4 سيناريوهات لـ«الحرب الشاملة» فى المنطقة

4 سيناريوهات لـ«الحرب الشاملة» فى المنطقة
رغم استمرار إسرائيل رسمياً فى تجاهل التقارير والأنباء التى تتهمها بالضلوع فى تنفيذ الغارات الجوية على المنشآت العسكرية والمواقع الدفاعية التابعة للنظام السورى فى دمشق، واستهداف لواءين تابعين للحرس الجمهورى ومنشأة أبحاث عسكرية سبق أن قصفتها فى يناير الماضى، فإن التسريبات التى خرجت من المواقع غير الرسمية لجهاز المخابرات الإسرائيلية «الموساد»، وغيرها من تصريحات نواب الكنيست الإسرائيلى ووزراء الدفاع السابقين، كانت كافية على ما يبدو للمحللين العسكريين فى إسرائيل، لوضع سيناريوهات التصعيد وبدء حرب إقليمية شاملة بين سوريا وإسرائيل.[FirstQuote]
الكاتب الإسرائيلى شاى ليفى، محرر الشئون العسكرية بمجلة «بزم» المتخصصة فى الشئون العسكرية، وضع سيناريوهات محتملة، بمشاركة عدد من المحللين الإسرائيليين، لبدء الحرب، مشيراً فى البداية إلى أنه فى حال صحة تورط إسرائيل فى الغارات الجوية على المنشآت السورية، فإن الأمر يتعلق بهجوم ثانٍ فى أقل من 48 ساعة، إضافة إلى أن الغارة الإسرائيلية التى استهدفت مركز الأبحاث نفسه فى يناير الماضى، واتهام المسئولين السوريين رسمياً للمرة الأولى إسرائيل بأنها بدأت حرباً ضد سوريا، يؤكدان أن الأوضاع التى شهدتها المنطقة منذ حرب 1973، لم تكن بمثل هذا التوتر، وأن الخبراء والمحللين باتوا على يقين من أن تغييرا جذرياً يجرى فى المنطقة، وأنه فى هذه المرحلة سيضطر السوريون للرد رغماً عنهم، حتى وإن كانوا لا يرغبون فى الرد على الغارات الإسرائيلية فى الوقت الحالى.
ويرى شلومو بروم، الباحث بمركز الأمن القومى الإسرائيلى ورئيس وحدة الأبحاث بمخابرات سلاح الطيران السابق، أن هناك أربعة سيناريوهات محتملة للرد السورى على الغارات الإسرائيلية المتكررة، والرد الإسرائيلى المرتقب الذى سيأتى باعتباره رد فعل على التحرك السورى، مشيراً إلى أن احتمالات التحرك السورى فى الوقت الحالى منخفضة بعض الشىء، إلا أنها مازالت موجودة، خاصة مع ارتفاع احتمالات تورط «حزب الله» اللبنانى فى الرد على القصف الإسرائيلى.
>> السيناريو الأول.. إطلاق صواريخ مكثف على إسرائيل:
يرى بروم أنه من اللازم أولاً التفريق والفصل بين القدرة التخطيطية والتكنيكية للجيش السورى وبين التساؤل عما إذا كانت الاعتبارات الاستراتيجية له ستجبره على الرد على الغارات الإسرائيلية المتكررة، مشيراً إلى أنه من الناحية الفنية، لدى الجيش السورى القدرة على الرد من خلال إطلاق الصواريخ «أرض - أرض» التى يمتلكها «حزب الله» بوفرة وحصل عليها من إيران. وأضاف: «العدد الكلى للصواريخ لا يهم فى شىء حالياً، ولكن الأهم فعلياً هو أن السوريين يمتلكون قدرة أكبر بكثير من (حزب الله)، فيما يتعلق بإطلاق كميات كبيرة ومكثفة من الصواريخ طوال الوقت، كما أن لديهم القدرة على تحديد أهدافهم بسهولة أيضاً».
