أزمة الميادين وأزمة مصر؟
تم فض اعتصامى رابعة والنهضة بأكبر قدر من الحرفية وأقل قدر من الخسائر البشرية وبالتزام غير مسبوق فى تاريخ مصر بقواعد حقوق الإنسان وفى ظل قواعد النظام العام والقانون وعلى مرأى ومسمع من كل وسائل الإعلام المحلية والعالمية.
يمكن القول إن عملية «رابعة والنهضة» قد نجحت بشكل ميدانى، ولكن يبقى التساؤل حول الآتى:
1- هل نهاية العملية تعنى نهاية الأزمة؟
2- هل نهاية الاعتصامين فى رابعة والنهضة تعنى نهاية الاعتصامات الإخوانية فى الميادين الكبرى فى المحافظات المصرية أم سوف تنتقل إلى محافظات وميادين أخرى؟
3- ونأتى لأهم سؤال فى رأيى، وهو: إلى أين يمكن أن يؤدى هذا الفض بفكرة الحوار ثم التفاوض بهدف التسوية السياسية بين النظام القديم والنظام الجديد فى مصر؟
هذا السؤال بالغ الأهمية، وفى إجابته الدقيقة صورة حقيقية لمستقبل مصر القريب.
فى العادة، وكما علمنا التاريخ، فإن أى أزمة تصل إلى حالة الاحتقان الأمنى والانسداد السياسى يمكن أن تؤدى إلى 3 احتمالات.
الاحتمال الأول: وصول طرفى الأزمة إلى سقف الصراع وشعورها بأن الموقف لن يؤدى إلى منتصر أو مهزوم، وأنه من الأفضل اللجوء إلى الحوار والتفاوض والابتعاد عن الحل الأمنى من جانب السلطة أو العمل الإرهابى من جانب الإخوان.
الاحتمال الثانى: أن يستمر الحال على حاله، بمعنى أن تصبح المسألة استمراراً لحالات من الكر والفر من الطرفين والاعتصام وفض الاعتصام من الجانبين.
الاحتمال الثالث: وهو الاحتمال الأكثر خطورة والأكثر كلفة هو ارتفاع فاتورة الدماء بين الطرفين، بمعنى حدوث حالة من الثأر والثأر المضاد بين الحكم وجماعة الإخوان.
هنا يبرز السؤال: كيف ستقرأ قيادة جماعة الإخوان ما حدث فى رابعة والنهضة؟
الرؤية الحكيمة، والموقف المسئول، ومخافة الله، كلها عناصر لابد أن تضغط على قيادة الجماعة لمحاولة لملمة شظايا انفجار الموقف ودعوة أنصارهم إلى التزام السلمية وإعطاء فرصة للحوار السياسى ولغة العقل المساحة الزمنية المطلوبة لإنقاذ البلاد من مخاطر الحرب الأهلية.
أخطر ما يحكم عقل قيادة جماعة الإخوان هو أنها تعرف أنها جميعها تقريباً مطلوبة للمثول أمام النيابة العامة للتحقيق معها فى اتهامات مختلفة، وبالتالى فهى تلجأ إلى سياسة «أنا الغريق فما خوفى من البلل»، لذلك تقوم باستخدام أنصارها كأوراق ضغط على الحكم الحالى فى مصر بهدف المقايضة عليهم فى أى تفاوض سياسى نهائى.
أزمة «الميادين» انتهت بأقل الخسائر حتى كتابة هذه السطور، ولكن يبقى السؤال: هل انتهت أزمة «مصر»؟