أسبوع «آلام» كل المصريين.. دماء على جدران الكنائس

أسبوع «آلام» كل المصريين.. دماء على جدران الكنائس

أسبوع «آلام» كل المصريين.. دماء على جدران الكنائس

تحولت أفراح الأقباط بأحد الشعانين إلى مأتم، أمس، بعدما استشهد 43 شخصاً، وأصيب 119 آخرون، فى هجومين إرهابيين على كنيسة مار جرجس فى طنطا، والكاتدرائية المرقسية فى الإسكندرية، بعد وقت قصير من مغادرة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية للأخيرة، لمتابعة تداعيات الانفجار فى كنيسة طنطا وأعلنت رئاسة الجمهورية الحداد رسمياً لمدة ثلاثة أيام.

وبدأ الصباح الدامى بانفجار عبوة ناسفة داخل كنيسة مارجرجس فى مدينة طنطا، ما أسفر عن استشهاد 27 شخصاً، وإصابة 78 آخرين، وتم نقلهم إلى مستشفيى الأمريكان وطنطا الجامعى، وقال شهود عيان من داخل الكنيسة إن شاباً فى العقد الرابع من العمر يرتدى «جاكت» بنى اللون دخل قاعة الصلاة، ثم توجه مسرعاً إلى باب الهيكل، وفجر حزاماً ناسفاً كان يرتديه فور وصوله إلى مقاعد الآباء الكهنة والشمامسة.

{long_qoute_1}

وقالت مصادر أمنية إن «الانفجار نفذه انتحارى يرتدى حزاماً ناسفاً به 5 كيلوجرامات من المتفجرات»، موضحة أن «الموجة الانفجارية حطمت جدران القاعة، فيما تولى خبراء المفرقعات تمشيط باقى أنحاء الكنيسة، تحسباً لوقوع انفجارات أخرى، وفحص أى أجسام مشتبه فيها، فضلاً عن فحص جميع السيارات الموجودة فى محيط الكنيسة، ورفعها بأوناش المرور».

وأشارت إلى إغلاق جميع الطرق والشوارع المؤدية إلى الكنيسة، لحين انتهاء خبراء المفرقعات من عمليات الفحص والتمشيط، وكثفت أجهزة الأمن أعمال البحث والتحرى لضبط المتورطين فى الحادث، وألقت القبض على 11 عضواً بجماعة الإخوان الإرهابية، للاشتباه فى تورطهم فى التفجير، بعدما أفادت التحريات الأمنية بأنهم يرتبطون بعلاقات مع خلايا إرهابية سبق ضبط عدد من عناصرها فى البحيرة، فيما تم نقل أحد المشبوهين إلى قسم شرطة طنطا، بالتزامن مع تعدى مئات المواطنين على أحد الأشخاص بعد القبض عليه داخل الكنيسة. {left_qoute_1}

ونصبت أجهزة الأمن كمائن ثابتة ومتحركة على جميع الطرق المؤدية إلى الكنيسة، وبدأ خبراء الأدلة الجنائية رفع آثار العمل الإرهابى، والتحفظ على رأس مجهول الهوية، للاشتباه فى أنه خاص بالانتحارى، فيما وصل إلى موقع الحادث كل من النائب العام، المستشار نبيل صادق، ووزير الداخلية، اللواء مجدى عبدالغفار، ووزير الصحة، الدكتور أحمد عماد الدين، الذى توجه بعدها لزيارة المصابين فى مستشفى المنشاوى العام.

وخلال تفقدهم لموقع الحادث، حاصر المواطنون كلاً من اللواء أحمد ضيف صقر، محافظ الغربية، واللواء حسام الدين خليفة، مدير الأمن، وعدد من القيادات التنفيذية، لمنعهم من الوصول إلى الكنيسة، مرددين هتافات غاضبة احتجاجاً على ما اعتبروه «تقصيراً فى تأمين الكنيسة»، قبل أن يتمكن المسئولون من امتصاص غضبهم.

ونجحت أجهزة الأمن بالغربية فى تفكيك عبوتين ناسفتين شديدتى الانفجار أمام مسجد سيدى عبدالرحيم فى منطقة سيجر بطنطا، حيث انتقلت القيادات الأمنية إلى مكان الواقعة، وتم فرض كردون أمنى حولها.

وفى الإسكندرية، استشهد 16 شخصاً، وأصيب 41 آخرون، فى انفجار عبوة ناسفة على أبواب الكاتدرائية المرقسية، بعد دقائق من مغادرة البابا للكنيسة، فى طريقه لمتابعة تداعيات انفجار كنيسة مار جرجس، حسب مصادر كنسية أكدت أن «البابا لم يصب بسوء جراء التفجير، لأنه غادر قبيل وقوع الانفجار»، لافتة إلى أن «التفجير نفذه انتحارى».

