صفقة القرن أو ما كانت تسمى وعد «ترامب» هو مشروع صهيونى للتصفية النهائية للقضية الفلسطينية تشارك فيه الصهيونية اليهودية واليمين الأمريكى على حساب العرب والفلسطينيين.
وقد انطلق اليمين الأمريكى فى الدعم المطلق لإسرائيل وإقامة دولة يهودية دينية -فى سابقة عالمية فريدة- من نظرية بالية بائسة مفادها: «من يرد أن يرى المسيح آخر الزمان، فعليه أن ينتصر لإسرائيل، لأنه لن يظهر إلا بانتصار الدولة اليهودية على الكفار المحمديين ويقصد بهم العرب المسلمين.
وتعد الصفقة تزويراً فجاً للتاريخ وسرقة لكامل التراب الفلسطينى، بما فيها القدس حيث تجعلها الصفقة تحت السيادة الإسرائيلية الكاملة شرقها وغربها وتجعل منطقة نائية صغيرة بعيداً عنها اسمها «أبورديس» عاصمة للدولة الفلسطينية التى تقترحها الصفقة، وهى دولة ممزقة منزوعة السلاح وكذلك السيادة، جزء منها فى غزة وأجزاء أخرى ممزقة فى أسوأ مناطق الضفة، مع ضم غور الأردن لإسرائيل، بحيث لا تزيد مساحة هذه الدولة على 15% من مساحة فلسطين الأصلية، مع النزع الكامل لأسلحة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى فى غزة، فضلاً عن إنهاء حق العودة للفلسطينيين سوى فلسطينيى عام 1948 المسجلة أسماؤهم فى الأمم المتحدة، وهؤلاء مات معظمهم وشبعوا موتاً، أما أبناؤهم وأحفادهم فلا حق لهم فى العودة، بل يتم تجنيسهم بجنسية البلاد التى يعيشون بها.
الصفقة أسقطت حق العودة لقرابة 6 ملايين لاجئ يمثلون صلب الشعب الفلسطينى واكتفت بحفنة دولارات عربية لأمريكا، لتهبها للدول التى يعيش فيها اللاجئون الفلسطينيون.
فالصفقة وهم كبير يريد «ترامب» تسويقه لنا، فلا شىء للعرب والفلسطينيين، ستضيع الأرض والقدس، ولن يعود اللاجئون، فإسرائيل ستأخذ كل شىء، وسيكسب «ترامب» الانتخابات القادمة، وسينجح نتنياهو -المدان قضائياً بالسجن- فى تشكيل حكومة وقد يحصلان معاً على جائزة نوبل للسلام.
أما العرب فسيدفعون كل شىء، حيث ستمول بعض الدول العربية الصفقة وتدفع لترامب وشلته قرابة 15 مليار دولار، أما العرب فسيمنحون أرضهم وشرفهم وأموالهم لترامب ونتنياهو مجاناً.
ورحم الله زماناً كانت إسرائيل تتسول العرب، رافعة شعار: «الأرض مقابل السلام» والآن تحصل إسرائيل على الأرض والسلام والنفوذ والقدس ونوبل مع أموال العرب، وكله بيد العرب، وعلى حسابهم ولتقديمهم مغانم الدنيا على مصالح أوطانهم وشرفهم وعزهم.
الصفقة فيها العصا والجزرة، العصا الأمريكية معروفة، أما الجزرة فهى من أموال بعض أوطاننا وستبذل لبيع بعض أوطاننا، بل أغلاها، وهى القدس وفلسطين.
كل رسائل صفقة القرن تعنى شيئاً واحداً هو بيع فلسطين وتصفية قضيتها تماماً بدعم عربى وشرعية وأموال عربية، هو سلام الجبروت والإذعان للعرب، فهم الحلقة الأضعف فى كل صراعات وأزمات الإقليم كله نتيجة تمزقهم وتفرقهم.
العرب يمثلون 5% من العالم ويشترون 50% من الأسلحة التى ينتجها العالم، ويستخدمون هذه الأسلحة فى أن يواجهوا بعضهم بعضاً.
كل المعونات التى تعرضها الصفقة لن تدفع فيها أمريكا أو إسرائيل مليماً واحداً، ومعظمها من بلاد عربية.
الصفقة عبارة عن إملاءات ترامبية فى صفقة إجبار وإذعان لا خيارات فيها وهى سرقة كاملة لفلسطين دون مقابل، وإذا كانت بعض بلاد العرب هى التى ستساعد الفلسطينيين فلمَ لا تساعدهم مباشرة كما ساعدتهم من قبل دون أن يبيعوا فلسطين لإسرائيل، الصفقة ليست تسوية، ولكنها تصفية للقضية، وتسويق ما لا يسوّق، وتمرير ما لا يمرر، وبيع ما لا يباع، فما طبخه «ترامب ونتنياهو» للعرب هو السم بعينه.
هذا وعد «ترامب» ولكن وعد الله يقول:«فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدكَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً».