عودة الحديث عن سيناريو «الأردن الكبير»
منتدى «فقرة» بمعهد «واشنطن»: زيادة المشاركة الأردنية فوائد ومخاطر «الأردن الكبير»
فى كتابه «إسرائيل بين الأمم» تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلى «نتنياهو» عن حدود جديدة للأردن كحل بديل عن الحل الأصيل للدولة الفلسطينية المستقر فى كل القرارات الدولية المتعلقة بها، وهو إقامة دولة فلسطينية على حدود ما قبل الخامس من يونيو عام 1967، وهو السيناريو الذى كان يقاومه الكاتب الأردنى «ناهض حتر» الذى تم اغتياله مؤخراً، بينما تروج التيارات الإسلامية فى الأردن الشقيق -بشكل مبطن- له من خلال تسمية الأردن بأرض الرباط والحشد من خلال السعى لخلخلة التركيبة الديموجرافية للمملكة الأردنية الهاشمية من خلال تمرير موجات من التجنيس على أرضها، هذه الفكرة بدأت إعادة الترويج لها فى مراكز الأبحاث الأمريكية بشكل لافت ربما بعد قتل أى أمل فى أن تكون سيناء جزءاً من أى حل بديل، وعلى الرغم من تأكيدات الأردن باحترامها لدول الجوار وهى تأكيدات صادقة إلا أن إعادة طرح هذا السيناريو، الذى يمس الحدود المستقرة للمملكة العربية السعودية وتحديداً شمال المملكة وأجزاء من سوريا يجعل الأمر محل انتباه وقلق كبير.
اقتطاع «سيناء» وتحويلها إلى «منطقة حكم ذاتى للبدو».. وتغيير حدود السعودية.. وتقسيم العراق وسوريا.. وإنشاء دولة للأكراد وتوسّع الأردن
ومن ضمن عدد من الأوراق البحثية أُلقى رأى على منتدى «فكرة» الخاص بمعهد واشنطن وجاء فيه نصاً: «عاد الحديث حول سيناريوهات إعادة ترسيم خرائط المنطقة، ومنها سيناريو (الأردن الكبير) إلى التداول فى الأوساط السياسية العربية والغربية بعد الإخفاقات المتتالية للحل السياسى فى سوريا، وظهور مؤشرات على انهيار العملية السياسية فى العراق؛ وهو ما عزّز وجهة نظر مسئولين من عدّة دول قالوا إنه لم يعد بالإمكان الاحتفاظ بالعراق وسوريا مُوحّدين، وإن حالة الفوضى والصراع فى المنطقة تقتضى طرح خيارات جديدة لإحداث توازنات إقليمية، أو إيجاد مخارج للأزمات التى وصلت إلى أفق مسدود. وبموازاة الحديث عن (الأردن الكبير)، عادت إلى السطح مرّة أخرى أطروحة (الكونفيدرالية) بين الأردن والضفة الغربية، التى تم نبذها فى الماضى كرؤية فاشلة لاتفاقية (سايكس - بيكو)، وأصبحت محل اهتمام الفاعلين الدوليين الذين يبحثون عن حلول لمواجهة حالة عدم الاستقرار فى بلاد الشام، واستمرار حالة الانقسام الفلسطينى، وتنامى احتمالات انهيار السلطة الوطنية الفلسطينية».
وقد نفت الأردن رسمياً وجود أيّة نوايا للتوسُّع الجغرافى على حساب دول الجوار، نظراً لأن هذا الخيار يضع القيادة الهاشمية فى عدة إشكالات فنية معقدة على المستوى السياسى والاقتصادى والاجتماعى، ومع ذلك فإن مزيداً من التكامل، إن لم يكن الاستيعاب التام، ستكون له مبرراته ويمكن مناقشته لا سيما فى ظل عدم وجود بدائل قابلة للتطبيق.
يُعبّر سيناريو «الأردن الكبير» عن تفكير استراتيجى عميق ومتراكم، يُعززه شعور عام بأن إخفاق نموذج الدولة وحالة التفسُّخ فى الهوية الوطنية فى العراق وسوريا سيجرّ المنطقة إلى فوضى طويلة الأمد؛ فقد أثبتت التجربة العملية فى العراق أن أشكال الوحدة الممكنة، والتوافق على قاعدة «المُحاصصة» لم تعد حلولاً مُجدية، وليس الحال بأفضل من ذلك على الجانب الفلسطينى؛ فحالة الانقسام مستمرة. وفى ظل الأزمات التى تفتك بسلطة الرئيس محمود عبّاس، لا مبالغة فى القول إن انهياراً وشيكاً لهذه السلطة أصبح غير مستبعَدٍ، إن لم يكن مُتوقّعاً.
ويسود انطباع فى الشرق الأوسط بأن فكرة توسُّع الدّور الأردنى هى محل ترحيب أمريكى وإسرائيلى، وذلك على اعتبار أن الأحداث الحاصلة فى المنطقة تُشكِّل فرصة جيواستراتيجية مهمة لضمان أمن مستدام لإسرائيل، وأن «الأردن الكبير» يُمثّل أحد الخيارات الممكنة لتحقيق هذا الأمن، وعلاوة على ذلك فإن مخطط الأردن الكبير يقدم بديلاً أكثر ملاءمة من خطة «الوطن البديل» التى تتبناها دوائر بعينها فى إسرائيل، والتى تلزم الأردن بتحمل المسئولية لإعادة توطين فلسطينيى الشتات داخل حدودها.
كما يُنظَرُ إلى التشكيل الجديد للمنطقة باعتباره مخرجاً للإدارة الأمريكية المقبلة، التى يمكن أن تقوم بإعادة تشكيل الشرق الأوسط كوسيلة للخروج من الأزمة الراهنة التى تمر بها البلاد، وقد يُعتبر مشروع «الأردن الكبير» مريحاً لروسيا أيضاً، لتناسقه مع التزاماتها الأمنية تجاه إسرائيل، وعدم تعارضه مع المصالح الاستراتيجية الروسية.