ملتقى الحوار يصدر تقريرا عن المسكوت عنه في قطر: تمييز وانتهاكات و"جوع"
جانب من فعاليات ملتقى الحوار للتنمية
أرسل ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان اليوم الثلاثاء، تقريرا عن انتهاكات حقوق الإنسان في إمارة قطر بعنوان "قطر - إمارة اللا قانون" إلى المجلس الدولي لحقوق الإنسان، لينضم إلى آليات المجلس لفحص سجل قطر في مجال حقوق الإنسان، والذي يتم غدا الأربعاء بمقر المجلس في جنيف.
ويجرى فحص ملف قطر للمرة الثالثة، منذ نشأة هذه الآلية عام 2008، ويتم الفحص من قبل الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يوم 15 مايو الحالي، خلال اجتماع يحضره بالأساس ممثلو البلدان الثلاثة القائمون بدور المقررين "الترويكا" لاستعراض قطر، وهم: الكونغو والعراق والمملكة المتحدة.
كما يحضر الاجتماع الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية، ويرأس وفد قطر سلطان بن سعد المريخي وزير الدولة للشؤون الخارجية.
ومن المنتظر أنّ يتبنى الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل، التوصيات بشأن قطر في اليوم ذاته، وقد ترغب الدولة قيد الاستعراض بالتعبير عن مواقفها بشأن التوصيات التي قدمت لها في أثناء استعراض ملفها.
ويعتمد الاستعراض الدوري الشامل على الوثائق التالية :التقرير الوطني الذي يتضمن المعلومات المقدمة من الدولة قيد الاستعراض، المعلومات المضمنة في تقارير خبراء حقوق الإنسان وفرق الخبراء المستقلين والتي تعرف باسم الإجراءات الخاصة، وهيئات معاهدات حقوق الإنسان وهيئات أممية أخرى، المعلومات المقدمة من جهات أخرى معنية بما فيها المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والمنظمات الإقليمية ومنظمات المجتمع المدني.
ويكشف التقرير الذي قدمه الملتقى، عن الانتهاكات الجسيمة والمسكوت عنها ضد حقوق الإنسان القطري، وأخطرها ما ذكرته المقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاء والمحامين بالأمم المتحدة، والتي أكدت وجود ضغوط تمارسها السلطة التنفيذية على عمل السلطة القضائية في قطر، ما يظهر جليا في القضايا التي يكون أحد أطرافها نافذون، وهو ما أدى إلى تقديم 33 قاضيا استقالتهم بسبب ما وصفوه بالتدخل المستمر والمتواصل في عملهم.
قطر تتجاهل التوصيات الأممية لمعايير تعيين القضاة
وأشار تقرير الملتقى إلى تجاهل النظام القطري لتوصيات الأمم المتحدة، الخاصة بوضع معايير أكثر شفافية ونزاهة في تعيين القضاة، وانزعاجها من عدم مساواة القضاة غير القطريين بزملائهم من القضاة القطريين، فيما يتعلق بالمزايا الاجتماعية والعلاوات المخصصة لهم.
كما أشار التقرير إلى وجود 3 قوانين قطرية سيئة السمعة، وتنتهك نصوصها مبادئ حقوق الإنسان الأساسية، وهي القوانين 17 لسنة 2002 بشأن حماية المجتمع وهو القانون الذي يسمح لوزير الداخلية باعتقال الأشخاص لمدة تصل إلى سنة، مع تمديدها بموافقة رئيس الوزراء، ولا يمكن الطعن في قرار الاعتقال إلا أمام رئيس الوزراء والقانون رقم 3 لسنة 2004، الذى يخول لعضو النيابة اعتقال الأشخاص لمدة 6 أشهر قبل المحاكمة والقانون 5 لسنة 2003، والذي يجيز احتجاز الأشخاص المتهمين في جرائم تمس أمن الدولة لمدة شهر قبل تقديمه إلى النيابة العامة.