وأشار الباحث الإسرائيلى إلى أنه يجب أن توضع فى المقارنة قدرة الجيش الإسرائيلى على اعتراض الصواريخ، إلا أن تلك القدرة قد تتعطل بسبب كثافة الصواريخ المطلَقة على إسرائيل من الجانب السورى، وهو ما ينذر بتسلل عدد كبير جداً من الصواريخ دون اعتراضها. وتابع: «سوريا تمتلك صواريخ متعددة المدى، يصل مدى بعضها لما يزيد على 100 أو 200 كم، ولكنهم يدركون جيداً أن إطلاق الصواريخ على إسرائيل يعنى حرباً معها. وسيكون الضرر الأكبر لإسرائيل فيما يتعلق بالسكان المدنيين، ولهذا، فإنه يجب التعلم جيداً مما حدث فى حرب لبنان الثانية ومضاعفة الاحتياطات الأمنية».
ووفقاً لهذا السيناريو فإنه من المعقول جداً الافتراض بأن الرد الإسرائيلى سيكون مشابهاً لرد الحكومة الإسرائيلية فى عام 2006، مع اندلاع حرب لبنان الثانية، وهو تدمير مواقع وأصول الصواريخ، بما فى ذلك احتمالات التوغل البرى داخل سوريا لتدمير مواقعها. وأضاف بروم: «الأمر مرتبط جداً بما إذا كان الرد سيكون رمزياً، أى إطلاق صواريخ محدود دون خسائر فادحة، فإنه سيكون من الحكمة حينها أن يتجاهل الجيش الإسرائيلى إطلاق النيران، ما لم يقع أى ضحايا، وبهذا، ينتهى الأمر تماماً قبل أن يبدأ حتى. ولكن فى حالة إطلاق الصواريخ بشكل مكثف، فإن إسرائيل ستنجر إلى رد عسكرى جاد على غرار ما حدث فى 2006».
>> السيناريو الثانى.. سلاح الطيران السورى يدخل حيز العمل:
أما السيناريو الثانى، من وجهة نظر بروم وتحليلاته، فإنه يتعلق بسلاح الطيران السورى. وفى هذه الحالة، ستحاول طائرات «ميج 23» و«ميج 29» السورية، التسلل على ارتفاعات منخفضة لتجنب الرادارات الإسرائيلية، لقصف أهداف عسكرية محددة ذات قيمة عالية بالنسبة للجيش الإسرائيلى فى هضبة الجولان، وربما يستهدف سلاح الطيران السورى أيضاً قيادة للجيش الإسرائيلى هناك أو مدناً فى منطقة الجليل.
وأضاف بروم: «لدى السوريين طائرات هجومية تستطيع خلق محاكاة نوعاً ما، هم يقصفوننا ونحن نقصفهم، ولكن وضع سلاح الطيران السورى أصبح أكثر تدهوراً ومذلة قبل أن تبدأ الحرب الأهلية فى سوريا من الأساس، حيث إن هذا السلاح كان شريكاً فعالاً فى الحرب فى سوريا، ولكن حتى مع قدرتهم على التعاون وتنفيذ هجمات ثنائية، فإن قدرتهم أصبحت متدهورة».
وأشار الباحث الإسرائيلى إلى أنه وفقاً لمعايير القيادة الإسرائيلية، فإن سلاح الطيران السورى فقير ومهترئ بسبب قِدَم طائراته ومقاتلاته، وحتى التدريبات التى يعتمد عليها أصبحت قديمة وسيئة بما فيه الكفية، ولكن رغم كل شىء، فإن لديهم القدرة على التحليق بتلك الطائرات، وهناك احتمالات بأن ينجحوا فى ذلك بالفعل؛ لأنه لا يوجد دفاعات سليمة بنسبة 100% فى العالم أجمع. وفى حال حدوث هذا الأمر، فإن الوضع سيكون حاسماً ومهم جداً، ومن المهم التأكيد على أن احتمالات هذا السيناريو منخفضة جداً، ولكنها قائمة على الرغم من ذلك، حيث يدرك الجانب السورى ضعفه فى هذه المنطقة، ولهذا فإنهم سيفضلون الهجوم من بعيد دون التورط فى حرب مباشرة.
