نصت المادة 180 من الدستور الجديد على تخصيص 25% من مقاعد المجالس المحلية للمرأة، أى ما يقرب من ثلاثة عشر ألف مقعد، وهو ما يعد خطوة هامة، ليس على طريق مشاركة المرأة السياسية فقط، وإنما على طريق التنمية أيضا، حيث تعد مشاركة المرأة فى صناعة القرار من أهم ركائز التنمية التى أكدتها الأهداف التنموية التى تعنى الحد من الفقر وتحسين القدرة على تحقيق العدل، وظهر ذلك بوضوح فى الدول التى حققت طفرات اقتصادية فى وقت قصير رغم الكثافة السكانية العالية بها والأوضاع المعيشية الصعبة التى كانت تعيشها مثل الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا.
كما أكد الدستور فى المادة 14 من الدستور أن الوظائف العامة حق للمواطنين على أساس الكفاءة دون محاباة أو وساطة، كما ورد فى العديد من المواد التأكيد على المساواة فى الوصول إلى فرص العمل وضمان حقوق العمال، وقد جاء ذلك متوافقاً مع ما أكدت عليه كبرى المؤسسات الاقتصادية فى العالم على أن المساواة بين الجنسين وإتاحة الفرصة لمشاركة المرأة تعد ذكاء اقتصادياً وأداة بالغة الأهمية من أجل تحسين نواتج التنمية.
وأكد البنك الدولى فى تقريره حول التنمية 2012 أن الوصول إلى المساواة يتم بطرق ثلاث:
أولاً: إزالة الحواجز التى تحجب عن النساء نفس قدرة الرجال فى الوصول للتعلم وفرص العمل، ما يحقق مكاسب إنتاجية هامة فى عالم تتنافس فيه الدول على استثمار قدراتها البشرية.
ثانياً: تحسين مكانة النساء، الأمر الذى يحقق مكاسب ليس للنساء فقط وإنما تمتد بالأساس إلى الأطفال والأسرة.
ثالثاً: تتيح المساواة فرصاً متكافئة للنساء والرجال أن ينشطوا اجتماعياً وسياسياً، ما يؤدى بمرور الوقت للاستفادة بأفضل الخبرات والعقول، وعلى العكس فإن إساءة توجيه مهارات النساء ومواهبهن يكلف ثمناً اقتصادياً باهظاً حيث لا تقل القوة العاملة للنساء عن 40% من إجمالى العمالة الصناعية، و43% من قوة العمل الزراعية ومن ثم العمالة المدربة الماهرة التى تحقق إنتاجية أفضل، وعندما تساء معاملة النساء أو يجرى التمييز ضدهن يكبد الأمر خسائر اقتصادية.
وفى مجال الإدارة عندما تستبعد النساء تقل مهارات المديرين من الرجال مما يقلل فرص الإبداع والابتكار، بل إن رفع قدرات النساء وإمكانية الاختيار والفرص لهن تصنع مستقبل الجيل القادم ولا يترتب عليه من فوائد على المستوى الوطنى فقط وإنما تستفيد منه الأسر بصورة مباشرة، وقد برز فى التقرير أمثلة عديدة للفائدة المباشرة لمشاركة النساء وعملهن مثل:
غانا: عمل النساء يساهم بالصرف الأفضل على الطعام داخل الأسر.
البرازيل: لوحظ طول قامة الفتيات اللاتى تعمل أمهاتهن نتيجة توجيه دخل النساء على الإنفاق على الطعام ما يقلل مشاكل التغذية.
الهند: يؤدى ارتفاع دخل النساء إلى زيادة السنوات الدراسية للأطفال لأبناء المرأة العاملة والانتظام الدراسى كما ساهم وجود النساء فى المحليات «نتيجة تخصيص المقاعد» فى الحد من الفساد والرشوة بنسب ملحوظة واستثمار أموال المحليات على الخدمات المباشرة.
كما استفاد منها الرجال أيضاً، وذلك بإعادة النظر فى قوانين العمل لتحديد ساعات عمل وإتاحة الضمان الاجتماعى للجميع، ما أدى إلى إتاحة الفرص للآباء عدد ساعات عمل أقل مع دخل أفضل وساعد فى التمتع بحياتهم والبقاء مع أولادهم مدداً أطول.
من الهام الآن التصويت على الدستور بنسبة تليق بما حصنه من حقوق، وبعد ذلك على الجميع البدء فى العمل على مستوى التشريعات وعلى مستوى الواقع أيضاً.