قطر تتجاهل تحذيرات الأمم المتحدة بشأن إنهاء معاناة العمالة المهاجرة وخدم المنازل
وألمح التقرير إلى تجاهل قطر للتحذيرات الأممية الخاصة بضرورة إنهاء معاناه العمالة المهاجرة وخدم المنازل بقطر في المحاكم، لعدم شفافية الإجراءات من ناحية وللرسوم القضائية الباهظة التي تصل إلى 200 دولار، ما يمثل عبئا على كاهل الفئة المطحونة من العمال المهاجرين وخدم المنازل في الحصول على المساعدة القضائية.
وبشأن حالة الديمقراطية والحقوق السياسية في الدوحة، كشف ملتقى الحوار عن تمديد ولاية مجلس الشورى لـ3 سنوات إضافية بقرار من الأمير، وبالتالي تأجيل انتخابات أعضاء مجلس الشورى للمرة الثانية، حتى تاريخ 30 يونيو 2019، رغم أنّ موعد انتخابات مجلس الشورى كان مقررًا أن يجرى خلال العام 2006، لكن تم تأجيله عدة مرات، ورغم أنّه وفقا للدستور القطري يتكون مجلس الشورى من 45 عضوًا، يتمّ انتخاب ثلثيه بالاقتراع العام وثلث يعينه الأمير، إلا أنّه ومنذ العام 2006، يعيّن الأمير جميع الأعضاء في مجلس الشورى، ما يعنى أنّ السلطة التنفيذية تتغوّل على السلطة التشريعية وهو ما أفضى إلى حياة سياسية خالية من ثمة رقابة برلمانية أيضا على أعمال السلطة التنفيذية.
العمالة الأجنبية تتعرض لانتهاكات جسيمة وسوء معاملة في قطر
واكد ملتقى الحوار أنّ العمالة الأجنبية المشاركة في بناء مباني واستادات كأس العالم 2022 تتعرض لانتهاكات جسيمة وسوء في المعاملة، وصلت إلى حد الموت وعدم دفع الرواتب والتعويضات، حتى أنّ هانز كريستيان جابريلسن رئيس اتحاد نقابات العمال النرويجي، قال لصحيفة "الميرور" البريطانية: "إذا وقفنا دقيقة صمت على كل حالة موت لعامل في ملاعب مونديال 2022، يتوجب علينا أنّ نقف طوال 44 مباراة في البطولة .
وتعمل لدى قطر قوة عاملة مهاجرة تضم نحو مليوني شخص، يشكلون نحو 95% من مجموع القوى العاملة. يعمل نحو 40% أو 800 ألف منهم في البناء وتحت تأثير درجات حرارة عالية، وتقول البيانات المناخية إنّ الظروف الجوية في قطر تصل في كثير من الأحيان، إلى مستويات قد تؤدي إلى أمراض قاتلة مرتبطة بارتفاع درجات الحرارة في غياب فترة راحة كافية.
وفي العام 2013، تحدّثت السلطات الصحية عن 520 حالة وفاة لعمال، بينهم 385، أو 74% لقوا حتفهم لأسباب لم يتم شرحها، لم يُجب مسؤولو الصحة العامة القطريين على طلبات الحصول على معلومات عن العدد الإجمالي لوفيات العمال المهاجرين وأسبابها منذ العام 2012.
ويشير تقرير صادر عن شركة المحاماة الدولية "دي إل إي بايبر"، إلى أنّ عدد وفيات العمال بسبب سكتة قلبية في قطر، وهو مصطلح عام لا يحدد سبب الوفاة، "مرتفع بشكل ملحوظ"، والسلطات القطرية تجاهلت التقرير ولم تسمح بالتشريح أو الفحص بعد الوفاة في حالات "الوفاة غير المتوقعة أو المفاجئة". كما لم تأمر بإجراء دراسة مستقلة بشأن العدد المرتفع على ما يبدو للوفيات التي تُعزي بشكل غامض إلى السكتة القلبية.
