الحلقة (17) من "عمر" .. موت النبي .. وأبو بكر يخلف الرسول
بعدما أتم الله عز وجل على رسوله فتح مكة، دخلت أهل مكة في دين الله أفواجا، فدخلت هند بنت عتبة، ووحشي "قاتل حمزة"، وصفوان ابن أمية، وسهيل بن عمرو.
وأخذت وفود العرب تأتي إلى الرسول لتبايعه على الإسلام، وهو ما أشعر عمر بالحزن، لأنه بعد أن نصر الله دينه، يخشى النهاية بوفاة الرسول، لأنه ليس بعد التمام إلا النقصان.
ومرض الرسول قبل عصر يوم الجمعة، التاسع من ربيع أول، وأذن بلال لصلاة العصر فتأخر الرسول في الخروج للصلاة، فطلب عمر من بلال أن يستعجل الرسول، فخرج بلال وقال:"إن المرض أعيا الرسول، وقال مروا من يصلي بالناس، فقال بلال صل أنت يا عمر.
وبعد انقضاء الصلاة، قال عمر لبلال ويحك يا بلال:" ظننت أن الرسول أمرك أن أصلي بالناس"، فقال بلال، والله ما أمرني ولكني ما لم أجد ابو بكر، وجدت أنك الأحق من بيننا بالصلاة. فقال عمر: لقد أبى الرسول ذلك، وظل يردد:"يأبى الله ذلك"، "يأبى الله ذلك".
بعد ذلك، صلى أبوبكر بالناس حتى فجر يوم الاثنين، عندما تعافى الرسول وخرج فصلى مع المسلمين الفجر، وخطب فيهم، وعندها قال المسلمون، تعافى الرسول من مرضه.
وفي ضحى يوم الاثنين، خرج علي بن أبي طالب وعباس بن عبد المطلب من عند الرسول، وسأل الناس علي، كيف وجدت الرسول، قال قد أصبح معافى.
لكن العباس، انفرد بعلي وقال له:"أحلف بالله. لقد عرفت الموت في وجه الرسول كما كنت أعرفه في وجوه بني أبي طالب، وما أظن اليوم ينقضي إلا ويموت الرسول، فإن كان في صدرك حاجة فهلم إليه فكلمه".
ومات الرسول، وراح الكل يبكيه، لكن عمر أخذ يصيح ما مات رسول الله، ولكنه ذهب إلى ربه، كما ذهب موسى ابن عمران، وسيعود، ويقطع يد ولسان من قال إنه مات.
ودخل أبو بكر على الرسول، وتأكد من موته، وتغلب على حزنه، وخطب في الناس قائلا:"من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت"، وتلا قوله تعالى:"وما محمد إلا رسول أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم، ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا، وسيجزي الله الشاكرين".
وراح أبو بكر يجهز جسد رسول الله للدفن مع علي، لكن عبد الله ابن مسعود، أخبر عمر بأن الأنصار تجمعوا في ثقيفة بني ساعدة، ليؤمروا واحدا من بينهم يخلف رسول الله في المسلمين، فطلب عمر أبو بكر، وخرجا إلى الثقيفة ومعهم أبو عبيدة بن الجراح.
ووجد الثلاثة، أن الجمع اتفق على تولية سعد بن معاذ أمر المسلمين؛ لأنهم أصحاب الأرض وهم أحق بخلافة الرسول لأنهم نصروه.
وتحدث أبوبكر، فاعترف بفضل الأنصار، لكنه أخبرهم بأن العرب لن تقبل أن يخلف الرسول واحدا من غير قريش، وطلب منهم مبايعة أحد الرجلين، أبو عبيدة بن الجراح، أو عمر بن الخطاب.
فقام واحد من الأنصار، وقال منا أمير ومنكم أمير، فتكلم عمر، وأكد أن في هذا هلاك لأمر المسلمين، ولابد من واحد يتفق عليه الجميع، فطلب منهم مبايعة أبو بكر، فهو من أم المسلمين في مرض الرسول، وهو ثاني اثنين، وراح الجميع يبايع أبو بكر بالخلافة.