«الوطن» تفتح ملف أباطــرة الاحتكــار: الغلاء الفاحش للسلع الحيوية
فلاحين خلال جمع المحاصيل
من السكر إلى الأرز والقمح والذرة والزيت والأسمدة، مروراً بأسطوانات الغاز والسجائر، وليس انتهاء بأخطر ما يحتاجه إنسان وهو الدواء أو المحلول الطبى، لا توجد سلعة ننتجها فى مصر أو نستوردها، إلا ولها «بارون» أو مجموعة «بارونات» يملكون كل مفاتيح إتاحتها أو حجبها أو تعطيش السوق منها، ويحتكرون تحديد سعرها، ودائماً لديهم الأسباب الجاهزة لرفع السعر وتحقيق أرباح طائلة.
فى الشهور القليلة الماضية فاقت الاحتكارات والأرباح التى تحققها كل تصور، واستعصى هؤلاء «التجار البارونات» على كل أجهزة الدولة التى وقفت عاجزة تماماً عن تقديم تفسير مقنع للغلاء الفاحش الذى ضرب أسعار السلع المنتجة محلياً والمستوردة فى آن واحد، وأصبح واضحاً لكل مراقب أو مهتم أن أباطرة السلع والأسواق هم «الجماعة» الأقوى تنظيماً ونفوذاً فى مصر، وأنهم وحدهم القادرون على فرض قانونهم الذى لا يتبدل: إما تحقيق أرباح طائلة وظالمة من الاتجار بكل سلعة، وإما إخفاء السلعة وتعطيش السوق وزيادة الاحتقان الاجتماعى.
نعم، قوة التنظيم هى مفتاح العثور على أسباب وأسرار ظاهرة الغلاء الفاحش، فكبار التجار هم المسيطرون على مجالس إدارات الاتحاد العام للغرف التجارية، واتحادات الغرف الإقليمية، واتحاد الصناعات، وهم فى الوقت ذاته أعضاء مجالس إدارات المجالس السلعية التصديرية وجمعيات رجال الأعمال، ومجالس الغرف التجارية المصرية الأجنبية المشتركة، وهم الذين يملكون الكلمة الأولى والأخيرة فى تمرير أى مشروع قانون يحقق مصالحهم، وتعطيله إذا اقترب من هذه المصالح، كما أنهم الأسرع وصولاً إلى مراكز صنع القرار والتأثير فيها بكل ألوان الضغط من التهديد إلى الرشوة، ومؤخراً تطورت أساليب الضغط لتصل إلى مقاطعة 3 مناقصات طرحتها وزارة التموين لاستيراد القمح الخالى من «الأرجوت»، ثم الإسراع بدخول المناقصة الرابعة بعد تراجع مجلس الوزراء عن شرط الخلو من الأرجوت!
«الوطن» -عبر حلقات متتالية- تفتح ملف احتكارات السلع الضرورية سلعة سلعة، وترصد بالأرقام والشهادات وآراء الخبراء موقف مصر من كل سلعة إنتاجاً واستيراداً، وتحاول الكشف عن دور «الدولار» فى ارتفاع أسعار بعض السلع، وعن دور الاحتكارات فى استخدام أزمة «الدولار» لحصد أرباح مضاعفة غير مبررة، وعن دورها الأهم فى التلاعب بسلع منتجة محلياً لا يصلح الدولار سبباً فى اختفائها أو مضاعفة أسعارها خلال فترة وجيزة.
كما تكشف «الوطن» عن الثغرات الخطيرة التى استغلها كبار التجار لتحقيق أقصى ربح من كل سلعة، مثلما يحدث فى سوق السكر، حيث تمنح الدولة تجاراً محددين موافقات لاستيراد السكر الخام وتكريره لطرحه فى السوق المحلية، وما إن ترتفع أسعار السكر عالمياً حتى يسارع هؤلاء التجار إلى إعادة تصدير ما استوردوه للأسواق العالمية للاستفادة القصوى من عائدات فارق سعر الدولار فى السوق السوداء عن السعر الرسمى.
ثم تكتمل الحلقة الجهنمية بتعمد تعطيل مصانع الدولة المملوكة للوزارات المعنية بتوفير كل سلعة، والانفراد بتحديد أسعار المنتجات المحلية لتعظيم فاتورة الاستيراد لمجرد أنها تحقق أرباحاً مضاعفة لحفنة من التجار..
فإلى «الحلقة الأولى» من حلقات ملف «أباطرة الاحتكار».