"الجماعة الإسلامية المقاتلة" .. مفرخة "القاعدة" في ليبيا

كتب: صلاح الدين حسن

"الجماعة الإسلامية المقاتلة" .. مفرخة "القاعدة" في ليبيا

"الجماعة الإسلامية المقاتلة" .. مفرخة "القاعدة" في ليبيا

لم يكن اعتقال أجهزة الأمن المصرية لــ" أبو عبيدة الليبي " أحد القيادات المشتبه بانتمائها للقاعدة، سوى مؤشراً كاشفاً عن مدى خطورة الحدود الغربية للدولة المصرية على أمنها القومي، حيث تقبع المليشيات المسلحة الليبية بارتباطاتها بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب والصحراء الكبرى والتي ورثت ترسانة ضخمة من مخازن أسلحة نظام العقيد معمر القذافي. لقد خلفت الثورة الليبية المسلحة أكبر مليشيات مسلحة تكونت على أيدي قادة " الجماعة الاسلامية الليبية المقاتلة" والتي بدأت بذرتها في النمو منذ أواخر السبعينات من القرن الماضي وبالتزامن مع بزوغ نجم التنظيمات الجهادية في مصر . وبات عبدالحكيم بلحاج، أحد أهم قيادات "المقاتلة الليبية" قائداً للمجلس العسكري في طرابلس، بعد ظهوره كقائد لمعركتي "باب العزيزية" و" فجر عروس البحر"، وأصبح قادة المليشيات الليبية التي ينتمون لــ" المقاتلة الليبية" هي من تحكم قبضتها في الواقع على الأرض الليبية في ظل ضعف الدولة المركزية هناك . فهناك مليشيا "راف الله السحاتي" وكان من أبرز قادة "المقاتلة الليبية" في أفغانستان، وهناك كتيبة أنصار الشريعة المرتبطة بالقاعدة ارتباطا مباشرا، ومليشيا "درع ليبيا" والتي وإن خضعت للدولة المركزية ظاهرياً إلا أنها تبقى عملياً خارج سيطرة الحكم المركزي. تشكلت أول خلية لــ" الجماعة المقاتلة الليبية" على يد علي العشبي ومعه ثمانية من رفاقه ما لبث أن فككتها الأجهزة الأمنية الليبية واغتالت عناصرها الــ9 إلا أنه في عام 89 استطاع عوض الزواوي تشكيل جماعة أخرى أطلق عليها "حركة الجهاد" ثم اعتقل هو أيضاً وفي نفس العام شكل أحد أنصاره وهو محمد المهشهش الملقب بــ" أبو سياف" تنظيما يدعى" حركة الشهداء الاسلامية" وتحت الضغط الأمني سافر المئات من الليبيين ذي التوجه الجهادي إلى أفغانستان ملتحقاً بتنظيم الاتحاد الاسلامي بزعامة أمير الحرب الأفغاني عبد رب الرسول سياف ونشط هؤلاء الليبيون بمعسكر " سلمان الفارسي" على الحدود الافغانية الباكستانية .. وفي عام 90 تأسست الجماعة الاسلامية المقاتلة في قندهار سراً وبدأت أفواجها للعودة إلى ليبيا في محاولة التخلص من حكم " "القذافي". لم تكن تنوي تلك الجماعة البدء في قتال "النظام" إلا بعد استكمال التجهيزات في محاولة منها لاستفادة من تجربة الجماعة الاسلامية وتنظيم الجهاد في مصر إلا أن الصدفة وحدها تسببت في انكشاف أمرها بعدما ارتاب أحد المخبريين السريين في عشة بإحدى المزارع القريبة من الجبل الأخضر والتي كانت تؤوي عدد من عناصر الجماعة فاضطرت بعد ذلك إلى الاستعجال بالصدام مع نظام "القذافي" دارت حرب طاحنة بين قوات "القذافي" و"المقاتلة" كان مسرحها منطقة "الجبل الأخضر" الوعرة وما لبث أن لقى المئات من عناصر "المقاتلة" مصرعهم بينهم سجن آلاف آخرون وسط ادعاء من قيادات التنظيم بأن "القذافي" استعان بالطائرات الصربية في قصف معاقلهم. ولاذ المئات من عناصر "المقاتلة" إلى أفغانستان مرة أخرى وبعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر استطاع الجيش الامريكي أن يعتقل أبرز قادتها منهم عبدالله الصادق الذي اعتقل في تايلند في 2004 ونائبه "أبو حازم" ومفتي الجماعة "أبو المنذر" وزج بهم في سجن "بجرام". وفي عام 2007 أعلن أيمن الظواهري، نائب زعيم تنظيم القاعدة وقتها، عن انضمام "المقاتلة الليبية" إلى تنظيم القاعدة رسمياً مع أن أحد قادة القاعدة وهو " أبو الليث الليبي" الذي لقى مصرعه عام 2008 في شمال "وزيرستان" في هجوم شنته طائرة أمريكية بدون طيار " كان أحد أهم قادة "المقاتلة" منذ نشأتها. وفي أواخر عام 2008 حذا نظام القذافي حذو مصر في الدخول في مفاوضات مع قادة "المقاتلة" في السجون لتشجيعهم على الدخول في مراجعات لأفكار التكفير والعنف، مقابل الإفراج عنهم على أمل إغلاق ملفهم للأبد وهي الدعوة التي لاقت قبولا عند تلك القيادات كان من أبرزهم "عبدالحكيم بلحاج" ونتيجة الحوار التصالحي أعلنت مؤسسة "القذافي" للتنمية برئاسة سيف الإسلام القذافي الإفراج عن ثلث المعتقلين من الجماعة المقاتلة. وبعد اندلاع الثورة المسلحة على نظام " القذافي" تصدر قادة الجماعة المقاتلة المليشيات الليبية كونهم ذات خلفيات عسكرية اكتسبت من خلال الحروب التي خاضوها في أفغانستان وباكستان. وإذا أخذ في الاعتبار التسريبات التي نشرتها صحيفة واشنطن بوست الامريكية والتي تثبت ضلوع جماعة "عبدالحكيم بلحاج" في اغتيال السياسيين التونسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي. إضافة إلى الاعترافات "أبو أنس الليبي" المحتجز على متن قطعة بحرية بالبحر الأبيض المتوسط فإن تنظيم أنصار الشريعة في ليبيا والذي يقوده محمد الزهاوي هو إحدى أذرع تنظيم القاعدة. وإذا ربط كل ذلك بالاعترافات التي أدلى بها محمد جمال "أبو أحمد" وهو المصري المتهم بالاشتراك في الهجوم على القنصلية الامريكية في بن غازي، أمام نيابة أمن الدولة العليا المصرية من أنهم استجلبوا صواريخ وأموال من ليبيا، وأن أجهزة الأمن المصرية اكتشفت معسكرات لتدريب الجهاديين بالقرب من "مطروح"، ثم القبض مؤخراً على "أبو عبيدة" القائد السابق لغرفة ثوار ليبيا بتهمة الضلوع في الهجوم على كمين "بني سويف" فإن نخرج بدلالة أن المليشيات الليبية التابعة للقاعدة تهدد الأمن القومي المصري.