انتشار أدب الرعب بين الشباب هل هو للاستمتاع أم ترويج للدجل؟
يعتبر أدب الرعب في مصر من أنواع الأدب الحديثة نسبية فهو لم يكمل عامه الثلاثون بعد، ولكن استطاع أدب الرعب خلال السنوات الأخيرة جذب عدد كبير من الشباب للقراءة لما يحمله هذا الفن من أحداث متسارعة وتشويق وهذا مما يخلق حالة من المتعة الخاصة لدى القارئ.
العراب "أحمد خالد توفيق" في بداية التسعينات لم يكن هناك جيلاً يقرأ بحق، ومن كان يقرأ قليلاً كان يذهب الى الأدب المترجم حتى ظهر من جاءوا بموجة ودماء جديدة الى الثقافة المصرية فى شكل مجموعة "روايات مصرية للجيب"، وتنوعت بين حكايات الفانتازيا والرعب والجريمة وبالطبع رواد تلك الضجة الجديدة نبيل فاروق وأحمد خالد توفيق، وكان مع ظهور تلك النوعية وحتى الآن مهاجمين لموجة التجديد تلك في ثقافتنا المصرية ولكن استطاع هذا النوع من الأدب أن يفرض نفسه على أرض الواقع.
وتميز أحمد خالد توفيق واستطاع بتلك المرحلة أن يأخذ جيلاً كاملاً فقدم بشكل بسيط وممتع ومشوق بكل رواياته وقصصه معلومات طبية وعلمية ضخمة، فلا سبيل لشاب أن يعرف الطب الشرعي وعمله وكيف يحددون موت شخص عن طريق التشريح سوى من روايات أحمد خالد توفيق، فانتقلت تجربة أحمد خالد توفيق في أدب الرعب من فن قائم على الامتاع إلى فن مفيد بحد ذاته يستفيد منه القارئ في وقت استمتاعه بالأحداث.
كتاب الرعب الجدد وبعد مرور 10 سنوات على الألفية الجديدة بدأ يظهر جيل جديد ممن تربوا علي هذا النوع من الأدب وكانت لهم تجاربهم الخاصة في عالم أدب الرعب وآرائهم المختلفة، فيرى الكاتب الشاب عمرو المنوفي أن أدب الرعب وانتشاره بين الشباب، أحيانًا يكون كنوع من الموضة العابرة أو "التريند" كما يقولون هذه الأيام، ومنذ عدة سنوات أصبحت كتابة الرعب والخيال بشكل عام بأنواعه المتعددة رائجة بين جميع الطوائف لا الشباب وحدهم، وحينها قال من لا يقرأون هذا النوع من الأدب إنه مجرد فقاعة وستمضي لحالها، ولكن أدب الرعب الوليد على يد الكتاب الشباب ثبت أقدامه وبشدة، فكتابه مخلصون له، وخرجوا به من إطار المتعة المنفردة إلى مناقشة العديد من القضايا وهموم المجتمع وبعض القضايا الدينية والفلسفية، فأصبح منصة ممتعة وهادفة في الوقت نفسه وجذب شريحة كبيرة من القراء والمبتدئين وأدخلهم عالم القراءة، ومن رأيي كقارئ أن المتعة وحدها تكفي جدًا عند قراءة أي رواية فالموسوعات والكتب المتخصصة متوفرة لمن يرغب في المعلومة أو الحكمة.
الكاتب الشاب محمد عصمت قال لـ"الوطن" إن الهدف من وراء الكتابة في الأدب الروائي عمومًا هو المتعة، الرواية كُتبت من أجل المتعة وتُقرأ من أجل المُتعة، لكن لا ضرر من وجود رسالة داخل العمل، أنا شخصيًا أحب أن أضع رسالة في أعمالي مثل التوعية ضد التجارب اللا بشرية التي قام بها النظام النازي في رواية "منيجيل" أو التعريف بمرض التوحد في رواية "ذاتوي" أو التحدث عن فكرة الجانب المظلم للبشر في رواية "الجانب المظلم"، وعن سبب اقبال الشباب لقرأة أدب الرعب والاهتمام به قال أن الشباب يقبل على هذا النوع من الأدب لسببين ، السبب الأول هو الهروب من الواقع وأن يحظى بتجربة خيالية جديدة عليه والسبب الثاني هو جودة العمل المكتوب وهذا يميز العديد من كُتاب الرعب المصريين.
وعن مستقبل أدب الرعب في مصر، توقع الكاتب محمد عصمت أنه سيستمر في التواجد وسيستمر دائمًا بفضل القراء المخلصين الذين يدعمونه، متمنيًا أن يبدأ أدب الرعب في الدخول لعوالم السينما والتلفزيون.
فريق "المخوفاتية" جسد تجربة مختلفة على مجتمعنا، فهو يقيم ندوات لمناقشة قضايا الرعب وتاريخها وأصولها وأشهر الشائعات المنتشرة عن الجن والعفاريت، وكوّن فريق المخوفاتية الكاتبان سامي ميشيل وأحمد مسعد وهم كتاب لأدب الرعب وقدموا روايتهم الأولى "خطايا أدم" عام 2017 التي كتباها بشكل مشترك ورواية خلف الستار للكاتب أحمد مسعد.
وعن تجربة "المخوفاتية" تواصلت جريدة "الوطن" مع الكاتب سامي ميشيل الذي قال إن الفريق تأسس عام 2016، وفي البداية كانوا يقدمون فقراتهم في مكان صغير بمنطقة المرج اسمه وكان يحضر لقاءاتهم عدد بسيط، وبعد 3 لقاءات حققت النجاح وطلب منهم تقديم ندوة في الزقازيق وحضره 200 شخص مهتمين بأدب الرعب.
استمروا في تقديم ندواتهم عن أدب الرعب في أكثر من محافظة مثل الإسكندرية والقاهرة والزقازيق وبورسعيد والمنصورة، ولا يقتصر اهتمامهم بالرعب في الأدب الروائي وتقديم الندوات فقط ولكنهم كتبوا عددًا من قصص الرعب للإذاعة وصل حتى الآن 35 قصة رعب تذاع في أحد البرامج بشكل دوري.
وعن الهدف من تنظيم الندوات المهتمة بأدب الرعب يقول الكاتب سامي ميشيل، هدفنا هو تقديم توعية للي للجمهور المهتم بالرعب بالظواهر الطبيعية التي تحدث ومن الممكن أن تؤثر على الأشخاص، وعدم تصديق الشائعات والخرافات غير الحقيقية عن وجود جن وأشباح، ونقدم توعية بأن الدجل والشعوذة هم عبارة عن عملية نصب فقط، وهدفنا الثاني هو تقديم متعة للمشاهد في ندواتنا فنحن نحكي قصص رعب ونقدم فقرات مختلفة مما يجعل الحضور يتأثرون ويخافون ويضحكون أيضًا ويشعرون بالمتعة.
تعليقات الفيسبوك