المشاط في حوار لـ"الوطن": ترامب يحتاج إلى حلفاء أقوياء لتطبيق "العزلة البناءة"
المشاط
■ هل طبق أى من رؤساء أمريكا السابقين سياسة العزلة البناءة؟
- نعم الرئيس مونرو عام 1821 وأتت بثمار هائلة، وترامب لكى ينفذ هذه السياسة يحتاج لحلفاء أقوياء له فى كل إقليم ليساندوه، فمثلاً البرازيل والأرجنتين فى أمريكا الجنوبية والهند وباكستان فى آسيا، ومصر فى المنطقة العربية والشرق الأوسط، وجنوب أفريقيا فى أفريقيا، وهو ما يعنى أنه سوف يتخلى عن خطة الحزب الديمقراطى بالاعتماد على إيران وتركيا، فأوباما خلال السنوات الثمانى الماضية كان يبنى تحالفاً خفياً مع إيران وتركيا كبديل لمصر رغم تعارض الدولتين، فتركيا تستضيف الإخوان وتشجعهم وإيران تحارب الخليج كله وليس السعودية فقط.
■ إذن الفرصة مواتية لمصر لبروز دورها الإقليمى خلال فترة ولاية «ترامب»؟
- نعم كل المعطيات السابقة تعطى لمصر الفرصة لأنه خلال الـ8 سنوات الماضية تم تهميش دور مصر بما فى ذلك القضية الفلسطينية، على الرغم من مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى، لكنها لم تتقدم سياسياً، وبالتالى كان هناك جمود فى الشرق الأوسط على الرغم من الزيارات المتكررة لجون كيرى إلى الشرق الأوسط.
■ هل تعنى أن «ترامب» سيقود سياسات لتنشيط العمل على حل القضية الفلسطينية؟
- أعتقد ذلك، لأن الصراع الفلسطينى الإسرائيلى عبء على الأمريكان، وهم يريدون حلاً لهذه القضية بعمل الدولتين، لكن للأسف العالم العربى ليس لديه آلية مواجهة صريحة وجيدة، فمبادرة 2000 للملك فهد «الأرض مقابل السلام» انتهت ومبادرة «السيسى» لم تُفعل، فضلاً عن الصراع الفلسطينى الفلسطينى.
■ البعض يتخوف من أن يعمل «ترامب» على نقل سفارة إسرائيل إلى القدس.. ما تعقيبك؟
- لن يجرؤ أى رئيس أمريكى على ذلك إلا فى إطار تسوية شامل فهذا موضوع آخر، والحزب الجمهورى هو من أتى فى عهد «بوش» بمبادرة حل الدولتين وليس «الديمقراطى»، وبالتالى ربما يكون «ترامب» فى هذه النقطة ملتزماً إلى حد كبير.
■ ولماذا دعمت إدارة أوباما تنظيم الإخوان؟
- هذا يجعلنا نتساءل بدورنا كيف ينظر الرئيس للمصلحة القومية لبلاده، فالمشكلة أن الأمريكان فى علاقتهم بالإخوان استمدوا معلوماتهم من الباحثين والمثقفين المصريين والعرب، فالانطباع الذى أخذوه أن الإخوان منظمة لها شعبية وتمثل الإسلام المعتدل، وهذا هو الخطأ الفظيع الذى وقع فيه المثقفون العرب.
■ هل دولة بحجم أمريكا تستقى توجهاتها ومعلوماتها من باحثين هنا أو هناك ولديهم جهاز مخابرات قوى؟
- بالطبع، هم تصوروا أنهم يسعون للعمل السياسى السلمى إلى أن أتوا للسلطة فغير الجميع رأيه ما عدا أوباما، وذلك لأن فكرة الإخوان التى تقوم على الخلافة الإسلامية وعدم الالتزام بالدولة القومية والحدود السياسية للدول تتوافق مع المشروع الأمريكى المتعلق بالشرق الأوسط الكبير، الذى يشبه معاهدة سايكس بيكو بخصوص إعادة تقسيم وتجزئة الدول العربية وإعادة تقسيم الشرق الأوسط.
■ ما الذى تغير مع «ترامب» بما أن ما ذكرته يعتبر سياسة أمريكية ثابتة؟
- «ترامب» يؤمن بأن العالم سيعيش فى صراع الحضارات مثلما ذكر «هنتنجتون» فى كتابه، وأن العالم سيعيش فى صراع بين معسكرين، المسيحيين فى ناحية والمسلمين فى ناحية أخرى، ومن المؤكد أن المحافظين الجدد فى أمريكا يؤمنون بذلك، وبالتالى فهو فى بناء الإمبراطورية الأمريكية يجب أن يعمل على سياسة التقارب مع المسلمين وغيرهم حتى يحقق مراده الاقتصادى.
■ هل تعنى أن «ترامب» قد يتفرغ لمعاداة الإسلام كدين بعد تحقيق الطفرة الاقتصادية لبلاده؟
- هذا أحد الاحتمالات الكبرى إذا كان المحافظون الجدد ما زالوا يؤمنون بصراع الحضارات، وسيبدأ بالإخوان كمنظمة إرهابية فى فترة ولايته الأولى، ومن الممكن فى الفترة الثانية يتجه للمسلمين بشكل عام، خاصة أن العالم ينتقل فى النظام الدولى كله إلى الأيديولوجيات المتطرفة التى أدت إلى حرب عالمية ثانية، وذلك نتيجة فشل الأيديولوجيات المختلفة بما فيها الديمقراطية، فالجميع يجنح إلى الانكفاء على الذات وبناء الدولة والانعزال ثم العداء مع الآخرين فى المراحل اللاحقة، ولذلك قال «ترامب» إنه فى المرحلة الأولى سيعمل على حل القضايا العالقة بوسائل سلمية لا عسكرية.