وفي سبتمبر من العام 2018 أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرا، كشفت فيه عن أنّ نظام الكفالة السائد في قطر أدى إلى تقاعس الشركات عن دفع آلاف الدولارات، من أجور واستحقاقات الشركات لعمالها الأجانب، ما تركهم عالقين ويعانون الإفلاس في قطر.
والموت في ظل ظروف عمل غير آدمية لم يكن هو الخطر الوحيد الذي يهدد حياة العمال، وتقرير منظمة العفو قال إنّ مئات العمال في "مدينة المستقبل" في قطر غير مدفوعي الأجر ويتضورون جوعا، وحددت المجموعة ما لا يقل عن 78 عاملا من الهند ونيبال والفلبين الذين يكافحون لتناول الطعام لأنّهم لا يستطيعون تحمل تكاليف الغذاء.
أما ملاعب الموت القطرية فيعمل بها عمالا من نيبال والهند والفلبين لهم في ذمّة شركة "مركوري مينا" الهندسية، التي تشغّلهم في قطر رواتب متأخرة قدرها 1700 يورو لكل منهم، مضيفة أنّ هذا المبلغ يمثّل بالنسبة إلى بعض هؤلاء العمال راتب 10 أشهر.
وأكد التقرير وجود تمييز صارخ يتم ضد المجنسين في قطر بحسب (المادة 12) من قانون الجنسية القطري رقم (38) لسنة 2005 والتي تؤكد أن الأشخاص المتجنسين يتمتعون بحماية أقل حيث يمكن أن تُسحب الجنسية القطرية منهم في أي وقت بمجرد اقتراح من وزير الداخلية.
كما أنّه وفقا لأحكام قانون الجنسية (المادة 16)، يوجد عدم مساواة بين المواطنين من أصول قطرية والمواطنين بالتجنس، فلا يتمتع القطريون المتجنسون بذات الحقوق السياسية التي يتمتع بها المواطنون من أصل قطري، فمهما كان طول فترة المواطنين المتجنسين، لا يمكنهم الانتخاب أو الترشيح أو التعيين في أي هيئة تشريعية.
ويتعمد النظام القطري التمييز بين الرجل والمرأة في شأن منح الجنسية للأبناء، ويترتب على ذلك التمييز من معاناة المواطنات القطريات في تعليم أبنائهن ورعايتهم صحيًا وحصولهم على فرص عمل، مقارنة بما يتمتع به أبناء مواطني دول مجلس التعاون الخليجي بحقوق تزيد على تلك التي يتمتع بها أبناء القطريات، ومقارنة بمجهولي الأبوين، الذين يتمتعون بالجنسية القطرية.
وأشار التقرير إلى حالة القلق الدولى تجاه انتهاكات حقوق الطفل، إذ يحدد القانون القطري سن المسؤولية الجنائية للطفل بـ7 سنوات، هو منخفض أكثر مما ينبغي بكثير، وأعربت لجنة حقوق الطفل بالأمم المتحدة عن قلقها أيضا، لإمكانية معاملة الأطفال بين سن (16) عاما و(18) عامًا على أنّهم من الكبار.
وفيما يتعلق بالاتجار بالبشر داخل قطر، أشار التقرير إلى التحذيرات الأممية التي أعربت عنها المقررة الخاصة بالأمم المتحدة، إزاء استشراء العنف المنزلي والجنسي الذي تتعرض له النساء في قطر، خاصة ذلك الذي يمارس على الإناث من خدم المنازل المهاجرات، خاصة عندما يحاولن الإبلاغ عن الاعتداءات التي يكن قد تعرضن لها، وهو الأمر الذي يشكل عقبة كبرى في طريق الوصول إلى العدالة، فخادمات المنازل المهاجرات اللواتي تُنتهك حقوقهن يجدن أنفسهن في وضعية من الضعف البالغ، إذ يتعرضن لتمييز مضاعَف بسبب نوع جنسهن وبسبب وضعيتهن كمهاجرات، وهو التقرير الذي قدمته المقررة إلى المجلس الدولي لحقوق الإنسان في دورته (29).