تركيا.. تاريخ حافل من الانقلابات العسكرية أشهرها "المذكرة"
60 عاماً من التناحر بين الجيش التركي ورجال السياسة على السلطة
الانقلاب العسكري في تركيا عام 2016
شهدت تركيا العديد من أعمال العنف والاضطرابات طوال أيام الستينيات من القرن العشرين، وأثار الركود الاقتصادي في أواخر هذا العقد موجة من الاضطرابات الاجتماعية والتي تمثلت في المظاهرات التي تجوب الشوارع، وإضرابات العمال، والاغتيالات السياسية.
في أواخر 1968، تشكلت حركات عمالية وطلابية يسارية تعارضها الجماعات اليمينية المسلحة والإسلامية، وقام الجناح اليساري بتنفيذ هجمات تفجيرية وعمليات سرقة واختطاف، وكان يقابل العنف اليساري بعنف يميني متطرف، بل ويتجاوزه.
وعلى الجانب السياسي، عانت أيضًا حكومة سليمان ديميريل، المكونة من حزب العدالة اليميني والتي أعيد انتخابها 1969، من المشكلة فقد انشق العديد من الفصائل داخل حزبه مكونين مجموعات خاصة بهم، ما أدى إلى الحد من أغلبيته البرلمانية تدريجيًا، وبالتالي توقفت العملية التشريعية، مع تزايد العنف 1970.
وبحلول 1971، عمت الفوضى أرجاء تركيا، وتوقفت الجامعات عن العمل، وقام الطلاب بسرقة البنوك، وقصف منازل أساتذة الجامعات الذين ينتقدون الحكومة، وكان هناك إضراب في المصانع، وتوقف العمل، وأصبحت الحركة الإسلامية أكثر عدوانية، وقام حزبها حزب النظام الوطني، برفض أتاتورك والفكر الكمالي بشكل علني، ما أثار غضب القوات المسلحة.
وبين الفوضى العارمة وغضب الجيش التركي، بدت حكومة ديميريل، التي أضعفتها الانشقاقات، عاجزة عن محاولة إيقاف ثورات الجامعات والعنف في الشوارع وغير قادرة على إصدار أي قوانين جادة بشأن الإصلاح الاجتماعي والمالي.
وفي 12 مارس قام رئيس هيئة الأركان العامة التركية، ممدوح تاجماك، بتسليم رئيس الوزراء مذكرة تصل لحد إنذار أخير من القوات المسلحة، طالب فيها بتشكيل حكومة قوية تضع حدًا للوضع الفوضوي في تركيا وتطبق من خلال وجهات نظر أتاتورك، القوانين الإصلاحية المنصوص عليها في الدستور، لإنهاء الصراع والاضطرابات وإذا لم تتم تلبية هذه المطالب فإن الجيش سوف يمارس واجبه الدستوري ويتولى السلطة.
ووسط تفاقم النزاع الداخلي ولم يواجهه تغييرًا يذكر لإيقاف تلك الظاهرة، قدم ديميريل استقالة حكومته، حدث انقلاب العسكري التركي والذي عُرف باسم "انقلاب المذكرة"، ويعد ثاني انقلاب عسكري في الجمهورية، بعد 11 عاما من سابقه الذي حدث 1960.
وفي أبريل 1972، تولى فريت ميلين رئاسة الوزراء، والذي أحدث تغييرًا بسيطًا، وتبعه بعد عام نعيم تالو الذي كانت وظيفته الرئيسية قيادة البلاد حتى الانتخابات، وبحلول صيف 1973، حقق الجيش معظم مهامه السياسية، وتم تعديل الدستور لتقوية الدولة ضد المجتمع المدني.
وفي أكتوبر 1973، فاز أجاويد، الذي كان قد تفوق على منافسه إينونو بتقلده زعامة حزب الشعب الجمهوري، فوزًا كاسحًا في الانتخابات العامة التركية، وانقسم الحزب وعادت نفس المشاكل التي أبرزتها المذكرة للظهور مرة أخرى.
ومع مرور فترة السبعينيات ساهم نظام الحزب المنقسم والحكومات غير المستقرة تحت وطأة الأحزاب اليمينية الصغيرة في حدوث حالة الاستقطاب السياسي، وتدهورت الحالة الاقتصادية، وقامت جماعات يسارية بأعمال تهدف إلى إحداث الفوضى والانهيار، وبحلول 1980، نفذ الجيش انقلابًا عسكريًا آخر في محاولة لاستعادة النظام.