وفرضت قوات الأمن كردوناً حول الكنيسة، بالتزامن مع وصول قوات الحماية المدنية وخبراء المفرقعات إلى الموقع لتمشيط المنطقة بالكامل، وقال شهود عيان لـ«الوطن»، إن «الانفجار وقع أثناء عبور عدد من المصلين البوابة الرئيسية للكاتدرائية، ما أدى إلى سقوط أعداد كبيرة من الشهداء والمصابين، وتحطم واجهات المبانى والمحال التجارية المجاورة، فيما تناثرت الدماء وأشلاء القتلى أمام البوابة، وسط حالة من الفزع بين الموجودين داخل الكنيسة».

ونقلت سيارات الإسعاف الشهداء إلى مشرحة كوم الدكة، والمصابين إلى المستشفى الأميرى الجامعى، وحسب مصادر أمنية فإن «الشهداء بينهم 3 ضباط شرطة من قوة التأمين، بالإضافة إلى إصابة 10 رجال شرطة»، مضيفة أن «الخدمة الأمنية المكلفة بتأمين أبواب الكاتدرائية أحبطت محاولة تسلل أحد العناصر الإرهابية إلى داخل الكنيسة، ما دفعه إلى الضغط على زر التفجير الخاص بحزام ناسف يرتديه».

وأغلق ضباط «الأمن الوطنى» الشوارع المؤدية إلى الكنيسة المرقسية، قبل أن يباشروا أعمال المسح الجنائى لمحيط الكنيسة مع أعضاء النيابة العامة، وأعلن الدكتور محمد سلطان، محافظ الإسكندرية، رفع حالة الطوارئ إلى الدرجة القصوى فى جميع أجهزة المحافظة، كما نعى شهداء ومصابى الحادث».

{long_qoute_2}

وشدد «سلطان» على جميع المسئولين بضرورة تكثيف الجهود لتحديد هوية مرتكبى التفجير، مؤكداً أن «أى مقصر فى الحادث سيعاقب، ولن تزيد هذه الحوادث المصريين إلا تصميماً على مواصلة استئصال الإرهاب من جذوره».

من جهته، وصل المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، إلى محافظة الغربية بصحبة وزراء التضامن الاجتماعى، والصحة، والهجرة، والتنمية المحلية، لمتابعة تداعيات الحادث، والتأكد من توفير أقصى درجات الرعاية للمصابين وأسر الضحايا، كما عقد اجتماعاً مع القيادات التنفيذية فى المحافظة، بحضور الأنبا بولا، أسقف طنطا.

وفى تصريحات صحفية عقب الاجتماع، قال إسماعيل «نأمل أن نصل إلى مرتكبى الحادث فى أقرب وقت»، مضيفاً أن «كل الإجراءات الأمنية سيتم اتخاذها لحماية أمن مصر والمصريين، ولن ينجح أحد فى النيل من استقرار مصر وتماسكها»، وأجرى رئيس الوزراء اتصالاً هاتفياً بالبابا تواضروس الثانى لتقديم التعازى فى ضحايا حادثى الغربية والإسكندرية، كما أعرب عن تمنياته للمصابين بالشفاء العاجل، مؤكداً أن الأجهزة المختصة ستعمل على سرعة كشف ملابسات الحادثين، وتعقب الجناة لينالوا الجزاء الرادع، «فالمحاولات الجبانة التى تستهدف الآمنين فى دور العبادة تؤكد خسة يد الإرهاب»، فيما أكد البابا أن «هذه الأعمال الآثمة لن تنال من وحدة وتماسك الشعب المصرى، فالمصريون فى خندق واحد لحين القضاء على الإرهاب الأسود».

ووجه الدكتور أحمد عماد الدين، وزير الصحة، تعليمات بتشكيل لجنة على أعلى مستوى لمتابعة توفير الرعاية الطبية للمصابين فى الحادث، ورفع الاستعدادات إلى الدرجة القصوى، وقال فى تصريحات صحفية لـ«الوطن»، إنه «جرى نقل 11 مصاباً فى حالة خطرة إلى مستشفى معهد ناصر فى القاهرة لتلقى العلاج». وقال الدكتور خالد عبدالغفار، وزير التعليم العالى، إن مستشفيات جامعة طنطا تعاملت على الفور مع تداعيات الحادث، مشيراً إلى أن «عميد كلية طب طنطا أكد توافر 300 عضو من هيئة التدريس والهيئات المعاونة فى مستشفيات الجامعة، للمشاركة فى علاج المصابين»، كما أكد توافر كل المستلزمات الطبية والدم.


مواضيع متعلقة