الحب الصامت: «حسن» و«بوشى» حب من أول حادثة
«حسن» و«بوشى» لا يفترقان طوال اليوم
اقترب من قضبان السكة الحديد، لا يدور شىء بخاطره سوى اللحاق بأصدقائه، كى يشاركهم جولتهم الأسبوعية فى كرة القدم التى شغف بها منذ طفولته، اخترق محطة السكة الحديد وصافرة القطار تعلو، لكنه أصم غير منتبه، فيستكمل سيره وإذا بالقطار أمامه، سقط أرضاً مستسلماً للموت، لكن القدر كان رفيقاً به حين منحه فرصة أخرى للبقاء على قيد الحياة، لكن بلا ساقين.
غادر «حسن محمد» المستشفى على كرسى متحرك والدموع تغمر وجنتيه، ظن أن الحياة قد انتهت، فقرر أن يعيش بمفرده، على أمل أن يجد راحة فى عزلته، مضى أسبوع وما زال «حسن» فى صومعته، لكنه لم يستطع أن يقاوم هذا الظلام طويلاً، فأسرع بالخروج زاحفاً على الأرض، أثناء جولته حول منزله، وجد كلباً صغيراً يجلس بمفرده، فقرر أن يتبنّاه: «كان حزين ورجله مقطوعة زى حالاتى، كأن ربنا بعته هدية ليا علشان يصبّرنى، ربيته وكبرنا مع بعض وبقى أغلى حاجة فى حياتى».
10 سنوات مضت على لقاء «حسن» وكلبه «بوشى»، مما شجع الشاب الثلاثينى على العيش كغيره من المواطنين، وفقاً لما سرده بلغة الإشارة، وتولى ترجمته شقيقه الأصغر: «اتجوزت 2 وخلفت من الأولى (سمر) عندها 9 سنين، و(أدهم) 8 سنين، وبيتعلموا ونفسى يطلعوا حاجة كبيرة». يبدأ «حسن» و«بوشى» يومهما فى الـ6 صباحاً، فيتوجهان إلى الجراج المجاور للمنزل، الذى يتكسّب منه رزق يومه: «باركب على المكنة بتاعتى وباغسل العربيات، و(بوشى) بيساعدنى ويسلينى، أنا وهو اتحدينا الظروف وعيشنا زى أى اتنين بصحتهم، رغم الإعاقة». يقطن «حسن» فى شقة صغيرة بمنطقة شبرا الخيمة برفقة زوجتيه وأولاده، ينتهى يومه بعد منتصف الليل، ويعاود أدراجه إلى المنزل برفقة «بوشى»، ويغرقان فى سُبات عميق وسط العائلة الكبيرة: «(بوشى) هو كل حاجة فى حياتى، قصة الحب الحقيقية اللى عشتها».