أما عن الرد الإسرائيلى على هذا السيناريو، فيرى بروم أن النتائج ستكون هى المحدد الأول والأخير للرد الإسرائيلى. وأضاف: «الأمر يتعلق فى هذا السيناريو بمدى الضرر الذى ستسببه تلك الطائرات، كل شىء متعلق بالنتائج، وقد تعلمنا من قبل أن النتائج هى المحدد الأول والأخير فى تلك الحالات».
>> السيناريو الثالث.. حرب برية شاملة:
يرى الباحث الإسرائيلى أن السيناريو الثالث يتعلق باحتمالات التوغل البرى من كلا الجيشين داخل مناطق سيادة الآخر، مؤكداً أنه حتى قبل أن تشن إسرائيل غاراتها الجوية على المواقع الـ8 السورية، كانت هناك احتمالات بحدوث حرب شاملة على الأرض، وفى تلك الحالة، ستظهر وحدات النخبة السورية والكوماندوز وهى تحاول السيطرة على مواقع الجيش الإسرائيلى الملاصقة للحدود مع سوريا.[SecondQuote]
وأردف: «ستكون المشكلة الأساسية لدى السوريين هى أن جيشهم منغمس فى الحرب الأهلية إلى أعلى رأسه، وستكون احتمالات الحرب الشاملة منخفضة جداً، كما أن تنفيذ هجمات برية على مواقع للجيش الإسرائيلى قرب الحدود منخفض أيضاً». وتابع: «الجيش السورى النظامى لا يسيطر على المواقع والأجزاء الحدودية المتاخمة لحدود إسرائيل فى الجولان، ويجب الإدراك جيداً أن الجيش السورى مبنى أساساً على نفس النظام الذى بُنى عليه الجيش الإسرائيلى، وهو التجنيد الإجبارى فى الجيش، وهو ما لم يحدث فى سوريا منذ اندلاع الحرب الأهلية بين النظام والمعارضة، وهو ما يؤثر بشكل كبير فى قدرتهم».
وأكد الباحث الإسرائيلى أن جيش سوريا أصبح «قديماً جداً» و«متهالكاً»، كما أصبحت قدرته على تنفيذ المناورات الكبرى محدودة وضعيفة، بسبب انغماسهم فى الحرب الأهلية ومعاناتهم من الإصابات والانشقاقات والضحايا، حيث إن أضرار وخسائر الحرب الأهلية كانت فادحة فيما يتعلق بقدرة الجيش السورى.
ووفقاً لـ«بروم» فإن الرد الإسرائيلى الأوضح على هذا السيناريو الذى تتم فيه السيطرة على مواقع الجيش الإسرائيلى والتوغل البرى داخل مناطق السيادة الإسرائيلية، يؤكد أن هذا السيناريو هو الأقل احتمالاً، حيث إن الجيش السورى ونظامه يدركان جيداً أن أى توغل أرضى داخل إسرائيل سيجر سوريا إلى حرب جديدة تصبح فيها على جبهتين، الأولى داخلية مع المعارضة، والثانية خارجية مع إسرائيل، وهو ما لا يرغب فيه النظام السورى على الإطلاق فى الوضع الحالى، كما أنه غير مستعد له تماماً.
>> السيناريو الرابع.. استخدام «حزب الله» للهجوم على إسرائيل:
يرى بروم أن السيناريو الرابع هو الأكثر احتمالاً وفرضية تطبيقه هى الأعلى على الإطلاق بين السيناريوهات الأخرى، خاصة مع الأخذ فى الاعتبار وجود الحافز الإيرانى و«حزب الله»، ويتم تطبيق هذا السيناريو من خلال احتمالين، الأول هو أن تجرى عمليات إطلاق الصواريخ من داخل لبنان ويتم تنفيذ الهجمات خارج نطاق الأراضى الإسرائيلية، على غرار ما حدث فى بلغاريا.
