«بيانكى».. «سرطان المخالفات» يلتهم مصيف أهل الفن والمال
زهور وأشجار.. كل ما تبقى من زمن «المعمار الجميل»
أطلال من مبانٍ وفيلات وقصور ودور سينما، سكنها وتردد عليها المشاهير، ارتسمت عليها لمحات من تاريخ الإسكندرية، إنها بيانكى، التى كانت يوماً أفضل الأماكن السياحية فى مصر، ووجهة المشاهير المفضلة. جولة واحدة فى منطقة بيانكى تظهر ما حل بها خراب، للتحول من منطقة للصفوة، إلى أطلال وخرابات، فمن فيلا العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، إلى فيلا سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، إلى قصور وزراء ومسئولين بارزين سابقين، ومشاهير عاشوا ومثلت تلك المنطقة لهم إلهاماً، لما تحتويه على جمال خطف قلوبهم قبل عقولهم، وقضوا فيه فترات طويلة من حياتهم، قبل أن تتحول إلى ذكرى. تجولت «الوطن» فى منطقة بيانكى، لترصد الفيلات المهدومة ونصف المهدومة، وأخرى مهجورة، بينما اللافتات ملأتها الأتربة وغطت على أسمائها، التى لمعت فى زمانها، وشوارع أخرى تحولت إلى مجرد ناطحات سحاب، لتختفى أسطورة شواطئ بيانكى وحفلاتها الصيفية المشهورة. أصبحت الشوارع عبارة عن فيلات مهجورة تملأها القمامة، ذهبت معها أطلال الماضى، وأنهت المبانى العملاقة، التى شُيدت مكانها، كل ما يرتبط بالماضى، وتحولت بيانكى إلى مجرد منطقة يشغلها السكان، وأصبحت مرتعاً للبناء المخالف والعقارات التى بدون ترخيص، والشوارع تملأها مياه الصرف الصحى، والشواطئ بلا سائحين ولا مصيفين.
وحتى الزهور والأشجار فى منطقة بيانكى، التى كانت أبرز ما يميز تلك المنطقة الساحرة، أصبحت هى الأخرى تخرج فقط من أطلال الفيلات والقصور المهجورة.
وقال عاطف محمد، أحد مالكى العقارات القديمة فى منطقة بيانكى: «زمان كانت المنطقة السياحية الأولى فى إسكندرية، ومصر تقريباً، وكانت مزار للدول الأجنبية والخليجية، بسبب وجود أشهر الشخصيات فى تلك المنطقة، بس دلوقت كل حاجة اتبدلت، الفلل بقت مهجورة، يسكنها الأشباح، والتراب هو الساكن الوحيد لتلك الفلل». وقال علاء يوسف، رئيس حى العجمى غرب الإسكندرية، إن منطقة العجمى، خاصة بيانكى، كانت من أهم المناطق السياحية فى مصر، لافتاً إلى أنها ما زالت تحتل مكانة مميزة، خاصة شاطئ بيانكى، إلا أن ظهور أماكن سياحية أخرى مثل الساحل الشمالى ومناطق مارينا، جعل تلك المناطق غير مهمة. وأضاف أن هدم الفيلات يأتى بعد إصدار جميع التصاريح اللازمة للهدم، خاصة بعد أن باع معظم أصحاب الفيلات والأراضى الأصليين ممتلكاتهم، لمقاولين، وتحولت من خلال أوراق رسمية إلى عقارات. وأشار إلى أن هناك بالطبع مجموعة من العقارات المخالفة، أصدر لها الحى ما يزيد على 100 قرار إزالة تم تنفيذها، وجارٍ شن حملات لرصد جميع المخالفات. وقال الدكتور محمد السعيد، أستاذ الآثار بكلية الآداب فى جامعة الإسكندرية، إن منطقة بيانكى زاخرة ومليئة بالعديد من فيلات الرموز، أمثال عبدالحليم حافظ وفاتن حمامة وأحمد رمزى وغيرهم من المشاهير، وأنه يجب على الدولة تحويل تلك الفيلات إلى متاحف تضم أهم مقتنيات هؤلاء المشاهير.
وأشار إلى أن إعادة ترميم تلك المنطقة، سيعيد لها الحياة مرة أخرى، وسيغطى قليلاً على المبانى التى أخذت من تراث تلك المنطقة.