لا يجمع فقط بين كل رؤساء مصر، باستثناء جمال عبدالناصر، مصادفة أن أسماءهم تبدأ باسم «محمد».. من محمد نجيب إلى محمد مرسى، إنما يجمع بينهم كذلك، باستثناء أيضاً جمال عبدالناصر الذى قاد ثورة، أن كلهم «رؤساء بالمصادفة»!
بالنسبة «لمحمد نجيب»، فإن ثورة 23 يوليو التى نحتفل هذا الأسبوع بعيدها الستين كانت قياداتها الشابة تبحث عن شخصية وطنية مرموقة، أكبر سناً، كوجه لها، من باب الملاءمة إزاء المجتمع المدنى والعسكرى فى ظروف ذلك الوقت، وكانت تختار بين أكثر من اسم وترشيح، حتى وقع اختيارها وترجيحها لاسم اللواء محمد نجيب، الذى قبل وكان عند حسن الظن به إلى حد كبير فى البداية، لكن المفارقة أن الرجل الطيب والوطنى المخلص الصادق، تحول أو حولته الظروف من واجهة لحركة الثورة فى 1952، إلى واجهة للقوى المضادة للثورة فى 1954!
أما «محمد أنور السادات»، فلم يكن إلا مجرد نائب من نواب كثيرين للرئيس، تعاقبوا على شغل هذا الموقع بصورة روتينية على مدار سنوات ثورة يوليو منذ بداياتها، إلى خروجها من السلطة برحيل قائدها فى 1970، ولم يكن معنى اختيارهم نواباً فى تلك السنوات ترشيحهم أو اختيارهم بالضرورة لرئاسة جمهورية مصر بعد جمال عبدالناصر، باستثناء حالة واحدة فقط هى اختيار زكريا محى الدين فى 9 يونيو 1967، بحكم طبيعة ذلك الظرف الاستثنائى، وبحكم قرار جمال عبدالناصر ترك الحكم، وقد كان القرار فى نظره بديهياً بل وحتمياً نتيجة لمواجهة العدوان لولا مفاجأة موقف الجماهير الكبرى، وحجم خروجها وإصرارها فى مصر وكل الوطن العربى، على استمرار الرجل قائداً لمعركة مستمرة حتى النصر.
أما «محمد حسنى مبارك»، فمن المعروف أنه لم يكن اختيار السادات الوحيد لشغل منصب النائب، وكان يفاضل بينه وبين غيره من قيادات فى حرب أكتوبر، ومن المعروف أيضاً قصة تفكيره فى المدنى منصور حسن.
وأخيراً، أو مؤخراً، فلم يكن «محمد مرسى» هو الاختيار الأول لجماعة الإخوان المسلمين للدخول باسمه فى سباق الرئاسة، كان اختيارهم فى البداية لرجل الجماعة القوى حالياً خيرت الشاطر، ولما وجدوا أن ذلك قد يتعذر قانوناً دفعوا تحوطاً باسم مرسى، لسبب أساسى هو أنه من أهل الثقة بالنسبة للجماعة ورجلها القوى على الخصوص، ربما أكثر من أى اسم، فإنه لم يكن ضمن ألمع أسماء كوادرهم أو أشهرها فى الجماعة والحياة السياسية بعامة.
فهم جميعاً هؤلاء الرؤساء الأربعة ليس أى واحد منهم قائد ثورة أو زعيماً أو اختياراً شعبياً حقيقياً، ولم يخطر ببال أحدهم يوماً، موقع كمنصب الرئيس أو قريب منه. وحسب تعبير مبارك: «كنت أتخيل على أكثر تقدير منصب سفير!»
لكنها المقادير!!