وكما قلتها صادقا وكتبتها واثقا بتاريخ 10-10-2013 (قطر سوف تدفع الثمن) وأردفت قائلا بأنها سوف تدفع الثمن ولو طال الزمن
ولسوف نذيقها المحن تلو المحن
حتى تدرك الفارق بين الخيمة وبين الوطن
وقد بدأ دفع الثمن بالفعل، فها هى تفقد أواصرها الخليجية الحديدية، وقريبا سوف تخسر روابطها العربية الحميمية، وبعد حين قليل من الزمن سوف يلفظها صناع وهمها من الأمريكيين والإسرائيليين، سوف يطلقون عليها الرصاص كما اعتادوا التخلص من عملائهم حينما تسقط عن عوراتهم ورقات التوت الأخيرة. إن سحب السفراء الثلاثة للسعودية والإمارات والبحرين من الدوحة هو مجرد مقدمة لما هو أهم وأخطر وأكثر أثرا وثمنا، كما أن هذا الإجراء دليل على أن الراعى الأمريكى الصهيونى لم يعد يرد على المكالمات الهاتفية المتتابعة من الأمير القطرى الشاب لأن هذا الراعى فى المقابل لم يعد قادرا على أن يقنع الأطراف السعودية والإماراتية والبحرينية بالصبر لا على الأفعال القطرية وحدها وإنما على مجرد الاستماع إلى وساوسه.
ألم يكن بوسع العقل القطرى الحاكم أن يدرك أنه عند مفترقات الطرق تنكشف الأحجام وتتضح الصور وتستبين على الخرائط الأجسام والتاريخ الصامت ينطق ليفرق بين الحقائق والأوهام؟
ألم يكن لدى المسئول القطرى أذن تسمع وعين ترى وعقل يدبر حينما كرر المشير السيسى عبارته (إن مصر لن تنسى من وقف بجانبها فى أزمتها يدفع عنها، ولن تنسى من وقف يدافعها ويعاندها ويشعل النيران التى تطفئها). لعل الأمير الشاب اتصل بأبيه، وكذلك رئيس وزرائه العبقرى الفقيه، ليسأله عن هذا الإجراء وما الذى يعنيه؟ ولعله يريد التعرف على من ينبغى أن يدفع له المليارات فى هذه الحال.
وربما يثير تعجبه أن يجيب الأب بأن حل المشكلة العويصة لم يعد ممكنا بالمال. ويجيب الابن الذى تربى على أن يأتيه المال بكل شىء فى الحال، يجيب قائلا بل صارخا: محال نعم محال أن تكون أنت أبى الذى يتكلم، محال أن تكون الرجل الذى صرت أفهم منه الدنيا وأتعلم، تريد أن تفهمنى أننى رهين الغرق فى بحر عميق، ولماذا لا تريد إذن أن تمنح اليد المنقذة لهذا الغريق، أبى ألم يعد ممكنا أن أعود عن هذا الطريق؟ ألا يمكن أن أستبدل هذا الفريق بذاك الفريق؟ ألا أستطيع أن أنجو بتلك الخيمة من هذا الحريق؟
الأمير الشاب يسأل والأب الشيخ يسكت لا يجيب، يأخذ الابن نفسا عميقا ويسكت برهة ثم يقول لأبيه: ليس لديك ما تقول، إنك رجل إلى أفول، حسنا أعطنى أمى فهى التى تفهمنى وهى التى تمنحنى، أرجوك أعطنى أمى، يترك الأب زوجته لتخاطب الابن الحائر فتبدأه قائلة لا يفزعنك صمت أبيك ولا يهمنك ما يحدث حولك من عدو أو صديق، وصدقنى لست أنت بالغريق، ولا خيمتك طالها حريق، كل شىء سوف يعود لسابق عهده، فقط امنحنى بعض الوقت، وأبدا لا تغادر هذا البيت، ولا بد أن تثق بى، ألم أكن أنا التى منحتك هذا العرش؟ لقد سلبته من كل إخوتك الكبار من أبيك وأمهات أخريات فكيف نضيع كل ما حصدنا فى لحظات؟ ابقَ مكانك وانتظرنى واستمتع بوقتك فأنت فى العين والننى.
ارتسم السكون على ملامح الأمير الشاب وجلس يفكر لماذا صنعت دول الخليج الكبرى هذا الصنيع؟ كان أمامه التلفاز وعليه قناة الجزيرة، وأخبارها المريرة، تشرح عن سوريا حكاية الموت والضياع، وتوضح كيف لم تعد ليبيا وطنا بل صارت كالبقاع، وتنقل أخبارها الحية للسودان الذى صار دولتين بينهما صراع وأى صراع، وتعود به لليمن السعيد وهو يعيش حزينا تحت راية الحوثيين ورجال القاعدة السباع.
أخذ الشاب يتمتم: (لا بد إذن أن تدفع قطر الثمن، بكم ما زرعت فى الأوطان من فتن، سوف تسمع يوما صوت الدمار، وتشهد انفجار السكن، وتذوق معنى الضياع، وترى حرمان الجياع، وتشعر بخزى الوهن، نعم سوف تدفع الثمن بحق سوريا وليبيا وتونس واليمن، وبحق كل روح أزهقت، وكل دم أسيل على أرض الوطن).