المشير.. من قال للثورة: «للخلف در»
باعتباره رأس السلطة التشريعية فى البلاد، دعا المشير طنطاوى المواطنين للاستفتاء على التعديلات الدستورية فى 19 مارس 2011 كأول استفتاء يشارك به المصريون فى أعقاب ثورة يناير، وقتها كانت الثورة فى أوج تألقها نجحت فى خلع مبارك، أودعت رموز نظامه السجن، أقالت رئيس وزرائه، وباتت تهيئ نفسها لمصر جديدة تصل إليها عبر مرحلة انتقالية -اُعتقد حينها أنها لن تطول- يقودها سيادة المشير رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وقائد الجيش الذى ظل حتى هذه الحقبة «حامى الثورة».
ومع إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة على التعديلات الدستورية، أعلن طنطاوى خارطة طريق تنتهى بتسليم السلطة بعد 6 شهور فقط، خاصة بعد أن اختار المواطنون بإرادتهم الحرة انتخاب نواب لهم أولاً يمثلونهم فى البرلمان، بعدها يتم وضع دستور يأتى بعده رئيس الجمهورية بصلاحيات واضحة ومحددة، فيؤدى اليمين أمام نواب الشعب ويتسلم السلطة من العسكر شاكراً حامداً ما قدموه، لكن مرت الشهور الستة ومثلها وبدا ثمة تخبط وانعدام رؤية فى قيادة «العسكرى» للمرحلة، لتنصب الانتقادات على الرأس الكبير للمجلس ممثلاً فى «المشير» خاصة أن الجميع لا يرون فى غيره المسئول عن كل ما يجرى.
بدا ذلك واضحاً بشدة فى أحداث ماسبيرو، ومحمد محمود ومجلس الوزراء واستاد بورسعيد والعباسية، إذ بعد أن ظهر أفراد من القوات المسلحة وهم يقودون هجوماً ضد متظاهرين، فيدهسونهم بالمدرعات، ويسحلونهم فى الشوارع ويلقون القبض عليهم، لم يجد الناس غير المشير يهتفون ضده وينادون بسقوطه، فى الوقت الذى راح المشير يدافع عن نفسه ومجلسه وقواته المسلحة بكل ما أوتى من قوة، ولم تفلح محاولاته للظهور أمام الناس بمظهر غير الطامع فى السلطة مع إقامة انتخابات مجلس الشعب فى موعدها، وتسليم المجلس السلطة التشريعية كخطوة لتسليم السلطة، كما ذكر هو فى خطاب وجهه للمجلس، إذ ظهر أن الخلاف بينه وبين الجماهير قد تفاقم بدرجة كبيرة، خاصة بعد أن اعتبر المواطنون أن شهادته فى محاكمة مبارك بعدم صدور أى أوامر بقتل المتظاهرين تعد نكوصاً عما أدلى به من قبل عندما قال إن القوات المسلحة رفضت أن تطلق النار على المتظاهرين.
ساءت العلاقة أكثر فى الفترة التى ظهر فيها المجلس العسكرى مهيمناً على مقاليد الأمور فى البلاد، خاصة مع وجود مجلس شعب منزوع الصلاحيات لا يستطيع أن يقيل حكومة، أو يسحب الثقة من وزير، ووصلت الأمور لذروتها مع حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية قانون الانتخابات الذى أقره المشير من قبل، فتم حل البرلمان، وعادت الثورة للمربع صفر.