الجارديان البريطانية: مصر تاهت في المرحلة الانتقالية
كتب محرر شؤون الشرق الأوسط في صحيفة الجارديان البريطانية "إيان بلاك"، تعليقا على النتائج المحتملة لأحكام المحكمة الدستورية العليا، "مصر دولة تاهت في المرحلة الانتقالية".
أضاف أن التحول من الاستبداد إلى الديمقراطية يزداد تعقيدا بسبب التوترات والانقسامات والعنف عند كل منعطف، فعلى الرغم من تنحي مبارك من منصبه في فبراير 2011 تعيش مصر قبل يومين من جولة الإعادة لانتخاب خليفته تحولا غير عادي يثير مزيدا من الشكوك القوية، والتفسير الأكثر مأساوية لدى بعض الأشخاص هو أن البلاد تشهد انتصارا حاسما لقوى الثورة المضادة، بينما يرى آخرون أن الأحكام القضائية بعدم دستورية قانون العزل السياسي وحل البرلمان هي انقلاب قضائي.
وأضاف بلاك "ليس من المستغرب أن تقرر المحكمة الدستورية أحقية أحمد شفيق في الترشح للرئاسة، فالقضاة الذين عينوا في عهد مبارك، يمثلون -حسب ما يرى كثيرون- "الدولة الخفية" التي نجت من فصل الربيع العربي في مصر لكي تناور وتحتفظ بالسلطة من وراء الكواليس، والمنافسة بين شفيق ومرسي يصفها المحللون السياسيون في مصر باعتبارها "سيناريو الكابوس"، ويعتبرونها ردة إلى العهد القديم عندما كانت الرئاسة المدعومة من الجيش تتصادم مع أقدم حركة إسلامية في العالم، بينما تقف في المنتصف بعض القوى السياسية الصغيرة".
وتابعت الصحيفة "لكن حكم المحكمة الدستورية بحل البرلمان أشد تأثيرا، فحل البرلمان بالكامل -وليس إلغاء عضوية ثلث أعضائه- يعني أن الإسلاميين من الجماعة وحزب النور السلفي الذين يسيطرون على البرلمان، سيشعرون بحرمانهم من حقوقهم، ونظرا لأن أداء البرلمان كان سيئا جدا، سيكون من الصعب إعادة انتخابهم مرة أخرى، لكن الجانب المشرق هو أن الأحكام تُعطي لشخصيات ليبرالية كبيرة مثل محمد البرادعي وعمرو موسى المنزعجين بشدة من الوضع الجاري درجة كبيرة من المصداقية".
واختتم الكاتب بقوله إن "نبرة شفيق في خطابه عقب صدور الأحكام كانت أشبه بإعلان الانتصار، ما يدفع من يسخرون منه باعتباره من فلول النظام القديم إلى أسوأ حالات الاكتئاب والحيرة؛ حيث إن المجلس العسكري، الذي يتألف من جنرالات كبار في السن خدموا قائدهم الأعلى -مبارك- بإخلاص حتى النهاية، قد أكد سيطرته على المشهد السياسي، وأضافت الأحكام مزيدا من الارتباك إلى حالة الفوضى القائمة بالفعل: فقد كان واضحا أن من سينتخب رئيسا سيتولى منصبه دون أن يعرف صلاحياته، لأن الدستور الجديد لم يكتب بعد، والآن -في ظل عدم وجود البرلمان- سيؤدي خليفة مبارك اليمين الدستوري أمام الجنرالات وليس النواب، ولن تكون بداية طيبة لما يوصف بـ"الجمهورية الثانية" في مصر -بدلا من جمهورية جمال عبد الناصر التي أسسها مع رفاقه من الضباط بعد الإطاحة بالنظام الملكي عام 1952، ولا يعرف أحد على وجه الدقة ماذا سيحدث، ولن يكون مستغربا ألا تندلع احتجاجات نتيجة رد فعل الثوريين المحبطين الذين يرون آمال ميدان التحرير تتلاشى بسرعة، وألا يرد عليها الجيش والشرطة بشدة، لكن المؤكد هو أن التحول في مصر يزداد سوءا.