م الآخر| تحرر من عبودية الكراكيب.. وانعم بحياه أفضل

م الآخر| تحرر من عبودية الكراكيب.. وانعم بحياه أفضل
كل منا لديه مجموعة من الكراكيب المتناثرة والمتراكمة عبر الزمن تزداد يوما بعد يوم نجمعها ونضيفها إلى صندوق يحوي كراكيب مختلفة ومتنوعة تمثل حياتنا ما بين كراكيب مادية وكراكيب سلوكية وكراكيب لفظية وكراكيب من الأشخاص.
وحين نفتح هذا الصندوق ونشاهد ما بداخله نكتشف الكثير نعيد ترتيبه قد نستخرج بعضها لاستخدامه ثم نعيد إغلاقه ونعيده إلى مكان حفظه.
فالسر وراء احتفاظنا بتلك الكراكيب يمثل حالة من العشق الغامض للكراكيب، ثقافة من نوع خاص قد تكون مرتبطة بأحد الطقوس الفرعونية امتدادا لفن التحنيط، أو نتيجة لعادات وتقاليد توارثناها عبر الأجيال اعتمادا على المثل القائل "اللي تكره وشه يحوجك الزمان لقفاه".
فالكراكيب تمثّل لنا مجموعة من الحالات المختلفة:
فحالة الأمان التي تبرر احتفاظنا بالكراكيب لتغنينا عن البحث عنها أو عن بديل لها مستقبلاً عند حاجتنا إليها قد تعكس نوعا من الخوف من المستقبل المجهول في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية.
حالة من الكسل فمحاولات التخلص منها تحتاج توفر الوقت والجهد.
حالة من العشق للكراكيب تجعلنا أسرى للماضي لارتباطها بذكريات جميلة.
حالة من الأنانية فالبعض يحتفظ بالكراكيب كحب تملك وكنوع من الاستعراض حتى لو لم تمثل له تلك الأشياء أدنى أهمية ولا ينوي الاستفادة منها مستقبلاً.
تتنوع الكراكيب في حياتنا ما بين:
كراكيب مادية نحتفظ بقطع أثاث قديمة زجاجات وعلب فارغة صحف ومجلات وأحيانا نجد في كراكيب البيوت ثروات مدفونة داخل هذا الصندوق تحفة نحتفظ بها دون أن نعرف قيمتها طابع بريد نادر عملة نادرة أول نسخة من جريدة.
كراكيب الذهن فالعقل يحتفظ بأفكار كثيرة وأحياناً تكون مشوشة تحتاج إلى ترتيبها وإعادة نظر فيها، أو أفكار سلبية ومعتقدات قديمة عفا عليها الزمان ومع ذلك نظل متمسكين بها نخاف من تجربة أفكار جديدة أو حتى تطوير أفكارنا نخاف من الاقتراب أو التخلّص من الأفكار القديمة ونضمها لكراكيبنا.
كراكيب الأشخاص تتضمّن علاقتنا.. أشخاص مزعجين وفضوليين، ومع ذلك لا نستطيع استبعادهم ونحتفظ بهم من ضمن كراكيبنا لصلة قرابة أو علاقة عمل، بالرغم أن وجودهم يسبب عدم راحة، نخاف من خسارتهم بالرغم من الألم الذي يسببونه فقد نحتاج إليهم يوما ما ولا نجدهم.
الجسد أيضاً يمتلئ بالكراكيب فنتناول الطعام والجسم يأخذ منه ما يحتاجه وما يزيد يتناثر في الجسم في صورة كراكيب من الدهون ونتيجة للكسل والإهمال وعدم ممارسة الرياضة تزيد هذه الكراكيب يوماً بعد يوم، ما يؤدي إلى السمنة.
كراكيب السلوك سلوك سلبي العصبية الزائدة والحساسية المفرطة التي تظهر مع أقرب موقف.
كراكيب الكلام حتى في كلامنا ما زلنا نحتفظ ببعض الكلمات القديمة لا نعرف معانيها أو أصلها أوانها لم تعد تناسب زماننا.
كل هذه الكراكيب تمثل ضغطاً علينا نتيجة للزحام التي تمثله في حياتنا فكل ما نحتاجه هو إعادة نظر في تلك الكراكيب وفي الحيز الذي تمثله في حياتنا، قبل أن نفكر في الاستعانة بصندوق الكراكيب نبحث عن ما هو جديد ليناسبنا فالقديم قد يكون فقد صلاحيته ولم يعد ملائماً نحتاج للتجديد نحتاج لإضفاء روح جديدة تناسبنا ونتخلص من هذا الصندوق.
نحتاج إلى أن تتحرر من الكراكيب.. نحرر العقل من كراكيب الأفكار السلبية والقديمة، وحينها نتحرر من ثقافة الكراكيب.
_____________________________________________________________
(ملحوظة: الآراء المنشورة في قسم "م الآخر" لا تعبر بالضرورة عن رأي موقع وجريدة "الوطن"، وإنما تعبر عن آراء أصحابها)