الكفيل مش راضى!
تصريح يحمل تدخلاً سافراً فى الشأن المصرى جاء على لسان الشيخ محمد بن راشد رئيس الحكومة الإماراتية، ومع ذلك لم يصدر عن المسئولين المصريين أى رد فعل معلن، رغم ردود الفعل الواسعة التى سبق واتخذتها السلطة المؤقتة نحو عدد من الدول التى تدخلت بالتعليق على ما يحدث فى مصر، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وإيران وقطر وتركيا.. لا أسكت الله لمسئولينا الكرام حساً ولا قطع لهم نفساً!.
خرج الشيخ محمد بن راشد، رئيس الحكومة الإماراتية وحاكم دبى، وقال إنه «لا يريد أن يترشح الفريق عبدالفتاح السيسى لرئاسة الجمهورية، وإنه يفضل أن يترك ذلك لأحد غيره». أحدث هذا التصريح صدمة مدهشة لدى الكثير من أنصار الفريق السيسى. ومؤكد أن تحركات تمت فى الخفاء كان من نتائجها ذلك البيان الذى بثّته وكالة الأنباء الإماراتية، وأكد فيه مصدر إماراتى مسئول: «أن نصيحة الشيخ بن راشد هى ألا يترشح الفريق السيسى كعسكرى لمنصب رئيس الجمهورية، أما ترشّحه كمدنى استجابة لمطالب شعبية فهو أمر شخصى يخص الفريق نفسه». نوّرت العدالة أيها المصدر المسئول!. لقد أضأت طريق الفهم أمامنا، فلم نكن ندرى أن «السيسى» لكى يترشح لا بد أن يترك وزارة الدفاع!.
أقل ما يمكن أن يوصف به التعليق الرسمى على تصريحات الشيح «بن راشد» هو أنه «تعليق مضحك»، فالمسئول الإماراتى يقول إن رئيس الحكومة الإماراتية لم يقصد أن يقول «الأفضل إن السيسى ماينزلش الانتخابات»، بل كان يقصد «إنه ماينزلش السيسى الانتخابات». لا بد أن يتقبل أنصار السيسى الحقيقة المرة التى تقول إن الإمارات بدأت تنفض يدها من السلطة المؤقتة ومن «السيسى» حال وصوله إلى منصب الرئاسة. وليس هناك داع لخداع النفس، فنفى الخبر هنا يعنى إثباته، ويؤكد أن «بن راشد» ما زال عند موقفه.
لا خلاف على أنه ليس من حق أحد أن يتدخل فى الشأن المصرى، ومن واجب السلطة فى مصر أن تتعامل بمنتهى الجدية والصرامة مع أى دولة أو مسئول يحاول أن يدس أنفه فيما يحدث فى بلادنا، واختيار الرئيس القادم هو شأن مصرى خالص ليس من حق أحد أن يشارك المصريين فيه، ولكى تجيد أى سلطة تطبيق هذه القاعدة فعليها أولاً ألا تكيل بمكيالين، بمعنى أن تضرب صفحاً أو «طناشاً» عن تدخل دولة معينة، مقابل الغضب الشديد ورد الفعل العنيف على تدخل أى دولة أخرى، لأن المبادئ لا تتجزأ، وعليها ثانياً أن تفهم أن أهم معيار من معايير استقلالية أى دولة يرتبط بقدرتها على الاعتماد على نفسها وليس الاعتماد على «كفيل». لقد كان من الطبيعى جداً أن يتدخل رئيس الحكومة الإماراتية فى الشأن المصرى، لأن مصر تعتمد منذ 30/6 على الدعم الإماراتى، بل ويراهن البعض على أنها والسعودية سوف تدفعان فاتورة استقرار السيسى على كرسى الحكم فى مصر، من خلال إنعاش الاقتصاد المصرى بحزمة معونات ومساعدات خيالية بمجرد أن يتولى السلطة. والمثل (بتصرّف) يقول «مين اتكل على فلوس كفيله بات فقره ينقح عليه»!.. أهو الكفيل مش راضى!.