مصادر تحذر من تأثير مشروع نهر الكونغو على مفاوضات سد النهضة
حذرت مصادر مسئولة بملف مياه النيل من وجود بعض الأصابع الخفية التى تعمل على التأثير على الخطوات الإيجابية التى تقوم بها مصر والسودان مع الحكومة الإثيوبية للوصول إلى اتفاق حول قواعد التشغيل والتخزين، وكذلك تنفيذ الدراسات الفنية المطلوبة من الجانب الإثيوبى لتقليل الآثار السلبية المتوقعة من إنشاء سد النهضة وتنفيذ توصيات اللجنة الثلاثية، وذلك فى إشارة إلى ما تناولته بعض وسائل الإعلام حول تعاون الحكومة المصرية مع الكونغو لتوليد الطاقة الكهرومائية وتوفير احتياجات المياه لمصر، وذلك عن طريق توصيل نهر الكونغو بنهر النيل عن طريق جنوب السودان إلى شمال السودان ومنها إلى مصر.
وأوضحت المصادر أن الحكومة المصرية ترفض نقل المياه بين الأحواض النهرية، وهو ما يتفق مع القواعد والقوانين الدولية المنظمة للأنهار المشتركة، تفاديا لحدوث نزاعات بين الدول المتشاطئة، وهو المشروع المقدم من قِبل بعض المستثمرين المصريين والعرب لحكومة الكونغو.
وأضافت المصادر أن هناك أبعادا اقتصادية واجتماعية يجب أخذها فى الاعتبار عند إنشاء مثل هذه المشروعات التى تتكلف مليارات الدولارات، بالإضافة إلى الأبعاد الهندسية والآثار البيئية الناجمة عن إحداث تغيرات هيدروليجية لمجرى مائى قائم عند تنفيذ مثل هذه المشروعات. قال عدد من خبراء المياه والرى إن إثارة مشروع ربط نهر الكونغو بنهر النيل، فى هذا التوقيت محاولة للتشويش على المشكلة الأساسية، وهى أزمة سد النهضة الإثيوبى وآثاره على حصة مصر من المياه، خاصة أن المفاوضات لا تزال جارية بين مصر وإثيوبيا والسودان، وبالتالى فإن الحديث عن نهر الكونغو يمثل انحرافاً عن معالجة أزمة حقوق مصر التاريخية من المياه.
قال الدكتور نصر الدين علام، وزير الرى الأسبق، إن مشروع نهر الكونغو يتطلب موافقة الكونغو نفسها أولاً طبقاً للقانون الدولى الذى ينظم عملية ربط الأنهار وإنشاء السدود بين دول المصب والمنبع، مشيراً إلى أن الرئيس الليبى الراحل معمر القذافى، كان طلب من الكونغو إنشاء نهر يصل إلى ليبيا بتكلفة تصل إلى مليارات الدولارات لكن حلمه لم يتحقق.
وأضاف «علام» أن ربط مياه نهر الكونغو بنهر النيل عملية فى غاية الصعوبة وتكاد تكون مستحيلة لأسباب سياسية وفنية، فالأسباب السياسية أن دولة جنوب السودان غير مستقرة بسبب الصراعات التى تحدث بها بالإضافة إلى القبائل الموجودة هناك وستكون عقبة فى توفير الأراضى التى سيتم الحفر بها، كما أن المشاكل الفنية تمنع إنشاء هذا المشروع.
وأشار وزير الرى السابق إلى أن نهر النيل ليست لديه القدرة على تحمل إنشاء المشروع بسبب كمية المياه المهولة التى ستأتى من نهر الكونغو وبالتالى يتطلب إنشاء نهر آخر موازٍ لنهر النيل فى الصحراء الغربية لأن نهر النيل لا يستطيع أن يسع 100 مليار متر مكعب مياهاً أخرى إضافية، وسيؤدى ذلك إلى تكلفة عالية لحفر نهر جديد لأن السد العالى مصمم لنهر النيل فقط، بالإضافة إلى ضخ المياه لتصل إلى جنوب السودان.
واعتبر «علام» أن الحديث فى هذا الموضوع الآن وقبل انتهاء مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا يعتبر إلهاءً للشعب المصرى وتغييراً تفكيره بدلاً من المحافظة على حصته المائية، مضيفاً أن المشكلة فى مشروع نهر الكونغو سياسية أكثر منها فنية بسبب الصراع فى جنوب السودان.
وأشار إلى أن مصر دخلت بالفعل مرحلة الفقر المائى، التى تهدد فى حال استمرارها وعدم معالجتها بالدخول فى مرحلة «الشح المائى» والتعرض لموجات العطش، حيث إن حصة مصر من المياه ستتراجع لتصل إلى أقل من 55 مليار متر مكعب، وهو ما يعنى كارثة محققة فى ظل ارتفاع عدد السكان وزيادة الاحتياجات المائية.
وقال الدكتور عبدالفتاح مطاوع، رئيس قطاع مياه النيل السابق، إن نهر الكونغو يضخ 42 مليار متر مكعب من المياه فى المحيط الأطلسى، تمتد بسبب قوة اندفاعه إلى 130 كم داخل المحيط ومشروع ربط نهر النيل بنهر الكونغو غير مُجدٍ ويبعدنا عن قضايانا المهمة.
وأضاف «مطاوع» أن مصر تقع فى الحزام الأفريقى الجاف ولا توجد أمطار أو مياه جوفية كافية، ولذلك فإن اعتمادها الأساسى على نهر النيل ولذلك لن نفرط فى نقطة من حصتنا من نهر النيل، ولابد من التفكير أولاً فى موضوع سد النهضة وننتظر انتهاء المفاوضات فى الخرطوم وبعد ذلك يمكن أن نفكر فى مشروع نهر الكونغو.
وأشار إلى أن مشكلة المياه فى مصر تكمن فى عدم وجود نظرة مستقبلية لحل تلك المشكلات، مؤكداً أن التنمية موجودة داخل مصر وهى الحل لجميع المشكلات لكن لا يستفاد منها ولا ينظر إليها، والزيادة السكانية الرهيبة من ضمن المشاكل التى تؤثر على المياه، لافتاً أن أزمة المياه ستؤدى إلى تدهور العلاقات بين مصر ودول حوض النيل وزيادة معدلات البطالة وزيادة الضغوط على مصر عن طريق الابتزاز السياسى لها من خلال ملف مياه النيل، فلابد من استكمال زيادة موارد مياه النيل والتوسع فى الزراعة بدول حوض النيل خاصة وأفريقيا عامة وإنشاء مشروعات توطد العلاقة معها.