"فرج فودة".. في ذكرى اغتيال "المعرفة"

"فرج فودة".. في ذكرى اغتيال "المعرفة"
في الثامن من يونيو عام 1992، وعندما كانت تشير عقارب الساعة إلى السادسة، خرج المفكر المصري فرج فودة من مكتبه بشارع أسماء فهمي بمدينة نصر يترجل، وإلى جواره ابنته، حيث كان في انتظاره، أبو العلا محمد عبد ربه ورفاقه، من أعضاء الجماعة الإسلامية، فأطلقوا الرصاص عليه، وحاول الأطباء طوال ست ساعات إنقاذه، إلا أنه لفظ أنفاسه الأخيرة، ليضع نهاية لحياة مفكر مصري طالما أثارت كتاباته جدلا واسعا بين المثقفين والمفكرين ورجال الدين، واختلفت حولها الآراء.
المفكر المصري الذي طالما طالب بفصل الدين عن الدولة، ولد في 20 أغسطس 1945، ببلدة الزرقا بمحافظة دمياط، وتخرج في كلية الزراعة، حصل على ماجستير العلوم الزراعية، ودكتوراة الفلسفة في الاقتصاد الزراعي من جامعة عين شمس.
فرج فودة، والذي كان يرى أن الدولة المدنية لا شأن لها بالدين، استقال من حزب الوفد الجديد عام 1984 رفضا لتعاونه مع جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات، وسعى لتأسيس حزب "المستقبل".
وقفت جبهة علماء الأزهر في مواجهة تطلع فودة لتأسيس حزب سياسي، في حملة شنتها عليه مطالبة لجنة شؤون الأحزاب برفض تأسيس الحزب، وأصدرت بيانا تكفيريا نشر بجريدة النور، تفتي بكفر "فودة"، ووجوب قتله، وعقب إصدار البيان نفذ عدد من شباب الجماعة الإسلامية عملية الاغتيال، ونجح سائق فرج فودة وأمين شرطة متواجد بالمكان في القبض عليهم.
في مواجهة مع المتهيمن، والذين كان من بينهم أبو العلا محمد عبد ربه، والذي أفرج عنه بعد الثورة بقرار عفو رئاسي من محمد مرسي رئيس الجمهورية، سأل القاضي أحدهم، عن سبب قتل فرج فودة وكانت إجابته "لأنه كافر"، وعندما سأله القاضي عن أي كتاب قرأ، فكان رد القاتل: "أنا لا أقرأ ولا أكتب".
وكان فودة اهتم بالكتابة عن الجماعات الجهادية التي انتشرت في التسعينيات، وهاجم سعيها للعمليات الإرهابية، تحت اسم "الجهاد في سبيل الله والفريضة الغائبة"، وكتب عنها "الحقيقية الغائبة"، وهو الكتاب الذي ناقش فيه تطويع النصوص القرآنية، من أجل نشر فكر الجهاد، لاستغلالها في أهدافهم السياسية.
اعتبر البعض المناظرة الشهيرة بين فودة و نائب المرشد العام مأمون الهضيبى، كانت السبب الرئيسى فى صدور فتوى قتل واغتيال فرج فودة، والتى ربط بين العمليات الإرهابية واستقلال بعض الإمارات الإسلامية فى عهد السادات، وبين تغول التيار الدينى النابع من جماعة الإخوان المسلمين، ومحاولة تمكين الفكر الدينى لمحو ثقافة المجتمع المصرى.
تدوال العديد من النشطاء، مؤخرا تنبأ "فودة" بما يحدث في مصر بعد ثورة 25 يناير، في كتاباته عما أسماه بـ"الدائرة المفزعة"، والتي في ظل غياب المعارضة المدنية، سوف يؤدي الحكم العسكري إلى السلطة الدينية، ولن ينتزع السلطة الدينية من مواقعها إلا الانقلاب العسكري، الذي يسلم الأمور بدوره، بعد زمن يطول أو يقصر، إلى سلة دينية جديدة، وهكذا وأحيانا يختصر البعض الطريق فيضعون العمامة فوق الزي العسكري، كما حدث ويحدث في السودان.