماهينور التى حبسها زبانية قسم الرمل بالإسكندرية المرة الماضية بتهم مختلقة وملفقة تشمل التعدى على أفراد الشرطة واقتحام القسم بقصد تهريب مساجين، وكأنها وحش كاسر. والدليل القاطع على أن هذه التهم كانت ملفقة جوراً هو أن النيابة أفرجت عن ماهينور من دون أى ضمانات. وليست هذه أول مرة تحبس شرطة الإسكندرية ماهينور. فقد حبسوها فى نهايات حكم الطاغية المخلوع بالجرم المشهود، صدق أو لا تصدق، التغنى مع بعض من أقرانها بأناشيد وطنية على أحد شواطئ الإسكندرية!».
إن من يحبس ماهينور الآن هو مثل من كان يقبض عليها وعلى أمثالها من شباب مصر العظيم، زوراً وبهتاناً تحت حكم الطاغية. من يحبس ماهينور الآن بعض أفراد الشرطة الذين قتلوا وأصابوا المتظاهرين وأفلتوا من العقاب بسبب تواطؤ السلطة وفشل منظومة العدالة فى مصر.
فى كل هذا دليل على أن شرطة محمد إبراهيم تحت رئاسة عدلى منصور وحازم الببلاوى أو إبراهيم محلب لا تختلف جوهرياً عنها تحت محمد مرسى وهشام قنديل ولا عن شرطة المجرم حبيب العادلى تحت رئاسة محمد حسنى وعصبة الفساد والاستبداد التى ما زالت مهيمنة.
إن من يحبس ماهينور الآن ينتمى إلى معسكر أعداء الثورة الشعبية العظيمة -مهما تشدق بمناصرتها- من الذين يسعون عبثاً لإفراغ الشبيبة فى مصر من الطاقة الثورية عبر إنهاكهم بالبطش البوليسى بواسطة شرطة موالية لرأس السلطة، وإجهاد الشباب المعارضين من النخبة قانونياً كما من خلال القضاء العسكرى سابقاً، ومن خلال نائب عام موالٍ للسلطة وخادم لأغراضها السياسية. هكذا كان دأب المجلس الأعلى للقوات المسلحة ودأب سلطة اليمين المتأسلم، وهو كذلك دأب السلطة المؤقتة فى هذه المرحلة الانتقالية الثانية. ولكن سيخيب مسعاهم.
والدليل الدامغ على زعمى هو أن مسعى المجلس العسكرى وسلطة اليمين المتأسلم بقيادة الإخوان الضالين هذا قد خاب، على الرغم من طول باعهما فى القهر باستخدام جميع الوسائل المشروعة وغيرها. ولو لم يخب سعى الحكم العسكرى واليمين المتأسلم لما وجدت السلطة المؤقتة الراهنة نفسها مضطرة فى معاداتها للثورة الشعبية لأن تتوسل السبيل الخائب نفسه. أفلا يعقلون، وهم يدعون الانتماء للثورة، بل قيادتها؟ تماما كما ادعى المجلس العسكرى وعصبة اليمين المتأسلم حماية الثورة كستار دخان للعمل على الإجهاز عليها.
وسيخيبون كما خاب السابقون.
فقد انكسر حاجز الخوف، وأصبح الشعب المصرى خاصة شبيبته مستعصين على الإرهاب بالملاحقة والعسف. كما أن فشل جميع سلطات الحكم منذ الثورة الشعبية فى التحرك الجاد نحو نيل غايات الثورة الشعبية فى الحرية والعدل والكرامة الإنسانية يعمل ضد الحكم التسلطى، فقد باتت الظروف الموضوعية لاندلاع الموجتين الكبيرتين الأولى والثانية من الثورة الشعبية العظيمة قائمة، بل تفاقمت. ومن ثم، فإن هناك حتمية تاريخية لخروج موجات تالية من الثورة الشعبية ضد الحكم التسلطى المنتج للظلم الفادح.
وما ملاحقة الشبيبة إلا محاولة يائسة لإجهاض هذه الموجات المقبلة لا محالة. وعلامات فشلها الحتمى بادية فى تصاعد حركات الاحتجاج الشعبى كما كان الحال فى نهايات عهد الطاغية المخلوع، ونهايات حكم المجلس العسكرى كما اليمين المتأسلم سواء بسواء.