وأردف: «هذا ليس سيناريو متطرفاً على الإطلاق بل هو الأكثر احتمالاً لتنفيذه، لأن من تم قصفه فى الغارات الإسرائيلية هو (حزب الله) وليس النظام السورى فى حد ذاته، وربما أصيب النظام السورى ومُسّت كرامته لأننا اخترقنا مجاله الجوى مراراً، ولكن (حزب الله) هو الوحيد الذى لديه الدفاع الأكبر والمحفز الأعلى للرد على الهجوم، إلا أن لديهم مشكلة أيضاً فى مسألة الرد عن طريق العمل التقليدى من إطلاق الصواريخ من داخل لبنان إلى إسرائيل، وهو السبب الذى نشرت لأجله قوات الجيش الإسرائيلى منظومات الدفاع الجوى (القبة الحديدية) بطول الحد الشمالى لإسرائيل، وسيكون العائق أمام (حزب الله) هو أنه فى ضوء ما حدث فى حرب لبنان الثانية، أدركوا أن الأمر قد يتحول إلى حرب شاملة، وليس لديهم أى مصلحة فى نشوب حرب فى هذا التوقيت، حيث إن ما يحدث فى الوضع الراهن أكثر إشكالية بالنسبة لهم بسبب تداخلهم فى الوضع الداخلى فى سوريا».
وأكد الباحث الإسرائيلى أن «حزب الله» أردك جيداً أن الثمن الذى ستدفعه لبنان فى الحرب المقبلة مع إسرائيل، سيكون باهظاً جداً، ولهذا فإنهم يبحثون عن وسائل أخرى للرد، مثل استهداف الجيش الإسرائيلى من خارج نطاق لبنان وإسرائيل، بمعنى تنفيذ هجمات إرهابية على السياح الإسرائيليين والأهداف الإسرائيلية فى أوروبا ودول العالم دون المساس بإسرائيل بشكل مباشر، على غرار ما فعلوه فى بلغاريا، حيث استهدفوا حافلة بلغارية تقل عدداً من السياح الإسرائيليين.
أما عن رد الفعل الإسرائيلى على هذا السيناريو، فيؤكد «بروم» أنه إذا كانت عملية إطلاق الصواريخ رمزية لا تسبب ضرراً لإسرائيل، فإن الجيش الإسرائيلى سيميل إلى احتواء إطلاق الصواريخ، أما إذا كان إطلاق الصواريخ مكثفاً، فإن الرد الإسرائيلى سيكون تكرار ما حدث فى حرب لبنان الثانية. وتابع: «وتجدر الإشارة إلى أنه حينما نفذ الحزب اللبنانى عملية بلغاريا، لم تقابلها إسرائيل بأى رد، وهذا فى رأيى يحوّل هذا السيناريو إلى الأكثر قبولاً لتنفيذه فى الوضع الحالى، حيث إن (حزب الله) لا يرغب فى تنفيذ عمل يضر به أكثر مما يفيده».
وأشار بروم إلى أنه على الرغم من كل السيناريوهات السابقة، تكفى إشارة خاطئة واحدة أو شرارة يشعلها أحد الأطراف دون قصد، لتشتعل المنطقة بأكملها بعد ذلك، وحتى إذا افتُرض وجود قيود على سويا و«حزب الله» فى الرد، فإن الوضع سيتراكم فى النهاية لينفجر بعد ذلك فى وجه الجميع.
أخبار متعلقة:
سوريا تنفجر .. والمنطقة أيضاً
تقارير أمريكية: قصف سوريا أولى جولات الحرب ضد إيران
«الأسد» يهدد إسرائيل بـ«رد عنيف» عن طريق موسكو إذا تكررت الغارات
«موسكو» تدخلت لمنع سوريا من الرد.. والمعارضة «المستفيد الأكبر»
رئيس «الشاباك» الأسبق: المخاوف من «سيناء» أكبر من «سوريا»
قيادات حزبية: موقف النظام من الأزمة «خائن» للعرب.. و«مرسى» يخدم مصالح «الجماعة» على حساب «مصر»
«الحرية والعدالة» يدين.. ويطالب.. و«يدرس» التحرك الرسمى والشعبى
دبلوماسيون: أمريكا تعيد ترتيب المنطقة.. وإسقاط سوريا يشعل «المواجهات الطائفية»
معارض سورى لـ«معاريف»: لو كانت إسرائيل «شجاعة» لقصفت قصر «الأسد».. وأنهت الأزمة
مصادر دبلوماسية لـ «الوطن»: «الخارجية»تكتفى ببيان إدانة .. ولن تستدعي السفير الإسرائيلي